النظام السوري و”قسد”.. أعداء في الشرق حلفاء شمالًا

مقاتلون من قسد على مدخل دير الزور شرقي سوريا (روداو)

camera iconمقاتلون من "قسد" على مدخل دير الزور شرقي سوريا (روداو)

tag icon ع ع ع

منذ أيام بدأت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بإنشاء نقاط عسكرية على ضفة نهر “الفرات” الشرقية المقابلة لمناطق سيطرة النظام السوري شرقي محافظة دير الزور، تزامنًا مع ازدياد هجمات قالت “قسد” إنها مدعومة من النظام وقادمة من مناطق سيطرته.

وتأتي التحصينات العسكرية على خلفية التوتر الأمني الممتد في المنطقة منذ 28 من آب الماضي، عندما اندلعت مواجهات مسلحة بين عشائر المنطقة الداعمة لـ”مجلس دير الزور العسكري” و”قسد”، وامتدت حتى نهاية أيلول.

التوتر الأمني على ضفتي النهر يعتبر حالة جديدة نسبيًا، إذ لطالما اعتبرت المنطقة مصدرًا لتزويد أسواق مدينة دير الزور ومناطق أخرى يسيطر عليها النظام بالمحروقات ومواد أساسية قادمة من حيث تسيطر “قسد”.

ووصل الخلاف بين “قسد” والنظام إلى أوجه مطلع تشرين الثاني الحالي، وتجلى بقصف متبادل بين الجانبين على ضفتي النهر، إذ يتمركز الجانبان بنقاط عسكرية مشتركة ضد “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا شمالي وشرقي محافظة حلب، وفي مناطق من محافظة الحسكة.

لضبط عمليات التهريب

خلال السنوات الماضية، ركزت “قسد” جهودها على ضبط عمليات التهريب بين ضفتي النهر، إذ داهمت العديد من معابر التهريب، لكن نقل البضائع والمحروقات لم يتوقف.

الباحث في مركز “جسور للدراسات” أنس شواخ، قال لعنب بلدي، إن “قسد” تعمل على نشر نقاط عسكرية تشبه نقاط المراقبة لمحاولة ضبط عمليات التهريب القائمة والمستمرة دومًا منذ سيطرة “قسد” على المنطقة بدعم من التحالف الدولي.

وفي الوقت نفسه، تشكل المعابر المائية الواصلة بين ضفتي النهر مصدرًا ماليًا لقياديين ومتنفذين في “قسد” وحزب “العمال الكردستاني” الذي يشكل عمادها، بحسب الباحث المتخصص بشؤون مناطق شمال شرقي سوريا.

ونظرًا إلى ما سبق، يعتقد شواخ أن الإجراءات الأمنية الأحدث على ضفتة الفرات الشرقية يبدو أنها جاءت بدفع من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا والعراق، لكن لا يزال من غير الواضح إن كانت “قسد” تملك القدرة على إتمام هذه التحركات.

مدير مركز “جيواستراتيجي للدراسات”، إبراهيم كابان، قال لعنب بلدي، إن المخاطر ترتفع في المنطقة، فيما يتعلق بالقواعد الأمريكية المنتشرة فيها، والميليشيات الموالية لإيران التي تنتشر على ضفة نهر الفرات الغربية.

ورجح كابان أن تكون التحركات الأمنية لـ”قسد” في المنطقة تصب في هذا السياق، تجنبًا لتصاعد الهجمات، أو تهريب النظام أسلحة متطورة، أو عناصر إلى المناطق التي تنتشر فيها القواعد الأمريكية.

هل تغيّرت علاقة “قسد” بالنظام؟

تتمركز قوات النظام السوري إلى جانب “قسد” في عشرات المواقع العسكرية، ولا يخفي الجانبان ذلك، إذ يمكن ملاحظة أن القصف التركي الذي يستهدف مناطق سيطرة “قسد” في عين العرب/كوباني، أو حتى في تل رفعت شمالي حلب، يسفر عن إصابات في صفوف قوات النظام.

الباحث أنس شواخ رجح أن التغييرات العسكرية والوضعية الدفاعية التي اتخذتها “قسد” من قوات النظام شرقي دير الزور يرجح أنها جاءت بتوجيهات من التحالف الدولي، وليست استراتيجية خاصة بـ”قسد” نفسها، خصوصًا أنها حافظت على انتشارها العسكري إلى جانب النظام في مناطق أخرى.

الباحث المتخصص بالشأن الكردي إبراهيم كابان، أوضح أن مخاوف التحالف الدولي أو “قسد” تتجلى بدعم النظام لـ”مجموعات متمردة” في مناطق سيطرة الأخيرة، في إشارة إلى القوات العشائرية التي يقودها إبراهيم الهفل، شرقي دير الزور، وتشن هجمات متكررة تستهدف “قسد” بقرى وبلدات دير الزور.

وربط الباحث القصف المتبادل بين بالتوتر الإيراني- الأمريكي شرقي سوريا، الذي انعكس مرارًا على شكل استهدافات إيرانية لقواعد أمريكية بالمنطقة، وردت أمريكا عليه باستهداف أحد مستودعات الأسلحة شرقي دير الزور قالت إنه يتبع لوكلاء إيران.

شواخ رجّح من جانبه أن يكون القصف المتبادل بين “قسد” والنظام السوري شرقي دير الزور مرتبطًا بالتصعيد الإيراني- الأمريكي بالمنطقة أيضًا.

ولم يستبعد أن تكون الولايات المتحدة سمحت لـ”قسد” باستهداف مواقع تمركز قوات النظام السوري، أو الميليشيات الإيرانية المتمركزة بمدينة الميادين شرقي دير الزور، ردًا على استهداف وكلاء إيران لقواعد أمريكية في سوريا.

عدو هنا حليف هناك

على الرغم من حالة التوتر الأمني التي تعيشها ضفتا نهر “الفرات” بمحافظة دير الزور بين “قسد” وقوات النظام السوري، تجلت بقصف وهجمات ومواجهات مسلحة، يتمركز الطرفان في نقاط عسكرية مشتركة بمحافظات أخرى كالحسكة ومناطق من أرياف حلب.

وتعتبر مدينة تل رفعت شمالي حلب مثالًا على تداخل القوات العسكرية، إذ تتشارك قوات النظام و”قسد” الحواجز العسكرية والنقاط المنتشرة على خطوط التماس مع “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا.

وتنتشر قوات النظام أيضًا على الحدود السورية- التركية بمحافظة الحسكة، وأخرى في مدينة عين العرب شرقي محافظة حلب.

وسبق أن قُتل عدد من قوات النظام إثر ثلاث غارات جوية تركية استهدفتهم في تلة جارقلي بعين عرب، في إطار الاستهدافات التركية المتكررة لـ”قسد”.

توتر أمريكي- إيراني

خلال إحاطة صحفية، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، “نحن نعلم أن هذه الجماعات مدعومة من (الحرس الثوري الإيراني) ونظامه، ونعلم أن إيران تراقب هذه الأحداث عن كثب، وفي بعض الحالات، تعمل بنشاط على تسهيل هذه الهجمات وتحفيز الآخرين الذين يرغبون في استغلال الصراع لمصلحتهم”، في إشارة إلى استهدافات متفرقة طالت قواعد أمريكية في سوريا والعراق.

وأكدت الولايات المتحدة بشكل متكرر أن الغرض من وجود قواتها في سوريا والعراق هو محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” فقط.

وعندما ردت واشنطن على هذه الاستهدافات بقصف مواقع قالت إنها لميليشيات إيرانية شرقي دير الزور، أشارت إلى أن قصفها للمنطقة منفصل عن الأحداث الجارية بين الاحتلال الإسرائيلي و “حركة المقاومة الإسلامية” (حماس) في قطاع غزة.

وفي 28 من تشرين الأول الماضي، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، إنه لا ارتباط لبلاده مع الجماعات التي استهدفت القوات الأمريكية في سوريا، معتبرًا أن الميليشيات المنتشرة في المنطقة تتصرف من تلقاء نفسها ولم تتلقَّ أي توجيهات من طهران.

وأضاف في مقابلة مصورة مع وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، أن الجماعات المسلحة المعادية للولايات المتحدة لا تتلقى أي أوامر أو تعليمات من بلاده، لافتًا إلى أن الجانب الأمريكي يزعم أن هذه الأمور مرتبطة بإيران، ولكن هذه المجموعات “تقرر بنفسها، وبشكل مستقل”.

السكرتير الصحفي لـ”البنتاجون”، العميد بات رايدر، قال الاثنين، إن العدد الإجمالي لجرحى القوات الأمريكية في سوريا والعراق بلغ 45 مصابًا إثر هجمات استهدفت القواعد الأمريكية في البلدين بين 17 و18 من تشرين الأول الماضي.

وأضاف في مؤتمر صحفي نشره “البنتاجون”، مساء الاثنين 6 من تشرين الثاني، أن 32 أمريكيًا أصيبوا في قاعد “التنف” وحدها شرقي محافظة حمص السورية، بينهم إصابات “دماغ رضية” وإصابات طفيفة أخرى.

في قاعدة “عين الأسد” الجوية بالعراق، أصيب 13 جنديًا أمريكيًا، من بينهم أربع إصابات بـ”رضوض دماغية” وتسع إصابات طفيفة، إلى جانب إصابة واحدة في القاعدة الأمركية بأربيل.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة