تعا تفرج

أهل قرية البل يستجيرون

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

خبر طريف، نُشر على شكل فيديو قصير، فيه سكان قرية البل، التابعة لاعزاز بالريف الشمالي، يطالبون “الجبهة الشامية” بإقامة حاجز أمني، بسبب انتشار العصابات التي تسطو على الممتلكات بالقوة، في وضح النهار. وإمعانًا في الطرافة، يقول الرجل الذي يتحدث في الفيديو، إن عمل التشليح هذا، يتناقض مع مبادئ ثورتنا التي قامت لأجل التخلص من عصابة الأسد، وتسعى لتحقيق العدل والحرية…

الحقيقة، إن إقامة الحواجز الأمنية هو شأن يختص به نظام الأسد، دون غيره من الأنظمة العربية، أو العالمية، فمنذ الثمانينيات، اعتدنا، نحن الذين عاصرناه، أن يظهر لك الحاجز فجأة، في أي طريق كنت تسلكه، وهذا ما خلق حالة جديدة، وهي أن الواحد من أبناء شعبنا الذي نصفه بأنه حر، أبي، عظيم، صامد، يجب أن يدرب نفسه على إرهاف السمع والبصر عندما يسافر بسيارته، في الليل خصوصًا، لأنه إذا لم ينتبه إلى ضوء البيل الذي يرسله أحد أفراد الحاجز، أو لعبارة “قف” التي يطلقها، فلا شيء يمنع من أن يلعلع صوت الرصاص، وأزيزه، حول السيارة، أو وراءها، وعلى الرغم من حالة الرجفان التي تنتاب يدي السائق وساقيه، بسبب الذعر، يجب عليه أن يطب الأنرييه، ويرجع نحوهم، وإذا طلبوا منه الترجل، ينزل ويرفع يديه إلى الأعلى مثل الأسير، وإذا اكتفوا بتشليحه أمواله وممتلكاته، يتنفس الصعداء ويتابع سفره، حامدًا الله شاكرًا لأنهم تركوه على قيد الحياة، وبعدما انطلقت ثورتنا، التي يسميها صاحب الفيديو عظيمة، كثرت الحواجز في مناطق النظام، وبدأ الضباط الذين يشرفون على الحواجز يصلون، ويبوسون الأرض ويشكرون الله على نعمة الحواجز، لأن الحاجز الواحد، لا أخفي عليكم، أحسن من بئر نفط، ويا ليتك تتخيل كيف كان كل سائق سيارة ركاب يجمع من كل راكب خمسمئة ليرة، قبل الوصول إلى الحاجز، وحينما يصل يمد يده من الشباك، ويناول العنصر رزمة الخمسميات، وأن هذا المبلغ صار يكبر، مع ارتفاع سعر الدولار، حتى تجاوز ثلاثة آلاف ليرة على الرأس، وأما نحن، جماعة الثورة، فلم نقم الحواجز من أجل الخمسميات، ولكن لمكافحة ما عُرف باسم “الشبيحة”، وبعد مرور زمن، لم يبقَ في مناطقنا أي نوع من “الشبيحة”، ومع ذلك أقمنا الحواجز، لكي يقول كل قائد جماعة مسلحة، شوفوني، أنا هون، وأما اللصوص الذين سرقوا كل ما وقع تحت أيديهم، ثم التفتوا إلى “التَجْويل”، أي خطف رجل مدهن (زنكين)، ووضعه في طابون السيارة، وإخفاؤه، ثم المطالبة بفدية يذكر فيها اسم ملايين، فهؤلاء لا يهتمون لأي نوع من الحواجز، ويكفي العنصر الجالس على الحاجز أن يرى سيارتهم القادمة نحوه، مدججة بالأسلحة، وعلى أحد جانبي “البيك آب” اسم الفصيل، ليعرف أن هؤلاء ما معهم لعبة، فيفتح لهم الطريق، ويقول: حي الله الشباب، فيمرقون من الحاجز دون أن يتمكن أحد من معرفة ما يوجد لديهم من مسروقات.

جملة صغيرة أحب أن أقولها لأهل قرية البل: أنا أصدق أن لديكم حرامية ومشلحين، ولكن، هل أنتم متأكدون من وجود ثورة؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة