تراجع أعداد طلاب المدارس الخاصة بدرعا.. الرسوم بالملايين

مدرسة الرازي الخاصة في حي السبيل بدرعا - 26 تشرين الأول 2023 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

camera iconمدرسة الرازي الخاصة في حي السبيل بدرعا - 26 تشرين الأول 2023 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

tag icon ع ع ع

درعا – سارة الأحمد

“بسبب الأوضاع الأمنية خلال الأعوام العشرة الماضية، سجلت أطفالي بمدرسة خاصة قرب بيتي، لكني بحاجة هذا العام لنحو 12 مليون ليرة كأقساط فقط”، بهذه الكلمات اشتكت إيمان من ارتفاع رسوم تسجيل الطلاب في المدارس الخاصة بشكل كبير.

على الرغم من أن غالبية أهالي طلاب المدارس الخاصة في درعا من أصحاب الدخل المرتفع مثل إيمان، وبسبب تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا، بدأت هذه الفئة تبدي استياءها من الارتفاع “المبالغ فيه” بأجور المدارس الخاصة، بينما قرر بعض الأهالي إعادة أولادهم إلى المدارس الحكومية، متجاهلين سوء وضعها التعليمي.

أنشئت أول مدرسة خاصة في محافظة درعا عام 1975، بحسب ما يتداوله أبناء المحافظة، في حين وصل حاليًا أعداد المدارس الخاصة إلى سبع في مدينة درعا وحدها، بالإضافة إلى وجود عدد آخر من المدارس الخاصة في بقية مدن وأرياف المحافظة.

وبلغت أجور المدارس الخاصة نحو 40 ألف ليرة سورية في عام 2011، وازدادت عامًا بعد عام لتصل عام 2021 إلى 500 ألف ليرة، وفي 2022 تضاعفت للمليون ليرة، أما هذا العام فقد تخطت التوقعات بطلب معظم المدارس أجورًا تصل إلى 4.5 مليون ليرة في العام الدراسي.

كما لا تختلف الأجور بحسب فئة تسجيل الطلاب، بل شملت الأجور ذاتها المراحل الدراسية بأكملها من الصف الأول الابتدائي إلى الثالث الثانوي.

وتعد هذه الأجور منفصلة عن أجور وسائل النقل الخاصة بالمدارس لمن يرغب بتسجيل ابنه فيها، إذ تبلغ تكاليفها بشكل منفصل ما بين 600 ألف و700 ألف ليرة للعام الدراسي.

بنسبة 40%.. تراجع التسجيل في المدارس الخاصة

أظهرت الإحصائيات في مديرية تربية درعا تراجعًا كبيرًا في أعداد الطلاب المسجلين بالمدارس الخاصة والذين توجهوا إلى المدارس الحكومية، بحسب مسؤول حكومي تحدث لعنب بلدي.

ولا تعلن عادة مديرية تربية درعا عن إحصائياتها، لكن موظفًا في المديرية كشف لعنب بلدي عن إحصائيات عدد الطلاب المسجلين في المدارس الخاصة، والفرق بين العام الماضي والحالي.

في عام 2022، وصل عدد الطلاب المسجلين في المدارس الخاصة إلى نحو 2240 طالبًا وطالبة، أما هذا العام فوصل عدد طلاب المدارس الخاصة إلى نحو 1700 طالب وطالبة.

ووفق الموظف (رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية)، يجب ألا تقل أعداد طلاب المدرسة الخاصة عن 90 طالبًا حتى لا يفرض إغلاقها.

وعن آلية تحديد الأجور، أوضح الموظف أنه خلال تموز الماضي، جرى تحديد الأجور من خلال عدة اجتماعات ما بين مسؤولي تربية درعا وعلى رأسهم مدير التربية، منهل العمارين، ومديري المدارس الخاصة.

وكانت تبريرات مديري المدارس لرفع الأجور خلال الاجتماعات بما تقدمه من وسائل ورحلات تعليمية مكلفة، بالإضافة إلى الأسعار المرتفعة للوقود والأوراق وحبر الطباعة، وارتفاع أجور المعلمين.

واعتمدت مديرية التربية هذا العام كما الأعوام السابقة سياسة “تحرير النقاط”، التي حددت بموجبها الحد الأعلى والأدنى للأجور.

وحددت الأجور لهذا العام الدراسي ما بين أربعة ملايين ليرة كحد أدنى إلى خمسة ملايين ليرة كحد أقصى، دون أن تتعدى أجور وسائل النقل التابعة للمدرسة 600 ألف ليرة.

الأهالي مستاؤون

الارتفاع الكبير للأجور هذا العام دفع العديد من أهالي محافظة درعا لسحب ملفات أبنائهم من المدارس الخاصة وتسجيلهم في المدارس الحكومية، بالرغم من الأوضاع التعليمية المتدهورة للأخيرة.

إيمان المحاميد من سكان مدينة درعا، يعمل زوجها في تجارة الملابس النسائية، ولديها ثلاثة أطفال يدرسون في مدرسة خاصة، لكنها هذا العام قررت نقلهم إلى مدرسة حكومية.

وعن سبب نقلهم إلى المدرسة الحكومية، قالت إيمان لعنب بلدي، “منذ بدء دخولهم المدرسة لم أرغب بتسجيلهم في المدارس الحكومية، بسبب الأوضاع الأمنية خلال الأعوام العشرة الماضية، خاصة أن المدرسة الخاصة أقرب لبيتي من المدرسة الحكومية”.

وأضافت، “هذا العام ارتفعت الأسعار بشكل كبير لنحو أربعة ملايين ليرة، ما عدا أجور التوصيل، أي أنني بحاجة لنحو 12 مليون ليرة كأقساط فقط، بينما لم تتعدَّ تكلفة أقساطهم العام الماضي ثلاثة ملايين ليرة”.

“أصبحت المدارس الخاصة ترى أولادنا أكياس مصاري تمشي على الأرض”، بحسب تعبير إيمان، موضحة أنها قامت بنقلهم إلى مدرسة حكومية على الرغم من نقص الكوادر، مع تعويضهم بمدرّسة لغة خاصة.

جهاد، من قرية نصيب في ريف درعا الشرقي، وهو مغترب يعمل في دولة الإمارات بعيدًا عن عائلته، سحب اثنين من أبنائه في المرحلة الابتدائية والإعدادية بالإضافة إلى أبناء أخيه الأربعة من مدرستهم الخاصة في درعا.

واستغرب جهاد في حديثه لعنب بلدي من تكلفة المدرسة الخاصة هذا العام قائلًا، “أربعة ملايين لكل ولد، يعني يلزمني أنا وأخي 25 مليونًا، وكأنني أسجلهم في جامعة خاصة وليس مدرسة”.

وبرر مدير المدرسة الخاصة لجهاد ارتفاع الأجور بأن المدرسة تتبع نظامًا تعليميًا لغويًا إضافيًا هذا العام، لكنه لم يقتنع بحديثه ونقل أبناءه وأبناء أخيه إلى مدرسة حكومية في مدينة درعا، مع تأمين وسيلة نقل لهم من قرية نصيب.

وأشار إلى أنه لم يكن يريد نقلهم إلى مدرسة حكومية في القرية بسبب النقص بالكوادر التعليمية.

تبريرات المدارس

مدير ومالك إحدى المدارس الخاصة في مدينة درعا قال لعنب بلدي، إن ارتفاع الرسوم سببه ارتفاع أسعار الأوراق وحبر الطباعة وضرائب المدرسة ووسائل تعليمية حديثة كشاشات الإسقاط، والكهرباء، إضافة إلى ازدياد أجور المعلمين ما بين 30 ألفًا إلى 40 ألف ليرة في الساعة.

ومن الأسباب التي ذكرها أيضًا، ارتفاع أسعار الوقود، والرحلات التعليمية، وفق المدير (رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية)، الذي أكد انسحاب العديد من الطلاب هذه السنة من مدرسته، وإغلاق شعب من بعض المراحل التعليمية، وخاصة من المراحل الاعدادية والعاشر والحادي عشر، بسبب عدم قدرة الأهالي على دفع الأقساط.

ومن الطلاب الذين تبقوا بعد شهرين من بداية العام الدراسي، ما زال هناك 30% من الطلاب لم يكملوا دفع القسط بشكل كامل، وفق المدير.

وتعاني المدارس الحكومية نقص الكوادر التعليمية، كما تشير تعميمات وزير التربية في حكومة النظام السوري، محمد عامر مارديني، إلى إعادة الإداريين للصفوف الدراسية كأساتذة باستثناء من هم في سن 55 عامًا أو المحالين صحيًا.

نقيب المعلمين، وحيد زعل، شدد في تصريحات نقلتها صحيفة “البعث” الحكومية قبل أيام، على ضرورة إجراء مسابقة سريعة لسد النقص الحاصل في المدارس، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من المعلمين يدرسون من خلال الوكالات لتغطية النقص في بعض الاختصاصات.

 





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة