شتاء اللاذقية بلا كهرباء.. ثمن البطارية يعادل رواتب أربعة أشهر

بطارية باستطاعة 16 أمبيرًا داخل منزل في اللاذقية – 2 من تشرين الثاني 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

camera iconبطارية باستطاعة 16 أمبيرًا داخل منزل في اللاذقية – 2 من تشرين الثاني 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

فشل أسامة (34 عامًا)، وهو محرر صحفي يعمل عن بُعد (أونلاين) بأحد المواقع الصحفية الإلكترونية، في شراء بطارية يحتاج إليها في عمله لشحن حاسوبه المحمول (اللابتوب)، مع ارتفاع أسعار البطاريات بدرجة كبيرة مؤخرًا، وكما درجت العادة مع بداية كل شتاء.

يحتاج أسامة إلى بطارية خاصة بالحاسوب باستطاعة 16 أمبيرًا على الأقل، ويبلغ ثمنها اليوم نحو 500 ألف ليرة سورية (نحو 35 دولارًا أمريكيًا)، أي راتب شهر كامل.

ويضطر الشاب للتوجه إلى أحد مقاهي الإنترنت بهدف العمل وشحن حاسوبه قليلًا، ثم العودة إلى المنزل وإكمال دوامه.

من جهتها، مها (34 عامًا) موظفة في القطاع الحكومي، تنتظر أن يوافق مصرف التسليف الشعبي على القرض الذي تقدمت بطلب للحصول عليه، بقيمة ثلاثة ملايين ليرة سورية، لتتمكن من شراء بطارية تكفي إنارة منزلها حيث يبلغ ثمنها 800 ألف ليرة، أي ما يعادل قيمة رواتب أربعة أشهر.

وذكرت أن البطارية التي تمتلكها اشترتها قبل نحو عام، إلا أنها بدأت تتراجع منذ خمسة أشهر، وباتت اليوم بالكاد تضيء المنزل لمدة ساعة، بينما تصل ساعات التقنين الكهربائي في اللاذقية إلى أربع ساعات ونصف مقابل نصف ساعة وصل.

ثلاثة أضعاف

يتراوح عمر البطارية بين ستة أشهر وعام كامل، بحسب طريقة استخدامها، وفق ما قاله “وسيم” (اسم مستعار طلب عدم الكشف عن اسمه الحقيقي لأسباب أمنية)، وهو صاحب أحد محال بيع البطاريات في اللاذقية.

وأضاف صاحب المحل (42 عامًا) أنه يجب شحن البطارية لمدة خمس ساعات متواصلة لضمان أن تعيش أطول وقت ممكن، لافتًا إلى أن معدل التقنين الكهربائي لا يسمح بهذا المعدل من الشحن، لذا فإن عمر البطاريات “حسب حظ الزبون”، ومن الممكن ألا يتعدى الثلاثة أشهر.

يستذكر “وسيم” العام الماضي حين كانت الكهرباء تأتي بمعدل ربع ساعة كل ست ساعات قطع، حيث جاءه زبون كان اشترى بطارية منه قبل ثلاثة أشهر، قائلًا له إنها مغشوشة وقد تعطلت ولم تعد تنير المنزل لأكثر من نصف ساعة، رغم أن استطاعتها كانت 55 أمبيرًا.

وتابع أنه أخبر الزبون بأن المشكلة تكمن في عدم شحنها، ونصحه بشراء شاحن طاقة شمسية وهو عبارة عن لوح صغير لا يتجاوز طوله المتر، يساعد على شحن البطارية وبالتالي إطالة عمرها، علمًا أن ثمن الشاحن هذا يبلغ 500 ألف ليرة وثمن الوصلة الخاصة به (تصل بينه وبين البطارية) يبلغ 200 ألف ليرة.

وبحسب “وسيم”، فقد ارتفع سعر البطاريات لنحو ثلاثة أضعاف عن مثل هذه الفترة من العام الماضي، فسعر بطارية باستطاعة 55 أمبيرًا كان 325 ألف ليرة واليوم 800 ألف ليرة، بينما تباع بطارية السبعة أمبيرات اليوم بـ200 ألف ليرة وكان ثمنها 60 ألفًا.

وكان ثمن بطارية الـ14 أمبيرًا 125 ألف ليرة، واليوم ثمنها 375 ألف ليرة، بحسب البائع، مرجعًا سبب ارتفاع سعرها إلى ارتفاع سعر الدولار مقارنة بالليرة السورية، رغم أن سعر الدولار لم يتضاعف ثلاث مرات.

وكان كل دولار أمريكي يعادل 8500 ليرة سورية بداية شتاء عام 2022، في حين يعادل اليوم 13600 ليرة سورية.

وينصح صاحب محل بيع البطاريات بعدم تشغيل الكثير من الإنارة (الليدات) في المنزل دفعة واحدة، حتى لو كان حجم البطارية كبيرًا، والاكتفاء بإنارة غرفة واحدة.

كما ينصح بعدم شحن البطارية إلا حين التأكد من إطفاء جميع “الليدات” لضمان بقائها أطول وقت ممكن، وعدم استهلاك طاقتها القليلة أساسًا بسبب عدم شحنها بشكل كافٍ.

أسعار “الليدات” أيضًا

ليست أسعار البطاريات وحدها التي ارتفعت بشكل مضاعف، فأسعار “الليدات” تثقل كاهل الأهالي، خصوصًا أنه يجب تبديلها مرة على الأقل كل عام.

وخلال جولة لعنب بلدي على بعض محال بيع “الليدات” والبطاريات في مدينة اللاذقية، كان من الواضح تفاوت السعر بشكل كبير، ففي حي المشروع السابع طلب صاحب المحل مبلغ 10 آلاف ليرة ثمن متر من “الليد” الليزري وهو أفضل الأنواع.

وطلب مبلغ 800 ليرة ثمن “الليد” العادي، و2000 ليرة ثمن “ليد الليرة” (ليد صغير دائري الشكل يشبه شكل الليرة)، وتحتاج الغرفة إلى خمسة على الأقل منه لإضاءتها.

وفي شارع “هنانو” طلب صاحب المحل مبلغ 8500 ليرة لقاء متر “الليد” الليزري، و6500 ليرة ثمن “الليد” العادي، و1500 ليرة ثمن “ليد الليرة”.

"ليد" يقال عنه "الليرة" في منزل بمدنية اللاذقية - 2 من تشرين الثاني 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

“ليد” يقال عنه “الليرة” في منزل بمدنية اللاذقية – 2 من تشرين الثاني 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

“درجة خامسة”

لم يخفِ “أبو أحمد” وهو سائق سيارة أجرة (تاكسي) في مدينة اللاذقية امتعاضه من ارتفاع أسعار مستلزمات الإنارة وسط غياب الكهرباء، وقال إنه سيضطر لاستخدام مصباح الكاز أو الشموع، لأنه فشل في ادخار ثمن بطارية حتى ذات استطاعة السبعة أمبيرات.

وأضاف أن الحلول لم تعد متوفرة، منتقدًا الجهات الحكومية التي تشجع على تركيب ألواح الطاقة الشمسية التي تصل تكلفتها إلى ملايين الليرات، في حين لا يملك هو 200 ألف ليرة ثمن بطارية.

ولفت إلى أن إمكانيات الأهالي لا تتناسب مع أي خيار بديل، واصفًا حال الشعب بأنه “درجة خامسة” فهو غير قادر على تأمين كهرباء وتدفئة.

ومع قدوم الشتاء تزداد معاناة الناس في سوريا عمومًا وفي مناطق سيطرة النظام خاصة، وسط واقع اقتصادي ومعيشي متردٍ وضعف في الرواتب، إذ يبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية 186 ألف ليرة (الدولار الواحد 13600 ليرة).

اقرأ أيضًا: بعد الاستغناء عن اللحم والفروج.. اللاذقية تواجه الشتاء دون مؤونة




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة