كيف أصبح هادي البحرة رئيسًا لـ”الائتلاف” قبل انتخابه

رئيس الائتلاف الوطني عبد الهادي البحرة- 8 من أيلول 2022 (عنب بلدي)

camera iconرئيس الائتلاف الوطني هادي البحرة- 8 من أيلول 2022 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

لم يتفاجأ السوريون بإعلان فوز المعارض السوري والرئيس المشترك لـ”اللجنة الدستورية السورية”، بمنصب رئيس “الائتلاف السوري لقوى المعارضة” مجددًا، بعد تسريبات وجولات من تبادل الاتهامات بين أعضاء الائتلاف بأن البحرة سيكون رئيسًا بالإجبار.

الانتخابات التي انطلقت ظهيرة أمس، الثلاثاء 12 من أيلول، خلال اجتماع الهيئة العامة لـ”الائتلاف”، انتهت بعد حوالي خمس ساعات بإعلان البحرة رئيسًا بالفعل، ما أكد التسريبات التي تحدث عنها أعضاء في “الائتلاف” الوطني سابقًا.

وحاولت عنب بلدي بشكل متكرر التواصل مع أعضاء وفاعلين في “الائتلاف” عبر قنوات التواصل الرسمية، لكن جزءًا منهم رفض التواصل، ولم نحصل على إجابة من جزء آخر.

ضغط لانتخاب البحرة

خلال الأيام الماضية، فتح تسريب رسالة لنائبة رئيس “الائتلاف الوطني السوري”، ربا حبوش، تساؤلات حول آلية الانتخابات الحالية في “الائتلاف”، عقب تأجيل الموعد السابق للانتخابات في تموز الماضي.

وانتقدت حبوش حينها آلية “التفويض” في الانتخابات التي تنص على أن عشرة أعضاء “مبشرين بالانتخابات”، على حد تعبيرها، ينتخبون عن كل أعضاء الائتلاف من إجمالي نحو 80 عضوًا، مشيرة إلى أن هذه الآلية فيها “خرق واضح لمبادئ الديمقراطية ومنافٍ لحق ممارسة التصويت بشكل حر”.

ولم تنته الضجة التي أحدثها حديث حبوش، حتى بدأت مشكلة فرض انتخاب هادي البحرة رئيسًا لـ”الائتلاف” تحت تهديد أعضاء قريبين من تركيا، المهيمنة على مفاصل القرار في التشكيل السياسي السوري المعارض.

ونشر رئيس “الائتلاف” الأسبق نصر الحريري نصًا، قال عبره، إن رئيس “الحكومة المؤقتة” عبد الرحمن مصطفى هدد أعضاء الائتلاف بإجبارهم على إقامة الانتخابات في 12 من أيلول الحالي، وانتخاب هادي البحرة خلالها.

مصدران مسؤولان في “الائتلاف” تحدثا لعنب بلدي عن تفاصيل فرض انتخاب البحرة شرط عدم ذكر اسميهما لمخاوفهما الأمنية، إذ قالا، إن مجموعة “G-4” (أربعة أعضاء في الائتلاف يهيمنون على القرار فيه) تهدف للسيطرة على جميع المناصب في الهيئات السياسية المعارضة، وقرروا فرض البحرة رئيسًا وفق آلية “التفويض” التي يرعونها داخل الائتلاف.

وأكد المصدران، أن أعضاء “الائتلاف” تعرضوا للتهديد من قبل عبد الرحمن مصطفى الذي عبر عن مطالبه مستخدمًا كلمات “غير لائقة”، ومشددًا على أن الأعضاء مجبرون على انتخاب البحرة.

ويقصد بـ”آلية التفويض” أن يجمع شخص واحد بطاقات شخصية لمجموعة أعضاء في “الائتلاف”، ويقدم أصواتهم لشخص يراه مناسبًا عوضًا عنهم.

ومنذ سنوات، ولد ما يعرف اليوم باسم “G-4″، وتضم أربعة أعضاء وهم سالم المسلط، وأنس العبدة، وهادي البحرة، وبدر جاموس، نتيجة لخلافات داخلية في جسم “الائتلاف” خلّفت تكتلات سياسية متنازعة داخله، بحسب المصدر.

لماذا هادي البحرة؟

المعلومات التي حصلت عليها عنب بلدي من مصدرين في “الائتلاف”، وقاطعتها مع عضو سابق فيه أيضًا، خلصت إلى أن الـ”G-4” يسعون منذ مدة إلى مراكمة المناصب الحساسة في الهيئات السياسية المعارضة فيما بينهم.

ويدير اليوم هادي البحرة أكثر من نصف عمل المعارضة، نسبة للمناصب التي يتولاها داخل هيئاتها، خصوصًا أنه تولى منصب رئاسة “الائتلاف” للمرة الثانية، لكنه لم يعلن تخليه عن أي من المناصب السابقة.

وعلى الرغم من أن العديد من أعضاء الائتلاف اعترضوا على فرض انتخاب البحرة، ودبلوماسبون من دول أخرى حاولوا التدخل لإلغاء هذا النوع من الممارسات داخل “الائتلاف”، لكن أي نتيجة لم تحقق في هذا الصدد، بحسب المصادر الثلاثة.

وباعتبار أن تركيا هي الدولة الأكثر تأثيرًا في أروقة “الائتلاف”، تتمتع مجموعة “G-4” بعلاقات جيدة معها، وحاولت المجموعة، على مدار الأيام الماضية، إقناع المعارضين من أعضاء “الائتلاف” بأن تركيا هي صاحبة القرار بانتخاب البحرة، وفي الوقت نفسه كانوا يروجون لفكرة أن “البحرة يحظى بالإجماع من قبل أعضاء الائتلاف”، بحسب المصادر.

ومع خروج الخلافات حول انتخاب البحرة للعلن، أبلغت تركيا مجموعة “G-4” أن الفترة الحالية تتطلب استقرارًا سياسيًا، بالتالي فإن الخلافات لن تكون ذات أثر إيجابي، بحسب المصادر الثلاثة.

البحرة “مرجعية نفسه”

شكلّت هيمنة الـ”G-4″ على أروقة صناعة القرار في “الائتلاف” حالة فريدة، بحسب مصدرين مسؤولين فيه، إذ يشكل “الائتلاف” مرجعية لـ”هيئة التفاوض” التي سبق وعيّنت هادي البحرة رئيسًا لوفدها في اجتماعات “اللجنة الدستورية”.

المصادر الثلاثة قالت لعنب بلدي، إن احتفاظ هادي البحرة بمنصبيه في رئاسة “الائتلاف” و”اللجنة الدستورية”، تجعل منه “مرجعية نفسه” في الجانبين، إذ يملك الائتلاف صلاحيات إجراء تغييرات داخل “اللجنة”.

حال البحرة يمكن تطبيقه على رئيس “الحكومة السورية المؤقتة” عبد الرحمن مصطفى، الذي خاض خلافات طويلة للحفاظ على مقعدة في “الائتلاف”، رغم أن نظام المؤسسة السياسية لا يسمح له بشغل المنصبين، إذ يحمل اليوم منصب “عضو غير ناخب” في “الائتلاف”، لكنه الأكثر تأثيرًا من حيث جمعه لأصوات الناخبين عبر “آلية التفويض”، نظرًا لقربه من الأتراك، إذ تمكن خلال الانتخابات الأحدث من جمع 25 تفويضًا لضمان نجاح البحرة في الانتخابات.

وأعدت عنب بلدي في وقت سابق ملفًا تحت عنوان “الائتلاف” السوري المعارض.. نادٍ سياسي مغلق، ناقشت فيه أسباب عجز المعارضة عن اقتناص أي فرص تصلح للاستغلال السياسي، وانشغالها بملفاتها الداخلية تزامنًا مع متغيرات كبيرة في الملف السوري على مختلف المستويات.

“لا نموذج وطني”

الباحث في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان، قال لعنب بلدي، إن التسريبات التي خرجت للعلن من غرف “الائتلاف” المغلقة مؤخرًا، أعادت إلى الذاكرة مشكلات قديمة- جديدة، تتعلق بكيان المؤسسة نفسها، وهي أن “الائتلاف” وما يتبع له من مؤسسات، لم تقدم “نموذجًا مبنيًا على مشروع وطني يلتف حوله السوريون”.

وأضاف، أن ما حدث مؤخرًا يشير إلى أن “الائتلاف” قدم نموذجًا من عدم الشفافية المالية والسياسية، وغياب التداول الحقيقي لمواقع القرار والسلطة، فضلًا عن قضية “تبديل الطرابيش” (تبديل المقاعد) التي باتت توصيف رئيسي لما يحدث.

ويرى علوان، أن من المفيد اليوم أن يعرّف “الائتلاف” نفسه، ليعرف السوريون، وأعضاءه في المقام الأول، فيما إذا كان “هيئة تقود المعارضة”، أو ما يشبه “مجلس شعب”، أو مراقبًا ومقررًا لعمل “الحكومة المؤقتة”، أو أنه جهة تنفيذية بالشراكة مع “المؤقتة” يتولى ما يشبه مهام وزارة الخارجية.

وأضاف، أن “الائتلاف” لا يعرف نفسه بالمقام الأول، علمًا أن مؤسسات المعارضة، وهو على رأسها، يطلب منهم على مدار السنوات الماضية وحتى الآن، تقديم نموذج مرضٍ للسوريين قبل غيرهم، خصوصًا أن ما يريده السوريون اليوم، سيقبل به المجتمع الدولي الذي لا يزال يقف ضد النظام السوري، وإلى جانب الثورة السورية.

“انتخابات”

وكانت الهيئة العامة لـ”الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” انتخبت أمس الثلاثاء، هادي البحرة، الذي شغل عدة مناصب سياسية في المؤسسات والهيئات السياسية للمعارضة السورية بعد العام 2011، رئيسًا لـ”الائتلاف”.

وقال عضوان في “الائتلاف الوطني” من داخل قاعة الانتخابات لعنب بلدي إن هادي البحرة حل رئيسًا لـ”الائتلاف” بعد انتخابات أجرتها الهيئة العامة اليوم، الثلاثاء 12 من أيلول، خلفًا لسالم المسلط.

وحل المرشح الثاني للرئاسة إلى جانب البحرة، هيثم رحمة، بمنصب الأمين العام لـ”الائتلاف”، بينما توافق الأعضاء على ثلاثة نواب لرئيس الائتلاف وهم: ديما موسى، وعبد الحكيم بشار، وعبد المجيد بركات.

المصدران أكدا أن جزءًا من أعضاء “الائتلاف” قاطعوا الانتخابات احتجاجًا على فرض هادي البحرة رئيسًا له، واعتراضًا على آلية “التفويض” في الانتخاب.

ويشغل هادي البحرة اليوم منصب رئيس “الائتلاف” السوري المعارض، والرئيس المشترك لـ”اللجنة الدستورية السورية”، وسبق أن شغل منصب رئيس “الائتلاف” عام 2014، ثم عضوًا في الهيئة السياسية لـ”الائتلاف”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة