وليد فارس.. يميني انفصالي ينظّر لـ”الحظر الجوي” في السويداء

tag icon ع ع ع

تعيش محافظة السويداء، جنوبي سوريا، على وقع المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام السوري ورحيل رئيسه، بشار الأسد، وسط تحليلات ضعيفة المصدر عن حكم ذاتي ومنطقة حظر جوي، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية.

أول من تحدث عن منطقة الحظر الجوي، كان وليد فارس، وهو أحد مستشاري الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في حملته الانتخابية، أمريكي الجنسية ولبناني الأصل ويتبع “حزب القوات”.

وقال فارس عبر حسابه في منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، في 16 من أيلول، إن هناك معلومات “غير مؤكدة” عن اتجاه لإعلان ما أسماه “منطقة حرة درزية”، وحصولها على “حظر جوي”.

وجرى تداول هذه المعلومات على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما قوبل بردود فعل مختلفة من سياسيين وصحفيين معنيين بالشأن السوري، وعلى اختلاف انتمائاتهم السياسية، موالين للنظام ومعارضين له، منهم الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، الذي اتهم فارس بالعمالة لإسرائيل.

ورد جنبلاط عبر منشور في “إكس“، على فارس بالقول إن دروز سوريا يريدون الحرية كما السوريين وهم جزء من الشعب السوري، محذرًا من “أصوات اليمين الصهيوني” كما وليد فارس.

ويعود هذا الاتهام إلى الخلفية السياسية لفارس ودوره في الحرب الأهلية اللبنانية (1975- 1990)، باعتباره أحد منظري حزب “القوات اللبنانية”، ويُتهم بمساهمته بقتل اللبنانيين والفلسطينيين خلال الحرب.

وليد فارس.. منظر “الشعبوية المسيحية”

في عام 1990، وقبل إكمال الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، سيطرته الكاملة على لبنان، انتقل وليد فارس إلى الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن ينال الجنسية لاحقًا، ويعرّف عن نفسه على أنه أمريكي ووطنه هو الولايات المتحدة ويقف إلى جانبه حتى في نزاع مع وطنه الأم، لبنان.

ارتباط فارس بحزب “القوات” لم يكن عبر خوضه المعارك التي خاضها الحزب، بل عبر إلقاء محاضرات لمعتقدات إيديولوجية على المقاتلين في الثمانينيات، لتبرير الحرب والدعوة لإنشاء كانتون منفصل للمسيحيين في لبنان، وفق صحيفة “ماذر جونز“.

وبحسب تقرير نشرته الصحيفة في تشرين الأول 2011، فإن الفكرة الرئيسية لدى فارس كانت بأن على المسيحيين إنشاء وطنهم المنفصل على غرار الاحتلال الإسرائيلي، باعتبارهم ضحايا للاضطهاد، وهو ما أسهم في تبرير العنف الطائفي العشوائي في أثناء الحرب.

وشهدت الحرب الأهلية اللبنانية عدة مجازر بين الأطراف المتصارعة، ومن أبرزها مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982، التي نفذها تحالف الجبهة اللبنانية المسيحية اليمينية، على رأسها حزب “الكتائب”، بحماية إسرائيلية.

كما عُيّن فارس ضمن اللجنة التنفيذية لحزب “القوات”، الذي كان جزءًا من تحالف الجبهة اللبنانية، ضمن شؤون المغتربين، وهو ما يشبه الانضمام للقيادة العليا للحزب حينها.

لم يكمل فارس طريقه إلى جانب قائد “القوات”، سمير جعحع، مع تفجر خلاف الأخير مع ميشيل عون، لينضم فارس إليه ويبقى في لبنان حتى مغادرة عون نفسه إلى فرنسا.

مع وصوله إلى الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1990، عاد فارس إلى مقاعد الدراسة وحصل على درجة الدكتوراة من جامعة “ميامي” الأمريكية في العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية.

كما درس العلوم السياسية في جامعة “فلوريدا أتلانتيك” بين عامي 1993 و2004، واستراتيجيات الجهاد العالمي في واشنطن.

ووفق صحيفة “ماذر جونز“، حاول فارس إقناع الاحتلال الإسرائيلي بالاستمرار بدعم “جيش لبنان الجنوبي” الذي كان يقوده انطوان لحد في جنوب لبنان المحتل من قبل إسرائيل خلال الحرب الأهلية.

واعتبر فارس في مقال نشره ضمن مركز “آرييل للأبحاث السياسية“، عام 1997، التابع لمنظمة إسرائيلية يمينية، أن جيش لحد ومسيحيي لبنان هم الجهة الوحيدة المحتملة لوقف التقدم العربي والإسلامي في المنطقة.

مع ظهوره المتكرر عبر وسائل الإعلام الأمريكية، باعتباره “خبيرًا استراتيجيًا ومحللًا لشؤون الشرق الأوسط”، ضمّته حملة المرشح الرئاسي الأسبق عن الحزب الجمهوري لرئاسة أمريكا، ميت رومني، في مواجهة باراك أوباما.

وتلقى فارس حينها وعدًا من رومني، بمنصب رفيع في البيت الأبيض في حال وصل إلى منصب الرئيس، وهو ما لم يحصل مع خسارة روميني للانتخابات.

تكرر الأمر مجددًا مع دونالد ترامب في انتخابات 2018، وكان فارس أحد مستشاريه وفق صحيفة “واشنطن بوست“، ورغم فوز ترامب ووصوله إلى الرئاسة، لم يحصل على أي منصب رسمي لاحقًا، لمعارضة جاريد كوشنر، مستشار ترامب للأمر.

وفي عام 2016، نشرت الصحيفة تقريرًا بعنوان “الماضي المظلم لمستشار ترامب”، بعد لقاء الصحيفة مع الرئيس الأمريكي وحديثه عن فارس.

اعتبرت “واشنطن بوست” حينها أن فارس كان “مفكرًا وعنصرًا فاعلًا ورئيسيًا في بيئة من الفظائع”.

وأجرى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، في 2020، تحقيقًا مع فارس، بعد معلومات حول عمله بشكل سري لصالح الحكومة المصرية، للتأثير على إدارة ترامب، دون توجيه اتهامات.

ما علاقة السويداء بفارس؟

أحد ردود الفعل على منشور وليد فارس في “إكس”، كان من الصحفية السورية عالية منصور، التي قالت في منشور عبر “إكس“، إن كلام فارس لا صحة له ولا يخدم سوى رواية النظام السوري وإيران، كما أنه لم يكن مستشارًا لترامب بعد توليه الرئاسة.

لم تتوقف ردود الفعل على السياسيين والصحفيين المناوئين والمعارضين للنظام السوري، بل حتى لمؤيديه، إذ اعتبر مدير مركز “سونار” الإعلامي، حسين مرتضى، أن فارس هو أحد وكلاء الاستخبارات الأمريكية وحديثه عن المنطقة “مخطط أمريكي”.

ومن خلال السيرة الذاتية لوليد فارس، وارتباطاته الدولية مع شخصيات سياسية في الشرق الأوسط والولايات المتحدة، والبرلمان الأوروبي (عمل مستشارًا للبرلمان)، يمكن التركيز على نقطتين، الأولى هي إمكانية حصوله على معلومات ليست مؤكدة بالضرورة، وهو ما أشار إليه بالفعل في تغريدته، والثانية هي أفكاره العقائدية والدينية والتي ترى الانفصال حلًا لحماية الأقليات.

ولا يملك فارس أي منصب في الإدارة والحكومة الأمريكية، لكنه يظهر بشكل دائم على محطات التلفزة الأمريكية القريبة من التيار اليميني في الولايات المتحدة، وكذلك على محطات تلفزيونية عربية، وينشر في عدة مواقع وصحف مقالات تحليلية.

كما سبق واتهم أوباما بأنه “يتوسل” للمحور الإيراني الذي يضم النظام السوري و”حزب الله”.

ولم يذكر فارس مصدر معلوماته في منشوره الأول عن منطقة الحظر الجوي في السويداء، لكنه أصرّ على تحليله المذكور عبر منشور ثانٍ اليوم، الثلاثاء 19 من أيلول، جاء فيه أن المناطق الحرّة لن تكون في السويداء فقط، بل في لبنان والعراق أيضًا، رابطًا الأمر بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورجل الأعمال الأمريكي، إيلون ماسك، دون توضيح تفاصيل أكثر.

ولا يعرف عن فارس أي ارتباطات مباشرة علنية بشيوخ العقل الدروز في منطقة السويداء، أو الهيئة السياسية التي أعلنت الأسبوع الماضي، كما أن ارتباطه بـ”القوات” اللبنانية صاحبة العداء الطويل مع الدروز في لبنان، لا يشجع على هذا الأمر.

ونشر فارس عدة مؤلفات سياسية، منها “الربيع الضائع” وحرب الأفكار” و”مستقبل الجهاد” و”الثورات المقبلة” و”الاختيار”، ولعب دورًا في الضغط على الإدارة الأمريكية من أجل القرار “1559“، القاضي بانسحاب قوات النظام السوري من لبنان.

ماذا يقول القانون الدولي؟

تعرف مناطق “حظر الطيران” بأنها منطقة محددة تحظر فيها الرحلات الجوية بشكل كامل، مدنية أم عسكرية، وسبق أن نفذها حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ليبيا عام 2011 وكذلك في العراق بين عامي 1991 و2003 شمالي وجنوبي البلاد.

وأنشأت الأمم المتحدة في العراق حينها، منطقة أمنية وفق قرار مجلس الأمن رقم “668” لمنع قمع السكان المدنيين العراقيين، كما اعتمدت واشنطن على القرارات “678” و687” و688” كأساس قانوني.

كما فرضها “الناتو” خلال حروب البوسنة والهرسك في تسعينيات القرن الـ20، ويمكن فرضها دون موافقة البلد صاحب السيادة.

وتحدد المنطقة بطريقة ثلاثية الأبعاد، وقد تفرض المنطقة لعدة أسباب قد لا تتعلق دائمًا بالعمليات العسكرية، وفق منتدى “just sccurity” المختص بالتحليل الأمني والسياسي.

ويمكن فرضها لتنفيذ عقوبات اقتصادية أو منع تهريب المخدرات أو تهريب البشر وغيرها من العمليات الممنوعة.

وتقوم طائرات بدوريات جوية ضمن مناطق حظر الطيران، وهذا لا يمنع من قيام الحكومة التي تستهدف مناطقها بمناطق حظر الطيران، من مهاجمة الطائرات.

ويحتاج فرض منطقة حظر طيران إلى تفويض من مجلس الأمن التابع لمجلس الأمم المتحدة، بموجب الفصل السابع من ميثاقها.

ووفق “المادة 39” من الميثاق، يجوز لمجلس الأمن أن يقرر ما إذا كانت الحالة التي تتطلب فرض حظر الطيران، تهديدًا للسلم أو الإخلال به أو عمل من أعمال العدوان”، وفق ما ذكر معهد “Lieber” لدراسات الحرب.

ووفق المعهد، يجوز فرض المنطقة باستخدام القوة المميتة مع مراعاة القانون الدولي الإنساني الدولي، كما يمكن إنشاء مناطق حظر الطيران في أثناء نزاع دولي مسلح.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة