أجهزة محدودة و300 ألف ليرة للجلسة

مرضى غسل الكلى في القامشلي يدفعون ثمن أدويتهم

أجهزة غسيل كلية مجهزة بالأسّرة في مستشفى "القامشلي" شمال شرقي سوريا- 24 من أيلول 2023 (المكتب الصحفي في محافظة الحسكة)

camera iconأجهزة غسيل كلية مجهزة بالأسّرة في مستشفى "القامشلي" شمال شرقي سوريا- 24 من أيلول 2023 (المكتب الصحفي في محافظة الحسكة)

tag icon ع ع ع

الحسكة – مجد السالم

يواجه مرضى غسل الكلى في مدينة القامشلي تحديات عديدة في الحصول على العلاج اللازم، وسط أوضاع صحية صعبة وظروف اقتصادية متردية يعانيها سكان محافظة الحسكة في شمال شرقي سوريا.

300 ألف ليرة أدوية ومعدات للجلسة

يعتمد معظم مرضى غسل الكلى في القامشلي بشكل كامل على جلسات الغسل الدورية للمحافظة على حياتهم.

ويعاني هؤلاء المرضى نقصًا حادًا في الأدوية ومستلزمات العلاج، إذ تصبح الأدوية الأساسية لغسل الكلى أحيانًا غير متاحة، وإذا توفرت، فإن أسعارها المرتفعة تجعلها خارج متناول عديد من المرضى.

مرتان في الأسبوع يضطر فيهما محيميد (66 عامًا)، تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب خاصة، للتوجه إلى مركز غسل الكلى في حي علايا بالقامشلي التابع لـ”الإدارة الذاتية”، إذ حولت إصابته بالفشل الكلوي منذ نحو عام ونصف حياته إلى “جحيم لا يطاق”، على حد وصفه لعنب بلدي.

وقال محيميد المنحدر من منطقة جزعة جنوب القامشلي، إنه يقطع مسافة تصل إلى نحو 100 كيلومتر للوصول إلى أقرب مركز غسل للكلى.

“في البداية كانت الأمور جيدة لجهة الخدمات والأدوات والمواد المتوفرة، لم نكن نضطر لشراء شيء سوى دفع أجرة الطريق، وشهرًا بعد شهر بدأت الأمور تسوء”، بحسب محيميد، مضيفًا أن المواد والأدوات أصبحت مفقودة في المركز، ما زاد من معاناة المرضى بشكل كبير.

لا يستطيع الرجل الستيني الذهاب إلى المركز وتلقي العلاج لنحو أربع ساعات متواصلة وحيدًا، فالأمر “متعب جدًا”، ويستهلك “طاقته الجسدية والنفسية”، لذا في كل مرة يرافقه أحد أولاده لشراء معظم الأدوات والأدوية اللازمة لجلسات غسل الكلى على حسابه الشخصي، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي والارتفاع المستمر في أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية.

في كل جلسة غسل (مرتان أسبوعيًا)، يحتاج محيميد إلى أدوية ومعدات يدفع ثمنها “من جيبه الخاص”، مثل دواء الهيبارين بـ100 ألف ليرة سورية، وأنابيب أو خراطيم بـ50 ألف ليرة، و”الفلتر” بـ100 ألف ليرة، و”شكات” (مسكات) بـ30 ألف ليرة، بالإضافة إلى عدد من “السيرومات” بتكلفة تصل إلى نحو 60 ألف ليرة سورية.

في الجلسة يتكلف المريض نحو 300 ألف ليرة سورية قابلة للزيادة حسب سعر الدولار، لأن المواد والأدوية تشترى من المراكز الخاصة غالبًا، وفق محيميد، مؤكدًا أن جميع مراجعي مركز غسل الكلى الذي يحتوي على ستة أجهزة يعانون نفس المعاناة، وقد يحتاج بعضهم إلى ثلاث جلسات غسل أسبوعيًا.

هيئة الصحة التابعة لـ”الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، أعلنت بدورها عن مناقصات لتوفير مواد غسل الكلى فيما يخص “الفلاتر” والأنابيب الشريانية والوريدية و”الفستولا” فقط، دون تأمينها في المراكز حتى ساعة تحرير التقرير.

“هيئة الصحة” تنفي.. تتذرع بالضغط

عنب بلدي تواصلت مع المكتب الإعلامي لـ”هيئة الصحة” في القامشلي التابع لـ”الإدارة الذاتية”، بخصوص شكاوى المرضى المتعلقة بشراء الأدوية على حسابهم الشخصي.

المكتب نفى ما ذكره المرضى ممن التقتهم عنب بلدي، مشيرًا إلى أن المركز يستقبل المرضى ويقدم خدمات كثيرة للمواطنين، وأن الأدوية متوفرة وتقدم للجميع، بحيث لا يحتاج إلى شراء أدوية من أماكن أخرى، لكن “الضغط كبير على المركز، ويحتاج المريض إلى تسجيل دور، وهي آلية متبعة في جميع المراكز الصحية بالعالم”، وفق رد “هيئة الصحة” في القامشلي.

التابعة للنظام ليست أفضل حالًا

“رحلة من العذاب والمرارة”، عبارة رددها أكثر من مرة إسماعيل الخليف (55 عامًا)، وهو يصف لعنب بلدي معاناته في مراجعة مراكز غسل الكلى في القامشلي والحسكة “بحثًا عن الأفضل”، فالطريق مرهق ومكلف.

من النادر أن يجد إسماعيل جميع الأدوية والأدوات التي يحتاج إليها للجلسة بشكل مجاني، وفي أكثر المرات يشتري المعدات على حسابه الشخصي “حتى الشاش والكحول واللاصق الطبي”، مضيفًا أن هناك عددًا كبيرًا من المرضى ينتظرون دورهم بالساعات للحصول على سرير وجهاز فارغ، وهذا وحده “مرهق ومحبط جدًا”.

تضم محافظة الحسكة أربعة مراكز لغسل الكلى، هي مركز “اللؤلؤة” ومستشفى “القامشلي” (في مناطق سيطرة النظام)، ومركزا “علايا” و”المالكية” (تابعان لـ”الإدارة الذاتية”)، وتتشابه هذه المراكز وإن بدرجات متفاوتة بنقص الأدوية والأدوات والمستلزمات الطبية الغالية الثمن، وأحيانًا يتعذر إجراء جلسة غسل مجانية 100%.

وبحسب تقرير لتلفزيون “الخبر” المحلي، يعمل جهازان فقط من أصل تسعة أجهزة لغسل الكلى موجودة في مستشفى “القامشلي الوطني”.

مدير عام مستشفى “القامشلي الوطني”، الدكتور عمر العاكوب، قال، إن المستشفى غير قادر على إصلاح أعطال الأجهزة التي تحتاج إلى ورشات فنية من دمشق لا تستطيع القدوم إلى المنطقة “بسبب الظروف الأمنية”.

وأضاف أن “القسم يجري ما يقارب 1000 جلسة غسل شهريا لـ126 مريضًا، يراجعون القسم بشكل دوري، بينهم عدد من أبناء محافظتي دير الزور والرقة، ما شكّل ضغطًا كبيرًا على القسم المخصص أصلًا لمنطقة القامشلي”.

الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) قالت، نهاية أيلول الماضي، إن مستشفى “القامشلي” تسلم مجموعة من الأجهزة الطبية والمستلزمات الخاصة بقسم الكلى الصناعية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وتضمنت ستة أجهزة غسل كلى، بحسب حديث مدير المستشفى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة