أزمة حواضن أطفال بمستشفيات إدلب.. قلة دعم مالي وكوادر

قسم حواضن الأطفال داخل مستشفى "سامز لرعاية الأمومة والطفولة" في الدانا شمالي إدلب - 27 من آذار 2023 (سامز)

camera iconقسم حواضن الأطفال داخل مستشفى "سامز لرعاية الأمومة والطفولة" في الدانا شمالي إدلب - 27 من آذار 2023 (سامز)

tag icon ع ع ع

إدلب – أنس الخولي

أطلق أنس (34 عامًا) نداء استغاثة بين أقربائه وأصدقائه بحثًا عن حاضنة في المستشفيات العامة بمدينة إدلب، بسبب حاجة طفله حديث الولادة إلى البقاء في الحاضنة لمدة عشرة أيام، وعدم قدرته على تحمل تكاليف المستشفيات الخاصة.

وقال أنس الصالح، وهو مهجر يقيم في إدلب، إن الطبيب أخبره فور ولادة زوجته، أن حالة الطفل تستدعي بقاءه في الحاضنة لمدة عشرة أيام، وحاول البحث بداية في مستشفيات إدلب العامة، لكنه لم يجد حاضنة متوفرة.

وتبلغ تكلفة مبيت الطفل في مستشفى خاص بإدلب 100 دولار أمريكي (نحو 2800 ليرة تركية) لليلة واحدة، يضاف إليها تكاليف الأشعة والتحاليل والأدوية، إذ يصل المبلغ إلى أكثر 1200 دولار خلال عشرة أيام حتى تستقر حالة الطفل الصحية.

يعاني الأهالي في إدلب قلة عدد الحواضن في المستشفيات العامة أو المدعومة من المنظمات، وارتفاع تكاليف الحواضن في المستشفيات الخاصة، ما يدفعهم إلى الخوض في رحلة بحث عن حاضنة متوفرة، أو الاستدانة وهي خيار مرهق وفاشل، وسط تردي الوضع المعيشي والاقتصادي في المنطقة.

عبير الحسن، سيدة تقيم في مدينة إدلب، بدأ زوجها رحلة البحث عن حاضنة بالرغم من أن حالة ابنتها تم تشخيصها بالتهاب قصبات حاد، ووضعها اليوم لا يستوجب الحاضنة إلا في حال عدم استجابة الطفلة للأدوية.

وذكرت عبير لعنب بلدي أن زوجها بدأ البحث عن حواضن كخطوة استباقية في حالة عدم تحسن الطفلة.

نقص حاد

تزداد الحاجة إلى حواضن الأطفال مع اقتراب فصل الشتاء، وارتفاع نسبة الأمراض التنفسية بين الأطفال حديثي الولادة، نتيجة الظروف الجوية وغياب وسائل التدفئة الصحية، وأدخنة التدفئة بمواد بلاستيكية أو غيرها من المواد الضارة، وسط نقص حاد في عدد الحواضن مقارنة بأعداد السكان في المنطقة.

مسؤول المستشفيات في مديرية الصحة بإدلب، الطبيب ملهم غازي، قال لعنب بلدي، إن هناك نقصًا كبيرًا في الحواضن مقارنة بعدد السكان في المنطقة، رغم عدم ارتفاع سعر الحاضنة وسهولة استيرادها.

وذكر الطبيب أن المديرية تحث المنظمات الطبية على ضرورة استجلاب ما يلزم القطاع الصحي وفقًا للخريطة الصحية الموجودة والنقص والاحتياج، لافتًا إلى وجود نقص حاد في حواضن الأطفال وحواضن العناية و”منافس” الأطفال و”الغواصات”.

ويسكن في مناطق شمال غربي سوريا 4.5 مليون شخص، 4.1 مليون منهم بحاجة إلى مساعدة، و3.3 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 2.9 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة، في حين تتحدث إحصائيات محلية عن 5.5 إلى 6 ملايين شخص.

نقص الاعتمادات المالية سبب

محمد العبدو، طبيب أطفال في مستشفى “سامز لرعاية الأمومة والطفولة” بالدانا شمالي إدلب، قال إن المستشفى يضم ثماني حواضن بحالة جيدة، وحاضنتين من نوع “الغواصة” إحداهما معطلة بحاجة إلى الصيانة.

ويرى الطبيب أن تأمين الحواضن أمر سهل نسبيًا، لكن العائق الرئيس يكمن في الاعتمادات المالية للكوادر الطبية والفنية المؤهلة للإشراف على الحواضن، وإمكانية استقطاب مزيد من الأطباء والكوادر الفنية والتمريضية.

وذكر العبدو خلال حديثه لعنب بلدي، أن إدارة المستشفى طالبت الجهات المانحة بفتح اعتمادات مالية لتوظيف طبيب أطفال وكوادر تمريضية وفنية منذ أكثر من شهرين دون تلقي رد، مشيرًا إلى أن الكوادر الطبية تعاني ضغطًا نفسيًا وتبذل جهودًا مضاعفة للعناية والإشراف على الحواضن المتاحة.

وأضاف الطبيب أن المستشفى مؤهل لاستقبال عديد من الحواضن، وتوجد أماكن مخصصة لها، لافتًا إلى أن الإدارة وضعت خطة لزيادة الحواضن إلى 20 حاضنة بشكل تدريجي في حال تعاونت الجهات المانحة بفتح اعتمادات مالية إضافية.

ويعاني القطاع الطبي في إدلب نقصًا في المعدات والكوادر وضعفًا في التمويل، وتطال المرافق الطبية قذائف قوات النظام السوري وحلفائها.

ومطلع تشرين الأول الحالي، تعرضت خمسة مرافق طبية للاستهداف المباشر من قبل قوات النظام، منها مستشفى “إدلب” الوطني، والمستشفى “الجامعي”.

وفي حديث سابق مع عنب بلدي، قال مدير صحة إدلب، الدكتور حسام قره محمد، إن القطاع الطبي يعاني أزمة حقيقية بسبب القصف الذي شهدته المنطقة، بالإضافة إلى خروج بعض المستشفيات عن الخدمة، والاستهداف المباشر للكوادر الطبية وتعريضها للخطر.

وأضاف أن المستشفيات باتت غير قادرة على استيعاب مزيد من المصابين، لأن كثيرًا من هذه الإصابات عنيفة مهددة للحياة، وتحتاج إلى تدخلات جراحية متخصصة ونوعية، كالجراحة العصبية والوعائية والعامة.

ويلجأ مرضى في إدلب إلى صيدليات “خيرية” للحصول على أدوية مجانية معظمها منتهي الصلاحية، إذ لا يستطيعون شراء الدواء، ورصدت عنب بلدي حالة الازدحام الشديدة التي تشهدها بعض الصيدليات التي تقدم الأدوية المجانية (عددها قليل في إدلب).




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة