مزارعون يبيعون بخسارة

محصول البطاطا شمال سوريا يتأثر بتذبذب الليرة التركية والتكاليف

camera iconجنى محصول البطاطا في بلدة زردنا شمالي إدلب- 25 كانون الأول 2022 (عنب بلدي إياد عبد الجواد)

tag icon ع ع ع

تعرض مزارعو المحصول الصيفي من البطاطا في الشمال السوري هذا الموسم، لخسائر كبيرة، نتيجة انخفاض سعر المبيع قياسًا لتكاليف الإنتاج المرتفعة، وغياب أسواق التصريف الخارجية، ما زاد من تحديات المزارعين في المنطقة.

يشتكي المزارع جمعة مصطو، من سكان قرية “الحلزون” شمالي إدلب، من سوء الوضع الزراعي في المنطقة، خاصة خلال موسم زراعة البطاطا، إذ يبدأ “مشوار المعاناة” وفق تعبيره، من البحث عن أرض لاستئجارها، ويستمر إلى أن يتم قلع البطاطا وطرحها في الأسواق المحلية.

وقال المزارع لعنب بلدي، إن التكاليف الباهظة لا تساعد المزارع على الاستمرار في زراعة البطاطا، فالمزارع يقضي عدة أشهر في زراعة ومتابعة المحصول، ليتعرض في النهاية للخسارة أو بأحسن الأحوال يعمل بتكلفة الإنتاج.

800 دولار للدونم

اشتكى عدد من مزارعي البطاطا لعنب بلدي، ارتفاع تكاليف زراعة البطاطا في منطقتي إدلب وريف حلب الغربي، التي تسمح أراضيها بزراعة هذا المحصول.

المزارع جمعة حاج عبدو، من قرية “ابين سمعان” بريف حلب الغربي، قال لعنب بلدي، إن ارتفاع كلف الإنتاج للبطاطا وانخفاض سعر المبيع في الأسواق المحلية، تسببا بخسائر كبيرة للمزارعين هذا العام.

وفصّل حاج عبدو تكلفة الزراعة، موضحًا أن قيمة استئجار الدونم الواحد من الأرض تصل لنحو 150 دولار أمريكي، بينما يبلغ ثمن بذاره من البطاطا 250 دولارًا، و ويحتاج من السماد العضوي “السواد ” ما قيمته 140 دولارًا، إضافة لنحو 45 دولارًا لبقية للأسمدة، ونحو 100 دولار مبيدات حشرية.

كما يحتاج الدونم الواحد حوالي 100 دولار أمريكي كأجور لقلع البطاطا من الأرض مع أكياس تعبئة، و100 دولار ثمنًا لشراء المحروقات للآليات من جرار وآلية نقل وتكاليف سقاية في حال عدم وجود الطاقة الشمسية.

ووصل اليوم سعر المازوت 17.5 ليرة تركية، وعمل الجرار لمدة ساعتين في قلع البطاطا يكلف 25 دولارًا تقريبًا، أضف لتكاليف حراثة الأرض لعدة وجوه قبل بذارها، فتصل تكلفة الدونم الواحد لنحو 800 دولار أمريكي بمعدل وسطي، يختلف من أرض لأخرى، ومن مزارع لآخر، وفق ما قاله المزارع جمعة حاج عبدو.

وأضاف، أن المزارعين باتوا يفضلون تخزين الجزء الأكبر من الإنتاج داخل البرادات، والتي تبلغ تكلفتها نحو 350 دولارًا للطن الواحد خلال ثلاثة أشهر، كما تباع البطاطا بأسواق الهال بـ3.5 ليرة تركية للكيلو الواحد، وفي المحال التجارية يتراوح ثمنها بين خمس إلى سبع ليرات تركية.

أثر تذبذب الليرة التركية

تأثرت كافة قطاعات الحياة في شمال غربي سوريا بتردي قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، إذ تعتمد المنطقة بشكل رئيس على الاستيراد عبر المعابر الحدودية مع تركيا، فتدخل البضائع بالدولار وتباع بالتركي بقيمة الدولار، ولكن أغلب مصادر الدخل للناس تكون بالليرة التركية، وخصوصًا طبقة اليد العاملة.

وساهم تراجع قيمة الليرة التركية بأضرار كبيرة لمزارعي البطاطا، بحسب المزارع جنيد العلي، معتبرًا أن أهم مشكلة تواجه المزارع، هي التصريف بين الدولار والتركي، فالعملة التركية غير مستقرة، وكل يوم تنخفض قيمتها أمام الدولار، ما يتسبب بخسائر كبيرة للمزارعين.

وقال جنيد العلي لعنب بلدي، إن ارتفاع التكاليف وقلة سعر المنتج، يدفعان المزارعين لعدم بيع كامل المحصول للسوق في هذا الوقت، ويضطرهم لاستئجار براد بتكلفة عالية لحفظ البطاطا من التلف.

المزارع جمعة مصطو، أكد أن شراء مستلزمات زراعة البطاطا من مبيدات وبذار وأسمدة يتم بالدولار، أما بيع المحصول فيكون بالليرة التركية، وهذا ما يجعل الربح “مستحيلًا”، وفق قوله.

عمال يقلعون البطاطا في بلدة زردنا بريف ادلب - 26 من كانون الأول 2022 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

عمليات جني البطاطا في بلدة زردنا بريف إدلب – 26 من كانون الأول 2022 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

الجودة وامراض المحصول

المهندس الزراعي، محمد كرنازي، صاحب صيدلية زراعية في سرمدا شمالي إدلب، قال لعنب بلدي، إن أهم التحديات التي تواجه زراعة البطاطا في المنطقة، تتمثل بإصابة المحصول ببعض الأمراض الوبائية مثل العفن والجرب.

وأضاف المهندس، أن لسوء التخزين دور في تردي جودة المحصول الذي يختلف إنتاجه من مزارع لآخر، بحسب الخدمة المقدمة للأرض، من أسمدة ومبيدات وسقاية وجودة بذار، كما أن لتغير الأحوال الجوية والمناخ أثر على حجم الإنتاج وجودة المحاصيل.

وتعد مادة البطاطا مكونًا أساسيًا في السلة الغذائية لسكان شمال غرب سوريا، وتساهم في تحقيق الأمن الغذائي للمنطقة، وبلغ حجم إنتاج البطاطا خلال العام الحالي نحو 36 ألف طن بمساحة مزروعة تقدر بـ1300 هكتار، وفق بيانات صادرة عن مديرية الزراعة في مدينة إدلب.

وتشكل الزراعة في سوريا  17.6 % الناتج المحلي الإجمالي في سوريا حسب تقديرات عام 2010، ويعمل في القطاع الزراعي نحو 17% من مجموع قوة العمل أي قرابة 900 ألف عامل.

محصول البطاطا معبأ بأكياس مجهز للبيع في بلدة زردنا بريف ادلب - 26 من كانون الأول 2022 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

محصول من البطاطا معبأ بأكياس مجهزة للبيع في بلدة زردنا بريف إدلب – 26 من كانون الأول 2022 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

أصناف جديدة

دخلت أصناف جديدة من البطاطا لمنطقة شمال غرب سوريا، مثل “اليجرا- كفاكس – بتك”، إضافة الى الأصناف الأوربية (اريزونا- سيمرحي- مونتريال).

وبحسب جنيد العلي، وهو مزارع من قرية “ابين سمعان” غربي حلب، التي تشتهر بزراعة البطاطا، فإن الأصناف الرائجة في منطقته في ريف حلب الغربي هي ” اريزونا – اليجرا- سيمرحي “، موضحًا أن صنف “اليجرا” يصلح للقلي، ويفضله المستهلكون على غيره من الأصناف. 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة