اللاذقية تستعد للمدرسة بـ”البالة” وإعادة تدوير الملابس

زي مدرسي للمرحلة الابتدائية في سوق "العنابة" الشعبي باللاذقية- آب 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

camera iconزي مدرسي للمرحلة الابتدائية في سوق "العنابة" الشعبي باللاذقية- آب 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

لجأت إقبال (41 عامًا) موظفة حكومية، إلى إعادة تدوير بنطالي جينز قديمين كانا لزوجها، لتصنع منهما عند الخياط بنطالين جديدين لتوأمها علي ومضر (عشر سنوات)، بعد عجزها عن شراء الجينز لهما من أجل المدرسة.

وقالت السيدة التي تعيش في قرية حميميم بريف جبلة، إن أقل ثمن لبنطال جينز وصل إلى 75 ألف ليرة سورية، أي أنها ستدفع 150 ألفًا تكلفة بنطالين، دون شراء الزي المدرسي الأزرق للمرحلة الابتدائية.

وذكرت أنها بالكاد وجدت الزي الأزرق من النوعية الرديئة بسعر 50 ألف ليرة، ومنحها البائع عرضًا بتخفيضه 5000 ليرة كونها ستشتري اثنان.

ومع ذلك العرض، قررت السيدة الاكتفاء بالزي المدرسي من العام الماضي، رغم أنه ضيق قليلًا عند الكتف، لكن الخياط يستطيع تدبر الأمر كما قالت، وأضافت “أخبرني الخياط أنه سيأخذ أجرة تبلغ 40 ألف ليرة، لإعادة تدوير البنطالين وتوسيع الزي المدرسي قليلًا”.

يتبقى أمام إقبال شراء الدفاتر بسعر 5500 ليرة للدفتر الواحد ذي الـ70 صفحة، وتحتاج أربعة دفاتر لكل من طفليها، إضافة لقلمي رصاص بسعر 5000 ليرة، وفيما يخص الحقائب، قررت شراء حقيبة مدرسية مستعملة من جارتها لطفلها مضر بسعر 25 ألف ليرة، بينما لا تزال حقيبة علي جديدة.

في السابق كان الجيران يتهادون مستلزمات أطفالهم التي لم يعودوا بحاجتها، كأن يكبروا فلا تناسبهم الملابس، أو أن ينجحوا عامًا دراسيًا، فلا تعود الحقيبة كافية، لكن اليوم وبسبب الظروف المعيشية الصعبة، فإن بيع الملابس أو الأدوات القديمة بات استثمارًا للكثير من العائلات، التي تبيع ما لا تحتاجه لشراء ما تحتاجه لأطفالها، إذ يغطي المبلغ جزءًا من الاحتياجات.

وصار الحد الأدنى للرواتب الحكومية في سوريا 185 ألف ليرة تقريبًا بعد زيادة الرواتب 100% منتصف آب الماضي، ما يعادل 14 دولارًا أمريكيًا.

الأسعار مرتفعة

في جولة على سوق “العنابة” في اللاذقية، والذي يعتبر سوق الفقراء وأرخص الأسواق الشعبية في المدينة، يبدو من الواضح أنه رغم الزحام لا أحد يشتري، فالكل يقترب ويسأل عن السعر ثم يخرج فارغ اليدين.

ويتراوح سعر الزي المدرسي داخل السوق الشعبي بين 40 و65 ألف ليرة، وسعر الحذاء بين 35 و120 ألف ليرة، والحقيبة بين 50 و200 ألف ليرة، والجينز بين 50 و150 ألف ليرة، والدفتر يبدأ من سعر 6000 ليرة وحتى 40 ألفًا، ويتراوح سعر أقلام الرصاص بين 2000 و3000 ليرة.

وبالتالي فإن كلفة تجهيز طالب ابتدائي للمدرسة، تصل لأكثر من 300 ألف ليرة، من البضائع قليلة الجودة نسبيًا مقارنة بباقي أسواق المدينة، والتي تزيد فيها كلفة التجهيز عن نصف مليون ليرة.

حقائب ومستلزمات مدرسية من أحد المحال التجارية في حي ضاحية تشرين باللاذقية- آب 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

حقائب ومستلزمات مدرسية من أحد المحال التجارية في حي ضاحية تشرين باللاذقية- آب 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

“جود من الموجود”

لا يملك محمد (39 عامًا) القدرة على شراء مستلزمات طفليه (بعمر سبع وتسع سنوات)، وقال الشاب الذي يعمل على بسطة قهوة في اللاذقية، إن الأسعار “بتجيب الجلطة”.

وقرر محمد منح طفله الصغير حقيبة وبنطلون وزي المدرسة الخاص بابنه الكبير، وشراء أخرى مستعملة من سوق “الجمعة” لابنه الكبير، علّ ما يمتلكه من مال يكون كافيًا، متأملًا بأن تكون الأسعار في سوق الجمعة أرخص قليلًا، لأن المنتجات المستعملة تعرض فيه.

“البالة” بديل مكلف

بعد طول بحث، اشترت نوال (29 عامًا)، جينزًا لطفلتها (سبع سنوات)، من سوق الألبسة المستعملة (البالة) في ساحة أوغاريت، وهو سوق شهير بأنه يضم ملابس “بالة” بأسعار مناسبة، لكن السيدة قالت إن هذا “كان زمان”، فاليوم لا يوجد ما هو رخيص إلا “السوريون وأطفالهم”.

وأضافت نوال أنها فاصلت البائع على السعر كثيرًا، حتى باعها الجينز بسعر 35 ألف ليرة، وكان يريد 50 ألف ليرة ثمنه، بحجة أنه جينز أجنبي وجيد حتى لو كان “بالة”، فهو أفضل من الصناعة المحلية، وتلك حجة أصحاب محال “البالة” حاليًا.

أمضت السيدة نهارًا كاملًا في “بالة” أوغاريت تبحث عما يناسب طفلتها، وذكرت أن سعر الجينز تراوح بين 35 و60 ألف ليرة، والحذاء بين 40 و70 ألف ليرة، لافتة إلى أنها لم تكن تملك سوى 200 ألف ليرة، أخذتها من زوجها الذي يعمل سائق “تكسي”، بينما هي خريجة معهد إدارة أعمال، ولا تعمل حاليًا.

حقائب ومستلزمات مدرسية من أحد المحال التجارية في حي ضاحية تشرين باللاذقية- آب 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

حقائب ومستلزمات مدرسية من أحد المحال التجارية في حي ضاحية تشرين باللاذقية- آب 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

الحركة شبه معدومة

وفي حديث مع أحد أصحاب المحال التجارية الذين يبيعون مستلزمات المدرسة في حي المشروع السابع بمدينة اللاذقية، قال إن الحركة شبه معدومة تمامًا، ولم يبع هذا العام سوى نحو 15% من مجمل مبيعاته في مثل هذا الوقت من العام الماضي.

وأرجع البائع السبب إلى ارتفاع الأسعار الكبير هذا العام والذي قال إنها أكثر من العام الفائت بنحو 125%.

ويشكو البائع رداءة الأنواع الموجودة، قائلًا إن هناك نوعًا من الزي المدرسي مصنوع من خيوط النايلون بالكامل، وبأنه مهما اشتدت الأحوال لن يشتري لطفله منه، لافتًا إلى أن هذا الزي ورغم رداءة صنعه يبلغ ثمنه 45 ألف ليرة، ويصف الأمر “بالجنون الذي لا حسيب ولا رقيب عليه”.

ويتفق أمين سر جمعية حماية المستهلك في دمشق، عبد الرزاق حبزة مع البائع بما يخص رداءة الأنواع وتراجع الجودة، إضافة إلى ارتفاع الأسعار عن العام الماضي.

وقال حبزة في تصريحات لصحيفة “البعث” الحكومة، إن الأسعار ارتفعت بين 100 إلى 200% عن العام الماضي، مضيفًا أن القلم الذي كان سعره بين 300 و500 ليرة، صار هذا العام بين 1500 و2000 ليرة.

وذكر حبزة أن الأنواع هذا العام رديئة جدًا، فالحقائب المدرسية عبارة عن رسومات وصور وهي حقائب مشمعة بنوعية سيئة للغاية لناحية القماش والبطانة، وهذا يعتبر غشًا، فالسعر كبير والنوعية رديئة.

اقرأ أيضًا: مستلزمات المدرسة لم تعد في متناول السوريين




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة