للصحفي.. مواصفات لا بد منها

tag icon ع ع ع

علي عيد

يمكنك أن تحصل على أعلى العلامات في كلية أو معهد للصحافة، وليس شرطًا أن تكون صحفيًا بعد التخرج، وهو ما يفسر الجدل الحاصل حول من يحق له أن يعمل في هذه المهنة الشائقة والمعقدة في ذات الوقت.

كثير من الوجوه البارزة في عالم الصحافة جاؤوا من قطاعات أخرى، لكن ذلك لا يعفي من يرغب في دخول بلاط “صاحبة الجلالة” من أن يطور أدواته وقدراته وثقافته، وأن يعزز قدرته الشخصية على الانسجام مع هذه المهنة وتحمّل تحدياتها وقلقها المستمر.

تضع مدارس الصحافة، ومنها المعهد الأوروبي للصحافة، عددًا من القواعد الصارمة والصفات على الشخص التأكد من تطبيقها وامتلاكها حتى يكون صحفيًا.

ثلاثة أقسام لتلك القواعد والمواصفات، هي الشخصية والمهنية والتقنية، وتحت كل واحد منها تندرج اشتراطات ونقاط أساسية.

الصفات الشخصية:

– الفضول: على الصحفي أن يتحلى بالفضول، إذ تعتبر هذه الصفة المحفز الأول لمتابعة كل ما هو حولك، وفهم أسبابه، وحب المعرفة والاطلاع والمحاكمة والتتبّع، ودون الفضول ستنتهي أي قصة تمر أمامك بما يظهر من جزئها المكشوف، دون تفاصيلها العميقة.

– الشغف: إذا لم تكن شغوفًا بالصحافة فلن تستطيع التطور، ويمكن أن تبقى مجرد موظف يضع بصمتَي الدخول والخروج، وينفذ مهام تقليدية كما لو كان موظف أرشيف، كما أن الشغف يحفزك على تطوير المعرفة والأدوات.

– القدرة على الاستماع والتبادل والفهم: لتكون صحفيًا ناجحًا يجب أن تكون مستمعًا جيدًا، فأنت مطالَب بتحليل ما سمعته وإعادة ربطه منطقيًا، وكذلك حسن التعامل مع شهودك وضيوفك في الحوارات والاستطلاعات والشهادات من مكان الحدث.

– الصرامة: لا بد للصحفي أن يكون شديد الصرامة في مواعيده، وأداء مهماته على أكمل وجه، والالتزام بقواعد المهنة في كل مفاصلها، أخلاقيًا وبروتوكوليًا ومهنيًا.

– الإبداع: عليك دائمًا أن تفكر بما هو مختلف في لغتك وأدائك، وأن تكون قادرًا على ابتكار أساليب جديدة في الحصول على المعلومة أو إيصالها، غالبًا ما يبدأ الصحفيون حياتهم المهنية على قاعدة “قلّد ثم طوّر”.

– ثنائي أو متعدد اللغات: ليس مقبولًا في عصر بات فيه العالم قرية صغيرة أن تكتفي بلغتك الأم، وخصوصًا للصحفيين العاملين في بيئات أو مجتمعات أو دول تتحدث لغات غير منتشرة. اللغة الثانية تساعدك على التعامل مع مصادر مختلفة، كما تمكنك من مخاطبة مجتمعات وجمهور أوسع، وكذلك وصول رسالتك إلى أماكن أبعد، القصة العالمية هي محلية بالأصل، لكن تحتاج إلى من ينقلها، واللغة مرتبطة أيضًا بالقواعد والمواصفات المهنية.

– معرفة شيء عن كل شيء: يصف بعض الأكاديميين الصحفي بأنه “جامعة مصغّرة”، إذ لا بد أن يكون ملمًا بمختلف العلوم أو القطاعات، فهو قد يحتاج إلى معلومات من الجغرافيا والتاريخ والرياضيات والفن والسياسة في موضوع واحد، وهذا مرتبط بسعة اطلاع الصحفي ومواكبته لكل ما يدور من حوله.

المواصفات المهنية:

– اللغة السليمة: يجب أن تجيد الكتابة وقواعد اللغة، وأن تنطق بها جيدًا، ودون ذلك ستكون بحاجة إلى محرر صياغة خلفك، كما أنك قد لا تحظى باحترام الجمهور إذا كنت ستظهر على التلفزيون أو الإذاعة أو منصات وسائل التواصل.

– التحرير الصحفي: لا يكفي أن تكون لغتك سليمة، فالمطلوب أيضًا أن تجيد أساليب التحرير الصحفي، وأن تفرق بين لغة الخبر ولغة التحليل أو التحقيق أو عمود الرأي.

– معرفة بقواعد المهنة: يجب أن تكون متمكنًا من القواعد المهنية والأخلاقية للصحافة، وعلى معرفة تامة بها.

– التحليل والفكر النقدي العميق: على الصحفي أن يتحلى بالتفكير النقدي، والتحليل العميق للظواهر، فهي مواصفات أساسية للخوض في موضوعات وتحقيقات معقدة، والشك في أي معلومة هو جزء من التفكير النقدي التحليلي.

– التمكن من النزول إلى الميدان: الصحفي ليس موظفًا مكتبيًا يلبس بدلته الرسمية وربطة العنق ويجلس على كرسيه خلف الطاولة طوال الوقت، وغالبًا ما يشكّل الميدان اختبارًا حقيقيًا للصحفي، فهو يظهر قدرته على التواصل وجلب المعلومة ومعاينة الحوادث على الأرض.

المهارات التقنية:

– التعامل مع التكنولوجيا الحديثة: على الصحفي أن يكون قادرًا على التعامل مع محركات البحث وأدوات الدعم التكنولوجي، وأن يطور دائمًا من أدواته، وأن يواكب أحدث التقنيات المرتبطة بعمله، ومثال ذلك امتلاك مهارة التعامل مع صحافة البيانات والخرائط والصور.
– إتقان المهارات المرتبطة: يجب على الصحفي أن يكون متمكنًا من المهارات المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بعمله اليومي، إذ يجب أن يكون مصورًا جيدًا يتقن التقاط الصورة وزواياها وكادرها، وأدوات تسجيل الصوت، وحفظ الملفات، وكذلك كيفية التعامل مع أدوات الاستوديو أو قواعد النشر الإلكتروني أو المطبوع ومتطلباته.

دخلت مهنة الصحافة خلال السنوات الأخيرة مرحلة المهمات المتعددة (Multitask)، وليس السبب تقنيًا أو مهنيًّا فحسب، فوسائل الإعلام تميل إلى استقطاب صحفيين قادرين على تنفيذ دورة إنتاج كاملة، من لغة سليمة، وتحرير جيد، وأداء صوتي مناسب، وتصوير، وتنفيذ معالجة الصور، والنشر.

وتذهب كثير من وسائل الإعلام، إضافة إلى ما سبق، إلى تدريب الصحفي على المونتاج ومعالجة الأفلام والفيديوهات… الصحافة مهنة شائقة لكنها صعبة ومتطلِّبة.. وللحديث بقية.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة