لماذا لا تلاعب الفريق الإسرائيلي؟

tag icon ع ع ع

نشرت صحيفة “عنب بلدي” خبرًا عن رفض اللاعب السوري خالد كردغلي، المحترف في نادي الوحدات الأردني، المشاركة في المباراة التي تجمع فريقه ونادي شباب الأهلي الإماراتي، في ملحق بطولة دوري أبطال أسيا 2023، لوجود لاعب إسرائيلي في النادي الإماراتي.

الخبر أعادني، في الذاكرة، نصف قرن إلى الوراء، حينما كانت والدتي إذا رأت مني تصرفًا أحمق تقول لي: “لا تتولدن يا خطيب. صرت شَب!”. هذا الكلام، برأيي، ينطبق على شعوبنا التي يسمونها العربية، التي لا يؤثر مرور السنين والدهور على “صرمايتها”، فهي تعمل على مبدأ الله محيي الثابت! فمنذ منتصف القرن الماضي، وإلى الآن، ترى العربي العائد من سفرة إلى أوروبا يفتخر، ويتباهى بأنه التقى بيهودي، أو إسرائيلي، أو صهيوني، ورفض مجالسته، وحينما مد يده ليصافحه تركه ومشى. وإذا تأهل فريق رياضي لنا إلى تصفيات متقدمة، واضطر لأن يلعب مع فريق “الكيان الصهيوني”، يضرب بالبطولة كلها عرض الحائط، وينسحب، أو يمتنع لاعب، مثل كردغلي، عن اللعب، ويبدأ باستثمار هذا الموقف إعلاميًا، وهذا نوع من المزاودة المكشوفة، لأن كردغلي، بانسحابه، أحرج فريق الوحدات الأردني الذي قرر أن يخوض المباراة، على الرغم من معرفته بوجود اللاعب الصهيوني، وفريقَ الشباب الأهلي الإماراتي الذي اشتراه، بالإضافة إلى إدارتي الناديين، وطواقمهما الفنية والإدارية.

إذا أردنا أن ننصف اللاعب كردغلي، نقول إنه قد لا يكون مزاودًا بطبعه، ولكنه اتخذ هذا الموقف خوفًا من مزاودة الآخرين عليه، فمن المعلوم أن القسم الأكبر من أصحاب الشأن والمقام والمناصب في سوريا، لهم لقاءات مع إسرائيليين، بل ومع صهاينة، ومع ذلك يقعدون بالمرصاد لأي سوري يقع تحت الضرب، يشهرون سكاكينهم عليه، وينزلون به تجريحًا وتشطيبًا، ومن الطريف أن نذكر هنا، ما جاء في خبر “عنب بلدي” نفسه، أن رئيس الاتحاد الرياضي السوري، السباح فراس معلا، خاض منافسات كثيرة كان يشارك فيها لاعبون إسرائيليون، ومع ذلك سارع إلى فصل اللاعب فراس الخطيب من الاتحاد، لإقدامه على المشاركة في مباراة ودية استعراضية، نظّمها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وحضر فيها المدرب الإسرائيلي أفرام غرانت.

كذلك، لا بد من الإشارة إلى أن هذه الغوغائية السياسية لا تقتصر على قطاع الرياضة، بل تتعداها إلى قطاعات الفنون والأدب، وأذكر أن الفنان مهند قطيش تعرض لمثل هذا الهجوم، وكاد أن يبلغ حافة الإفلاس من كثرة ما هاجموه، زاعمين أنه كان في مكان وكان ثمة إسرائيليون، وقبل ذلك، في سنة 1995، كتب الشاعر والمفكر أدونيس مقالة عرض فيها تصوره لطبيعة الوجود الإسرائيلي في المنطقة، فما كان من اتحاد الكتاب العرب، الذي يُفترض به، نظريًا، أن يكون مدافعًا شرسًا عن حق أعضائه في التعبير عن آرائهم بحرية، إلا أن استنفر لفصله من عضوية الاتحاد، مع التشهير به، لسبب بسيط، هو أنه قال رأيه.

لا جدوى من توجيه أي كلام للنظام المستبد، إذ لا يوجد أمل في إصلاحه، ولكن، أما آن الأوان بالنسبة للشعب السوري، أن يكبر، ويعقل؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة