تعا تفرج

علم فداء الحوراني الأخضر

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

عرض موقع “يوتيوب” لقاء قصيرًا مع المعارضة الدكتورة فداء الحوراني، تحدثت فيه عن علم الثورة السورية الأخضر، وأوضحت أن متظاهري مدينة حماة، في فترة من الفترات، كانوا يرفعون العلمين، الأحمر والأخضر، ولكن النظام اتبع الحل الأمني، فصار لزامًا علينا رفع العلم الأخضر!

وأوضحت أن هذا العلم، ليس علم السنّة، ولا علم “الإخوان المسلمين”، بل هو علم الاستقلال، “علم الديمقراطية”، وأن متظاهري حماة اتصلوا بها، ذات مرة، وسألوها: شو رأيك دكتورة؟ منرفع العلم الأخضر؟ فقالت ارفعوه.

أنا، محسوبكم، مهتم بموضوع العلم، وقد ذكرتُ سابقًا أن رفع علم غير الذي تعتمده الدولة السورية المعترف بها رسميًا، خطأ تاريخي، لا يمكن تفسيره إلا بأنه تقسيم الشعب إلى شعبين، كل شعب منهما له علمه الخاص. وكان المعارض السوري المقيم في أمريكا، الأستاذ صفوح البرازي، قد أرسل إليّ تسجيلًا صوتيًا، قال فيه إنه هو الذي اقترح العلم الأخضر على الثوار، في بدايات الثورة، فاعتمدوه، مشيرًا إلى أن فكرته تعود إلى سنة 1928، عندما طالب رجال وطنيون سوريون حكومة الانتداب الفرنسي بأن يكون لسوريا علمها الخاص، فرفضت، ثم وافقت عليه في سنة 1932، ولكنها لم تسمح برفعه طوال مدة انتدابها على سوريا التي انتهت في سنة 1946. وأنا، في الواقع، أصدق روايتي فداء الحوراني وصفوح البرازي، كلتيهما، لأن المهم عندي ليس معرفة أول شخص رفع العلم، بل دلالاته الوطنية، وتأثيره على الشعب السوري.

الشيء الجديد، الغريب، الطريف، الذي ورد في حديث الدكتورة فداء الحوراني، هو تركيزها على أن العلم الأخضر هو علم الديمقراطية، وزاد من دهشتي أنها رددت عبارة “علم الديمقراطية” بضع مرات خلال حديثها القصير، وكأنها تعرف ما نجهله نحن جميعًا، وهو أن في سوريا ديمقراطية! ديمقراطية شو دكتورة؟ وأين؟ في أي حقبة؟ وفي أي منطقة سورية وجدت الديمقراطية؟ ومَن الناس المؤمنون بها؟

توضح الدكتورة فداء، أيضًا، أن والدها الأستاذ أكرم الحوراني هو الذي اقترح العلم الذي تعتمده الدولة السورية الآن، وهذا الإيضاح يغرينا بأن نعود إلى الأيام التي كان فيها الأستاذ أكرم من اللاعبين الكبار في السياسة السورية، لنرى أن كل أنواع اللاديمقراطية حلّت بالمجتمع السوري، فور خروج قوات الانتداب، وأظنها تتفق معي في زعمي أن فكرة الانقلاب العسكري، بحد ذاتها، هي طعن، بل قتل للديمقراطية، وللتداول السلمي للسلطة، ومعلوم أن الأستاذ أكرم كان يقف وراء أول انقلاب عسكري، لحسني الزعيم، 1949، وطوال فترة الخمسينيات، كان يحاول تنفيذ طموحه بأن يكون رئيسًا للوزارة، أو للجمهورية، فيجد مقابله منافسين أقوياء مثل خالد العظم، ومحسن البرازي، وشكري القوتلي، فينقلب على مَن انقلب معه، والفترة القصيرة التي يتغنى بها كثير من السوريين اليوم (1954- 1958)، شهدت نوعًا من التجريب الديمقراطي التقليدي، المتمثل بوجود برلمان منتخب، وشيء من الحريات، كانت ضعيفة، وهشة، وسرعان ما غدرت بها الوحدة الارتجالية مع مصر، وبعد الانفصال، جاءت دكتاتورية البعث التي تطورت حتى بلغت أقصى درجات الفاشية في عهد حافظ الأسد ووريثه.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة