يتراوح بين 3 و4 ملايين ليرة في العام

قسط روضة الأطفال باللاذقية يعادل راتب الموظف لعامين

camera iconأسعار القسط السنوي لروضات الأطفال ترتفع 120% عن عام 2022- 16 من حزيران 2023 (روضة المستقبل- اللاذقية/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

اللاذقية – ليندا علي

تفاجأت ندى (32 عامًا) بارتفاع الأجر السنوي لروضات الأطفال في مدينتها اللاذقية، إذ ارتفعت رسوم التسجيل بنسبة تزيد على 120%، مقارنة بالعام الماضي.

وقالت ندى، وهي ربة منزل، إن قسط الروضة السنوي ارتفع هذا العام من 1.5 مليون ليرة سورية مع أجور النقل إلى 4.3 مليون ليرة.

لدى ندى طفلان، الأول في الثاني الابتدائي، والآخر يدخل المدرسة العام المقبل، ولا بد من تأهيله هذا العام ضمن الروضة، لكن الأم أعلنت استسلامها بعد أن سألت ثلاث روضات قرب منطقة سكنها بضاحية تشرين، التي تعتبر أحد الأحياء المتوسطة، وأقرب ما تكون لنمط حياة الأحياء العشوائية.

تراوحت أسعار القسط السنوي للروضات الثلاث بين 3.2 مليون ليرة و4.3 مليون ليرة متضمنة أجور النقل.

لا تمتلك السيدة كثيرًا من الخيارات، وقالت لعنب بلدي، “هو خيار واحد، لن أرسل طفلي إلى الروضة هذا العام، وسأحاول تدريسه وتعليمه مبادئ الكتابة في المنزل، فمن أين سأحصل على هذا المبلغ”.

أدنى قسط 2.5 مليون دون أجور نقل

للتأكد من الأسعار، تواصلت مراسلة عنب بلدي مع ثلاث روضات في مدينة اللاذقية، دون الإفصاح عن هويتها كصحفية، وحصلت على عرض من الأولى، وتقع في حي الأوقاف القريب من حي الزراعة، وبلغ قسطها السنوي 4 ملايين مع نقل، ومن دونه 2.5 مليون ليرة، وذكرت صاحبة الروضة أن القسط قابل للزيادة بحال ارتفع سعر المازوت، وأن القسط لا يشمل سعر زي الروضة الذي يبلغ 200 ألف ليرة.

والروضة الثانية في حي المشروع الأول، وهي بنظام مختلف، إذ تتقاضى رسم التسجيل على أقساط بشكل شهري وليس دفعة واحدة، بمعدل 125 ألف ليرة شهريًا دون نقل، ومع النقل يرتفع القسط الشهري إلى 525 ألف ليرة شهريًا، ويضاف إلى القسط دفع مبلغ 250 ألف ليرة ثمن قرطاسية للعام الدراسي كاملًا.

وأما الروضة الثالثة فكانت في شارع “المكاتب” بالقرب من دائرة الهجرة والجوازات، بقسط بلغ 4.3 مليون ليرة، وهو ما يعادل راتب سنتين تقريبًا لموظف حكومي.

ويبلغ الحد الأدنى من الراتب الشهري لموظفي القطاع العام في سوريا نحو 185 ألف ليرة (نحو 15 دولارًا)، وهو مبلغ لا يكفي حتى نصف قسط شهري لروضة خاصة في المدينة.

“هل نرمي أولادنا؟”

“شو نعمل، نرمي ولادنا للشارع يعني”، بهذه الكلمات لخّص مصعب (35 عامًا) عجزه عن تسجيل طفليه في روضة أطفال، إذ يعمل الشاب في مؤسسة حكومية داخل مدينة اللاذقية، إضافة إلى عمله محاسبًا في أحد المقاهي بفترة المساء، ليتكمن من إعالة أسرته المؤلفة من زوجة وطفلين بعمر الروضة.

وقال مصعب تحسرًا بلهجته المحلية، “شغل 14 ساعة باليوم تقريبًا، والواحد ما عم يقدر يشتري حتى أكله، معقول أنه بعد كل هذه الساعات الطويلة في العمل أبقى عاجزًا عن وضع طفليّ في روضة محترمة؟”.

يحصل مصعب على نحو 700 ألف ليرة شهريًا (نحو 50 دولارًا تقريبًا) من عمله الحكومي وعمله في القطاع الخاص، وهو رقم لا يكفي العائلة حتى طعامها بظل موجة الغلاء الحالية.

“للأسف أجريت موازنة غير عادلة، فإما أن أطعم أطفالي القليل وإما أرسلهم إلى الروضة، واخترت الأول، وحسبنا الله ونعم الوكيل في هذا البلد وسلطته”، أضاف مصعب.

اصطحاب الطفل إلى العمل

لا تختلف الحال في حي “الثورة” بمدينة اللاذقية، وهو حي متوسط لناحية الأسعار والحياة، حيث تواجه عفاف (28 عامًا) معضلة كبيرة، فهي مهندسة بإحدى مديريات القطاع العام، ونمط حياتها وعملها يفرض عليها وضع طفلتها في روضة خلال وجودها في العمل.

لم تفلح الأم بإيجاد تلك الروضة بعد، إذ سألت إحدى روضات الأطفال التي لا تبعد عن منزلها أكثر من 400 متر، وتلقت عرضًا للتسجيل بمبلغ 3 ملايين ليرة دون أجرة النقل.

عفاف قالت، “أخبرتني مديرة الروضة بأن أجور النقل لن تقل عن 1.5 مليون سنويًا، إذ يطلب السائق مليوني ليرة، وتحاول صاحبة الروضة تخفيضها”.

المشكلة لدى عفاف أن راتبها الذي لا يزيد مع التعويضات والحوافز على 300 ألف ليرة، وهو لا يغطي قسط روضة ابنتها، كما لا يُسمح لها في العمل بتقديم استقالتها أو منحها إجازة دون راتب، وهذا ما يزيد من الأعباء عليها، حسب قولها.

رغم مشقة الفكرة، قررت عفاف اصطحاب طفلتها البالغة من العمر 4 سنوات ونصفًا معها إلى العمل، في حال فشلت بإيجاد روضة بقسط مناسب، فهي لا تمتلك أي خيار آخر، فأهلها يعيشون في مدينة حمص، وأهل زوجها يسكنون بالريف ولا يوجد من تودع عنده طفلتها.

وحددت وزارة التربية أقساط رياض الأطفال العام الماضي دون أن تعدلها لهذا العام بعد، حيث يتراوح القسط السنوي بين 50 ألفًا و350 ألف ليرة، علمًا أن قسم رياض الأطفال العام الماضي بلغ نحو 800 ألف ليرة بالمتوسط.

تحت أنظار الحكومة

ترى مديرة إحدى رياض الأطفال في اللاذقية، فضّلت عدم الكشف عن اسمها، أن تسعيرة وزارة التربية منفصلة تمامًا عن الواقع، وقالت، إن الأجر الشهري للمعلمة الواحدة لديها في الروضة يبلغ 350 ألف ليرة، فكيف يمكن تغطية الأجور والنفقات الأخرى بقسط شهري أعلاه 350 ألف ليرة.

وبحسب تقييم مديرة الروضة للواقع، فإنها تعتقد أن التربية لا تريد إحراج الحكومة بموضوع الرواتب، لذا لا يتم رفع القسط الشهري بما يتناسب مع الحالة العامة في البلاد، فتتركه منخفضًا، وفي الوقت ذاته تترك الروضات تأخذ ما تريد كونها الأقدر على تحديد الأجور تبعًا لنفقاتها، على حد تعبير المديرة.

ورغم أن رياض الأطفال موجودة وإعلاناتها تملأ الشوارع، وبإمكان أي شخص الحصول على جميع المعلومات عن قيمة القسط، فإن وزارة التربية لا تحرك ساكنًا لمخالفتها، كونها ترفع القسط لأكثر من عشرة أضعاف تسعيرة وزارة التربية، وهو ما يؤكد وجود حالة من التساهل مع أصحاب رياض الأطفال.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة