البحيرات والأحراش باتت من الذاكرة

درعا.. السياحة تدفع ثمن الحرب والجفاف

السياحة تدفع ثمن الحرب في درعا

camera iconمدرج بصرى الشام في محافظة درعا جنوبي سوريا- 13 من تشرين الاول 2023 (عنب بلدي/سارة الأحمد)

tag icon ع ع ع

درعا – حليم محمد

على الجانب المواجه لشلالات تل شهاب في ريف درعا الغربي، يقف الشاب غسان العمر، من سكان مدينة درعا، مستذكرًا رحلات طفولته بالمنطقة، حيث كانت الأشجار والمياه، وأفواج من السياح تملأ المكان.

وباتت المناطق السياحية خالية من أي حركة بعد جفاف مياهها، والقطع الجائر للأشجار، ويضاف إليها عدة عوامل أسهمت في تردي هذا القطاع، كالواقع الأمني السيئ، وغلاء تكاليف وسائل النقل، وترهل مؤسسات الدولة، ودمار المناطق الأثرية.

ولم يتعافَ قطاع السياحة بعد سيطرة النظام على المنطقة في تموز 2018، رغم ترويج حكومة النظام عبر عدة وسائل إعلامية لعودة الحياة إلى طبيعتها في درعا وجميع مناطق سيطرتها.

الأعداد في تراجع

قال مدير سابق في غرفة سياحة درعا لعنب بلدي، إن عدد السياح الأجانب الذين زاروا المحافظة في عام 2022، بلغ ثلاثة آلاف سائح، في حين وصل العدد عام 2010 إلى 13 ألف سائح دخلوا من معبر “نصيب” الحدودي مع الأردن.

وأرجع المدير، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، تراجع السياحة لعدة عوامل، منها جفاف المياه في البحيرات السطحية والينابيع، التي كانت تجذب السياح، وخاصة من الداخل السوري.

وأضاف أن حالة الفلتان الأمني أخرجت العديد من المناطق السياحية من حسابات السائحين الذين يتخوفون من عمليات الاغتيال أو السطو والسرقة.

وتشهد درعا عشرات عمليات الاغتيال شهريًا، وسط غياب لسلطة النظام في معظم مناطق المحافظة.

ووثّق مكتب “توثيق الشهداء في درعا” 53 عملية اغتيال ومحاولة اغتيال في تشرين الأول الماضي.

وحمّل المدير إدارة وزارة السياحة مسؤولية الترهل، جراء عدم اهتمامها بالواقع السياحي في المحافظة، وعدم جذب الاستثمارات السياحية والسعي لتحسين أوصاف المناطق السياحية.

الجفاف أضعف السياحة

للعام الثالث على التوالي، جفت بحيرات المزيريب، وزيزون، وعيون العبد، وشلالات تل شهاب خلال الصيف، ما أفقد هذه المناطق جمالية المنظر ومتعة السباحة.

وكانت هذه المناطق تمتلئ بالسياح، وخاصة من سكان المناطق المجاورة في درعا، ومن دمشق والمحافظات الأخرى، لا سيما أيام العطل الرسمية.

غسان (40 عامًا) من سكان مدينة درعا قال لعنب بلدي، إنه كان يخرج برفقة أصدقائه معظم أيام الجمعة، التي تعد أيام عطلة رسمية في سوريا، خلال فصل الصيف في السنوات الماضية.

وأوضح أنهم كانوا يقضون طول اليوم تحت الأشجار بمحيط البحيرات، أو داخل الأحراش كحرش “جلين”، أو غابة “تسيل”، أو وادي “جملة”، لكنه حاليًا لم يعد يخرج برحلات لأن المنطقة جفت مياهها وقطعت أشجارها، قائلًا، “سابقًا كنا نسبح ونركب القوارب في بحيرة المزيريب، لم يتبقَّ من الأثر سوى قوارب مرمية على شواطئ البحيرة”.

ومن العوامل التي أثرت أيضًا على واقع السياحة تراجع القدرة الشرائية، وغلاء أجور النقل.

أحمد الراضي (30 عامًا) من سكان مدينة درعا، قال لعنب بلدي، إن السياحة باتت أمرًا ثانويًا في ظل تردي الواقع المعيشي، إذ أصبحت لدى رب الأسرة أولويات تتقدم على الخروج بنزهات، وقد تحتاج إلى ميزانية عمل أسبوع كامل.

أحمد الذي يعمل في صيانة الجوالات، أوضح أن سعر كيلو اللحمة يبلغ 130 ألف ليرة سورية كحد أدنى في حال أرادت العائلة الشواء خلال الرحلة، بينما تبلغ أجرة الباص نحو 500 ألف ليرة، في حال استأجره يومًا كاملًا كما كان يفعل سابقًا، فضلًا عن مصاريف أخرى أصبحت خارج قدرته الشرائية.

النظام يصدّر قلعة بصرى فقط

دأب النظام السوري بعد سيطرته على محافظة درعا على توجيه الوفود السياحية، وخاصة الأجنبية منها، إلى قلعة بصرى الأثرية.

وقال عدد من سكان مدينة بصرى لعنب بلدي، إن قلعة بصرى تشهد زيارات لوفود أجنبية برفقة موظفي وزارة السياحة، رغم استمرار عمليات الترميم، ورغم عدم جاهزية القلعة لاستقبال السياح، إذ ما زال الفندق الوحيد بمحيط القلعة خارج الخدمة بعد تدميره خلال السنوات الماضية بفعل العمليات العسكرية.

ويروج النظام السوري عبر معرفاته للحالة الطبيعية لمحافظة درعا، ويحرص على توجيه وفود سياحية من بلدان أجنبية أو عربية لزيارة المدينة، في حين يتجاهل بقية الأماكن السياحية والأثرية كقلعة المزيريب والحمام الروماني في مدينة إنخل، وآثار بلدة المتاعية، ووادي العرائس في ريف درعا الغربي.

وقال مدير مركز الاستعلامات السياحي في مدينة بصرى، محمد المقداد، في أيلول الماضي لوكالة “سانا“، إنه منذ آذار الماضي، قصد مدينة بصرى أكثر من 25 وفدًا سياحيًا من جنسيات أجنبية، بالإضافة إلى أكثر من 5000 سائح ضمن رحلات سياحية داخلية.

ولا تزال مدينة بصرى الشام الأثرية تعاني الإهمال رغم دخولها تصنيف “يونسكو” للتراث العالمي عام 1980، كما لم تسهم المنظمة التابعة للأمم المتحدة في عمليات الترميم، سواء خلال فترة سيطرة فصائل المعارضة، أو حتى بعد سيطرة النظام السوري على المنطقة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة