قمح درعا.. تأخير تسليم وبدائل جزئية غير منصفة للفلاح

فلاحون يحصدون القمح عبر "الدرّاسة" بعد جمعه بشكل يدوي- 8 من حزيران 2022 (عنب بلدي)

camera iconفلاحون يحصدون القمح عبر "الدرّاسة" بعد جمعه بشكل يدوي- 8 من حزيران 2022 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

مع بداية تسليم الفلاحين  القمح للمؤسسات العامة في محافظة درعا، جنوبي سوريا، تصطف السيارات المحملة بالقمح ضمن طوابير طويلة أمام مركز تسليم الحبوب في مدينة إزرع، شمال شرقي المحافظة، وأمام صوامع مدينة الصنمين في ريف درعا الشمالي.

في الوقت نفسه، يشكو بعض الفلاحين في درعا من صعوبات تتعلق بأجور النقل، وخصم الكميات، والانتظار أمام المركز لأيام متتالية، ما يدفعهم لبيع القمح للسوق المحلية بسعر 2600 ليرة سورية، بينما تستلمه المؤسسة بأقل من هذا السعر نظرًا لإجراءات التصنيف المتبعة من قبلها.

روتين مؤسساتي

ينحصر تسليم الحبوب في درعا بمركز المؤسسة العامة لإكثار البذار في مدينة إزرع ومركز صوامع الصنمين، مع بلوغ ذروة حصاد القمح في المحافظة في حزيران الماضي، واستمرارها خلال تموز الحالي ما خلق حالة ازدحام كبيرة أمام المركزين.

خالد (40 عامًا) مزارع لديه نحو 50 دونمًا من القمح في منطقة زيزون في ريف درعا الغربي قال لعنب بلدي إنه ورّد سيارة تحمل ثمانية أطنان من القمح، لـ”إكثار البذار” في إزرع، وانتظر أربعة أيام حتى بلغه دور التسليم.

واعتبر المزارع أن الروتين يعيق عمليات التسليم إذ لا تتسلم المؤسسة أكثر من 100 سيارة يوميًا، مطالبًا بفتح أكثر من مركز للتسليم لتفادي التأخير في أخذ العينات (ما يعرف بالجرم) لإعطاء درجة الجودة وإفراغ الحمولة، بدلًا من انتظار الفلاحين لأوقات طويلة.

وأوضح خالد، أن كثيرًا من الفلاحين ينحصر تصنيف القمح الذي يلسمونه بالدرجة الثالثة، فلا يتجاوز سعر الكيلوجرام بهذه الحالة 2500 ليرة سورية (26سنتًا من الدولار الأمريكي) ما دفعه لعدم تسليم كامل إنتاجه، إذ فضل بيع نصف المحصول للسوق المحلية.

وحددت حكومة النظام سعر شراء القمح بـ2500 ليرة للكيلوغرام للموسم الحالي، بالإضافة إلى مكافأة 300 ليرة في حال اعتبار القمح من النوع الأول، بينما ينخفض السعر مع انخفاض تصنيفه في مركز التسليم.

وحددت حكومة النظام سعر شراء القمح في العام الحالي أقل من الموسم الماضي (2000 ليرة للكيلوغرام)، بالمقارنة بسعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة حينها (نحو 3800 ليرة)، بينما تخطى سعر صرف اليوم، الأربعاء، عشرة آلاف و400 ليرة، مقابل الدولار الواحد، وفق موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات.

الأجور عائق

رغم أن مدينة إزرع تقع في منطقة متوسطة في المحافظة، لا تبعد أكثر من 50 كيلو مترًا عن كافة مناطق درعا من الجهات كافة، إلا أن أجور النقل شهدت ارتفاعًا هذا العام بعد غلاء المازوت إذ وصل سعر الليتر 7500 ليرة سورية، كما يسبب الانتظار الطويل أمام المركز  عطالة عمل للمركبة، ما دفع سائقي السيارات طلب أجور مرتفعة، وعلى سبيل المثال أجرة السيارة (تحمل 20 طنًا) من حوض اليرموك أقصى ريف درعا الغربي إلى إزرع، تبلغ نحو مليون ليرة سورية.

ويرتفع الأجر في حال الذهاب لصوامع الصنمين والتي تبعد عن مركز محافظة درعا 60 كيلومترًا.
وتصل أجرة السيارة التي تحمل 10 أطنان، 500 ألف ليرة سورية بمسار من ريف درعا الغربي حتى مدينة ازرع المركز الرئيسي للتسليم.

حسين (30عامًا) مزارع لديه 30 دونمًا مرزوعة بالقمح في ريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إن تكلفة نقل الطن  50 ألف ليرة، فضلًا عن الانتظار وتأجيل تسليم ثمن القمح لنحو عشرة أيام، ما يجعل البيع للسوق المحلية أكثر ربحية للفلاح، لكن تعهده الخطي والحرص على مواصلة استلام مخصصات المازوت والأسمدة دفعه لتسليم قسم من إنتاجه لمركز إزرع الحكومي.

ويتراوح إنتاج الدونم لهذا الموسم ما بين 300 و500 كيلوغرام في أراضي السقي، بينما تشهد الأراضي البعلية تراجعًا بالإنتاج، إذ لم يتجاوز مردود الدونم 100 كيلوغرام، وفق رصد مراسل عنب بلدي من فلاحين في درعا.

تحت الضرورة

رغم أن بيع القمح للتجار في السوق المحلية اكثر ربحية وأقل عناءً إلا أن الفلاحين يضطرون لتسليم الإنتاج لـ”المؤسسة العامة للإكثار البذار”، للاستفادة من المازوت والأسمدة المقدمة للفلاحين.

وقال عضو جمعية فلاحية في درعا، طلب عدم ذكر اسمه، إن المؤسسة تتعاقد مع الفلاحين، وتقدم لهم الأسمدة والمازوت مقابل تعهد خطي من قبل المستفيد لتسليم الانتاج للمؤسسة.
وخصصت مديرية زراعة درعا ليتري مازوت لكل مرة يسقى فيها كل دونم قمح أو شعير بسعره المدعوم، (800 ليرة سورية لليتر الواحد).

وقال قاسم (30 عامًا) ولديه 20 دونمًا من القمح في حوض اليرموك، بريف درعا الغربي، إنه يتخوف من حرمانه من استلام المازوت والسماد في الموسم المقبل، إذا لم يسلم القمح لـ”إكثار البذار”.

وأضاف، أنه تعاقد مع المؤسسة منذ بداية الموسم، مقابل البصم والتوقيع على تعهد خطي بتسليم المحصول للمؤسسة العامة، وأن المؤسسة باعت كيلوغرام البذار للفلاحين بسعر 3000 ليرة سورية، بعدما اشترت المحصول بسعر 2500 ليرة سورية.

من جهته، ذكر مدير زراعة درعا، بسام الحشيش، أن المساحات المزروعة بالقمح في المحافظة تبلغ 81 ألفًا و110 هكتارات، وبلغت المساحات المحصودة حتى منتصف حزيران 5800 هكتار.

وقال الحشيش، إن المديرية اتخذت كافة الإجراءات الضرورية لتبسيط عملية تسليم المحصول على الفلاحين، موضحًا أن المديرية قدمت المحروقات لعملية الحصاد، ولعمليات ري المحاصيل، بالإضافة لتقديم الأسمدة والأدوية والعمل على حماية المحاصيل من الحرائق.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة