بسبب الطقس وقلة الزبائن.. خسائر في قطاع المسابح بإدلب

مسبح في مدينة إدلب شمال غربي سوريا - 5 من أيلول 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

camera iconمسبح في مدينة إدلب شمال غربي سوريا - 5 من أيلول 2023 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

إدلب – أنس الخولي

يأمل المستثمر محمد زكريا لاذقاني بالتعويض في الأيام المتبقية من الصيف الحالي، حتى لا يتعرض لخسائر مادية كبيرة تمنعه من العمل مجددًا، بعد أن أنفق جميع مدخراته في استثمار مسبح وصالة أفراح على أطراف مدينة إدلب.

محمد لاذقاني يستثمر في المسابح كل صيف، منذ ثمانية أعوام، وقال لعنب بلدي، إن موسم المسابح يستمر أربعة أشهر، بين أيار وأيلول من كل عام، وهي مدة كفيلة بتحصيل المبلغ المدفوع للاستثمار وتحصيل أرباح جيدة، لكن ذلك لم يحصل هذا العام.

بداية الصيف الحالي، كانت الرياح شديدة، ما أدى إلى تأخر الإقبال على المسابح، كما أن ارتفاع الأسعار وتدني الحالة المعيشية للأهالي أديا إلى الإحجام عن استئجار المسابح، ما ألحق بأصحابها ومستثمريها خسائر كبيرة.

وتنشط على أطراف مدينة إدلب عديد من المسابح التي تعتبر الوجهة الأولى للعائلات والشباب للترويح عن أنفسهم، عبر استئجارها لساعات أو أيام.

لا إقبال.. تكاليف تشغيلية مرتفعة

تعرض محمد هذا العام لخيبة أمل كبيرة، إذ لم يبدأ موسم المسابح حتى 15 من تموز الماضي، أي بعد شهرين من المتوقع، بسبب البرد وموجات الهواء الشديد، الأمر الذي كبّده وبقية المستثمرين خسائر كبيرة، حسب قوله.

وأضاف المستثمر أنه اعتاد سابقًا تثبيت حجز المسبح وتسلّم مبلغ (عربون) قبل أسبوع من موعد الحجز بسبب شدة الطلب، لكن الإقبال انخفض بنسبة 75% هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة، وعلى غير العادة مرت أغلب الأيام دون زبائن.

من جانب آخر، قال عمر الجومي، وهو صاحب مسبح “الجومي” بإدلب، إن القائمين على المسابح يفضّلون استقبال عائلات صغيرة أكثر من مجموعات الشباب، لقلة استهلاك العائلات للمياه، وعدم الاضطرار إلى تشغيل كامل الإنارة وإضافة كميات كبيرة من الكلور.

وبحسب عمر، كانت الحجوزات من قبل العائلات هذا العام ضعيفة جدًا، مع توافد مجموعات من الشبان، ما اضطر أصحاب المسابح لدفع مزيد من التكاليف.

وقال عمر لعنب بلدي، إن القائم على المسبح يحتاج يوميًا إلى دفع عشرة دولارات أمريكية (حوالي 265 ليرة تركية) لتبديل الماء، وعشرة دولارات أخرى قيمة كهرباء لإجراء عملية تنقية المياه (الفلترة)، ومثلها ثمن كلور ومواد ترسب ومنظفات، لافتًا إلى أن المسابح لا تتكبد هذه التكاليف في حال استقبال عائلات صغيرة.

عروض لا تعوّض الخسائر

أملًا بتلافي وتخفيف الخسارة، يبحث أصحاب المسابح عن حلول من خلال إجراء عروض تتضمن أجورًا مخفضة، بينما فضّل بعضهم فتح المسبح للجميع كالمسابح العامة، ووضع رسوم منخفضة لدخول الشباب.

عمر الجومي قال، إنه يؤجر المسبح عادة بـ50 دولارًا نهارًا و25 دولارًا ليلًا، أما أجرة المسبح للحفلات والمناسبات فتصل إلى 125 دولارًا أمريكيًا بسبب استئجار الكراسي والطاولات اللازمة للمناسبة.

ويرى الأهالي أن هذه الأجور مرتفعة وباهظة، إذ يبلغ تصريف 50 دولارًا أمريكيًا حوالي 1320 ليرة تركية (العملة المتداولة)، في حين لا تتجاوز أجرة العامل في أحسن الأحوال 70 ليرة تركية (أقل من ثلاثة دولارات)، ويفضّلون صرف هذا المبلغ على الأولويات كالغذاء والدواء.

واضطر عمر هذا العام إلى فتح المسبح أمام الجميع خلال أيام الأسبوع، عدا يوم الجمعة، وحدد أجرة الدخول بـ30 ليرة تركية للراغبين بهدف تجنب بقاء المسبح دون حجز.

مقابل هذا العرض، اضطر عمر إلى صرف مبالغ إضافية لإضافة الماء ومواد الكلور إلى المسبح بشكل متكرر، والتعاقد مع منقذ للأطفال بدوام كامل، لتلافي الوقوع بمسؤولية غرق أحدهم، ما أدى إلى تكبده خسائر إضافية على حد قوله.

بدوره، قال المستثمر محمد لاذقاني، إن التراجع الشديد في الطلب على المسابح أرغم المستثمرين على الإعلان عن عروض تشجيعية، وذكر أنه كان يؤجر المسبح العام الماضي بـ65 دولارًا لمدة 24 ساعة لعشرة أشخاص، أما هذا العام، فأعلن عن تنزيلات بقيمة الثلث.

وأضاف محمد أنه على الرغم من العروض التي تم الإعلان عنها، لم يتحسن الطلب سوى بنسبة 25%، ومع اقتراب نهاية الموسم يأمل بتحسن الإقبال ولو بشكل بسيط لتلافي وقوع خسائر كبيرة لا يقوى على تحملها، حسب قوله.

تنظيم مجموعات

اعتاد الأهالي في إدلب استئجار المسابح للترويح عن أنفسهم، لكن تدهور الحالة المادية دفعتهم للتخلي عن الذهاب إلى المسبح بشكل عائلي، وتنظيم مجموعات شبابية أو نسائية لهذا الغرض.

عبد الكريم الأحمد (37 عامًا)، يقيم في مدينة إدلب ويعمل بالتجارة، قال، إنه يختار في كل عام يومًا مناسبًا مع عائلته للذهاب إلى المسبح، لكنه لم يتمكن هذا العام بسبب سوء الحالة المادية.

وبحسب عبد الكريم، تبلغ تكلفة استئجار المسبح 50 دولارًا، ويحتاج إلى ما يقارب 30 دولارًا تكلفة طعام ومصاريف أخرى.

وبعد عملية حساب بسيطة، قال إنه كان يحتاج العام الماضي إلى ألف ليرة تركية، أما اليوم فيحتاج إلى 2500 ليرة لقضاء يوم في المسبح، وهو مبلغ كبير لا يمكن تحمله.

ونظّم عبد الكريم هذا العام مجموعة لاستئجار المسبح مع أصدقائه، بحيث يذهب هو مع مجموعة من الشباب في أحد الأيام، وتذهب زوجته مع مجموعة من النساء في يوم آخر، ويتقاسم التكلفة أفراد كل مجموعة.

هبة السيد (30 عامًا) قالت إنها ذهبت هذا العام إلى المسبح برفقة مجموعة من النساء، بسبب ارتفاع الأسعار وعدم قدرة العائلة على تحمل تكاليف الذهاب بشكل فردي.

وذكرت لعنب بلدي أن أجور الذهاب كمجموعات بلغت 150 ليرة تركية للسيدة الواحدة، وهي بسيطة مقارنة بذهاب عائلة لوحدها، لافتة إلى أن الزيارة كانت ممتعة، لكنها لا تقارن بزيارة الأسرة للمسبح.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة