بعد رفع الأقساط دون ضوابط

طلبة سوريون يتخلون عن أحلامهم الجامعية في تركيا

camera iconجامعة آيدن اسطنبول الخاصة 23 من حزيران 2023-(جامعة آيدن اسطنبول/فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – براءة خطاب

“لم أعد قادرة على دراسة الطب البشري، تكاليفها السنوية تفوق قدرة أسرتي المادية”، هكذا لخصت الطالبة السورية ميس (18 عامًا) أسباب عزوفها عن دراسة الطب في تركيا.

وقالت ميس لعنب بلدي، إن أقساط الجامعات الحكومية التركية منذ 2013 كانت تشجع الطلاب السوريين على الدراسة وتعفيهم من الأقساط، كما كانت تخصص مبالغ رمزية لكل طالب تتراوح بين 300 و800 ليرة تركية، لكن الجامعات منذ 2020، أعادت فرض الأقساط على الطلاب السوريين، كبقية الطلاب الأجانب في تركيا.

وباتت الأقساط تشكّل عقبة أمام الطلاب السوريين، وتضيّق خياراتهم في التسجيل ضمن الفروع التي يفضّلونها، وسط حالة من العجز لدى أغلبيتهم، خصوصًا أنهم تحت بند “الحماية المؤقتة”.

وأضافت ميس، المقيمة في مرسين، أنها لن تستطيع تحقيق حلمها بدراسة الطب البشري، رغم اجتيازها امتحان “اليوس” (امتحان خاص بالطلاب الأجانب من أجل قبولهم في الجامعات التركية).

ولفتت الطالبة إلى أن شقيقتها التي تكبرها بسنة تدرس في نفس الكلية بجامعة “مرسين” (Mersin)، ولا تستطيع العائلة تحمل نفقة دراستهما معًا بعد ارتفاع الرسوم.

ولا يقتصر ارتفاع الأقساط على المستجدين، بل يشمل الطلبة الذين يمتلكون قيودًا جامعية سابقة، ما خلق حالة تخبط في أوساط الطلاب وأرهقهم، تبعًا لاختلاف الجامعات الحكومية والخاصة وشروط القبول والرسوم في كل منها.

وارتفعت الأقساط بشكل كبير، وفق ميس، فقسط فرع الطب في جامعة “مرسين” لسنة 2023 ارتفع من 87.5 ألف ليرة تركية إلى 110 آلاف ليرة (ما يعادل 4075 دولارًا أمريكيًا) تشمل فقط الطلاب الذين سجلوا في العام الدراسي 2022- 2023.

وبالنسبة لطلاب العام الدراسي المقبل، ارتفعت الأقساط لتصل إلى نحو 150ألف ليرة تركية (ما يعادل 5555 دولارًا أمريكيًا).

وارتفعت الأقساط الجامعية بشكل تدريجي منذ 2020، عقب قرار إلغاء إعفاء الطلاب السوريين من الأقساط الجامعية، وبلغ قسط فرع الطب في جامعة “كوجالي” 150 ألف ليرة تركية، و100 ألف ليرة لطب الأسنان، و50 ألف ليرة للهندسة، في حين أن تكاليف دراسة الهندسة قبل إلغاء الإعفاء لم تكن تتجاوز421 ليرة تركية.

الطالبة ميرا قالت، إنها درست “اليوس” لمدة سنتين بنية دخول فرع الطب، وبعد حصولها على علامة عالية في السنة الثانية، بدأت الجامعات بإعلان إلغاء الإعفاء عن الطلاب السوريين.

وبسبب الأقساط المرتفعة، قررت ميرا دراسة هندسة الحاسوب بدلًا عن الطب، وهي تعمل إلى جانب دراستها لتأمين أقساطها الجامعية، لكن الهندسة ليست الفرع المحبب بالنسبة لها، على الرغم من أنها مناسبة للعمل بعد التخرج لتوفر عديد من الوظائف، بحسب قولها.

لا آلية واحدة

علي نبهان، مستشار تعليمي في تركيا، قال لعنب بلدي، إنه لا قوانين ثابتة للجامعات الخاصة أو الحكومية في تركيا، فبعض الجامعات الخاصة أقساطها ثابتة من السنة الأولى للرابعة، وبعضها ترفع أقساطها كل سنة.

وأضاف نبهان أنه يجب على الطالب أن يسأل الجامعة الخاصة قبل التسجيل عن كيفية دفع الأقساط خلال سنوات الدراسة، وما إذا كان يشمله التغيير الذي يطرأ كل عام بخصوص الأقساط، لأن القرار في بعض الجامعات يشمل فقط أحدث دفعة، وفي أخرى يشمل جميع الطلاب في مختلف السنوات الجامعية.

وأوضح نبهان أنه لا توجد ثقة في الجامعات الحكومية والخاصة، فمن الممكن أن تقول لك الجامعة في أثناء التسجيل إن الرسوم ثابتة حتى التخرج، لكنها من الممكن أن تصدر قرارًا مفاجئًا برفع الرسوم بما يشمل الجميع، وفي هذه الحال لن يتمكن الطالب من فعل شيء، وهذا لا يعني عدم وجود جامعات تلتزم بالقرارات، لكنها قليلة.

وتختلف رسوم الطلاب الأجانب من جامعة إلى أُخرى، وفق نبهان، ومن المفترض أن تكون أقساط الطلاب السوريين مثل أقساط الطلاب الأجانب، لكن بعض الجامعات تحدد أقساطًا جامعية خاصة بالطلاب السوريين تختلف عن غيرهم من الطلاب الأجانب، وبعض الجامعات تعاملهم مثل معاملة الطلاب الأتراك، أما الطلاب الأتراك الذين يخضعون لامتحان “yks”، وهو امتحان خاص بالطلاب الأتراك يوازي تقريبًا امتحان “اليوس” الخاص بالأجانب، فتكون الأقساط الجامعية الخاصة بهم رمزية، بحسب نبهان.

وذكر نبهان أنه يمكن للطالب رفع دعوى على الجامعة في حال رُفعت الأسعار بشكل مبالغ فيه، لكنه لن يحصل على نتيجة، بالإضافة إلى أن المحاكم تأخذ “وقتًا طويلًا”، وتكاليف الدعوى والمحامي “باهظة”، ومن الأفضل أن يدفع الأقساط المطلوبة منه لأنه لن يستطيع الوصول إلى نتيجة.

موظف مسؤول في مكتب متخصص بالتسجيل الجامعي باسطنبول قال لعنب بلدي، إن الجامعات الخاصة ترفع أقساطها سنويًا بنسبة تتراوح بين 5  و10%، وهذه القرارات تُكتب ضمن الأوراق التي يوقع عليها الطالب في أثناء القبول الجامعي.

الموظف الذي رفض ذكر اسمه أو اسم مكتبه، تجنبًا للضرر حسب قوله، ذكر أن بعض الجامعات تقدم عروضًا للطالب مثل إعطائه موعدًا للدفع، وإذا التزم الطالب بهذا الموعد لا يشمله قرار رفع القسط.

ووجه المكتب سؤالًا لإحدى الجامعات الخاصة حول رفع الرسوم بشكل مفاجئ، بحسب ما قاله الموظف، لتجيبه أن هذه القرارات تُكتب في أوراق القبول، إذ يحق للجامعة رفع الأقساط بالسنوات التالية، وتحتفظ بنسخة وتعطي نسخة أخرى للطالب، “لكن الطالب لا يقرؤها، ويأتي لاحقًا ليتقدم باعتراض على رفع الاقساط”.

القرار بيد الجامعات

يصدر مجلس التعليم العالي (YÖK) قرارات دورية لتحديد الأقساط السنوية، لكن الجامعات لا تلتزم فيه، وتعتبر أن تحديد قيمة الأقساط يعود إليها، وأن نظام التسجيل والأقساط وطرق الدفع تعتبر من النظام الخاص بالجامعة، وتختلف المعايير من جامعة لأخرى، كما يمكن للجامعة أن ترفع أقساطها سواء وافق عليها مجلس التعليم العالي أم لا، بحسب المستشار التعليمي علي نبهان.

وتواصلت عنب بلدي مع مجلس التعليم العالي، ووجهت أسئلة عن أسباب تفاوت الأقساط السنوية بين جامعة وأخرى، وعن سبب معاملة الطالب السوري كطالب أجنبي رغم أنه تحت “الحماية المؤقتة”، لكنها لم تتلقَّ ردًا حتى لحظة إعداد هذا التقرير.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة