أهالٍ يلجؤون لحليب الأبقار

غلاء الحليب المجفف يحرم الأطفال من غذائهم الأساسي باللاذقية

غلاء الحليب المجفف يحرم الأطفال من غذائهم

camera iconحليب أطفال داخل صيدلية في مدينة جبلة باللاذقية - تشرين الثاني 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

اللاذقية – ليندا علي

ثمن علبة الحليب من نوع “نان 2” المخصص للأطفال من عمر ستة أشهر وحتى سنة تسبب بالصدمة لناديا (28 عامًا)، التي كلّفتها شقيقتها بالبحث عنه لطفلها الصغير، إذ وصل سعر العلبة إلى 235 ألف ليرة سورية من وزن 800 غرام، بينما غابت العبوة بالحجم الصغير 400 غرام عن كل المحال والصيدليات التي طرقت أبوابها قبل أيام في مدينة اللاذقية.

العلبة الكبيرة تلك بالكاد تكفي الطفل الرضيع نحو عشرة أيام مع كل التوفير الممكن فيها، أي أن الطفل يحتاج مع التقنين إلى ثلاث علب شهريًا، ويوازي ثمنها رواتب ثلاثة أشهر ونصف تقريبًا.

وبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية 186 ألف ليرة تقريبًا (نحو 13 دولارًا أمريكيًا)، بعد زيادتها 100% منتصف آب الماضي.

وقالت ناديا، إن شقيقتها كانت تمتلك عدة علب من حليب الأطفال أحضرتها لها صديقة مغتربة، لم يتبقَّ منها اليوم سوى علبتين فقط، لذا كان لا بد من البحث حتى تضمن عدم انقطاع المادة لطفلها.

وأضافت أن السعر وقف عائقًا كبيرًا، فمن أين لشقيقتها وزوجها شراء العلبة بهذا المبلغ، وكلاهما موظف براتب لا يتجاوز الـ225 ألف ليرة، والطفل يحتاج أيضًا إلى غذاء آخر في هذا العمر، وهذا ما يسبب زيادة في المصاريف.

وذكرت أن البائع حين رأى أنها تفاجأت بالسعر، عرض عليها أن تشتري نصف العلبة لأن هناك زبونة تريد نصفها، وأما إن كانت تريد الثلث فقط، فتستطيع إحضار زبونة ويتم تقاسم العلبة لديه.

شكرت ناديا البائع وخرجت علّها تجد ضالتها في مكان آخر، حتى وجدت علبة صغيرة بذات النوع بإحدى الصيدليات في حي الشيخ ضاهر بسعر 125 ألف ليرة.

ورفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سعر حليب الأطفال نهاية تشرين الأول الماضي، ليصبح 100 ألف ليرة للمستهلك من نوع “نان 1” بوزن 400 غرام، لكن مع ندرة وجود المادة، فإن غالبية المحال التجارية والصيدليات لا تتقيد بالسعر.

بدائل محلية

تخلّت زينب (35 عامًا) عن شراء حليب الأطفال الرضع، وقررت استخدام أحد أنواع حليب البودرة المصنع محليًا، وهو غير مخصص للرضع، إلا أنها استشارت طبيبها وأخبرته بعدم قدرتها على شراء الحليب، وبأنها تنوي إعطاء طفلتها ذلك النوع، ليخبرها أنه لا يجب فعل ذلك وفي الأمر خطورة على الطفل.

مع إصرارها، طلب إليها الطبيب أن تضع ملعقة واحدة من مسحوق الحليب لكل كأس مياه عوضًا عن ملعقتين ونصف، وهي مستمرة على هذه الطريقة منذ كان عمر طفلتها خمسة أشهر، وهي اليوم بعمر سبعة أشهر.

وتحاول زينب تعويض طفلتها ببدائل أخرى مثل اللبن الرائب، كونها وبسبب تعرضها لوعكة صحية حادة، توقفت على إثرها عن عملية الإرضاع الطبيعي منذ كان عمر طفلتها أربعة أشهر.

وبلغ سعر علبة الحليب من نوع “نان 1″ و”نان 2” من إنتاج شركة “نسلة”، مطلع كانون الثاني الماضي، حين سعرتها التجارة الداخلية لأول مرة 17 ألفًا و50 ليرة، لترتفع في تسعيرتها نحو ستة أضعاف بأقل من 10 أشهر، حين أصدرت التسعيرة الجديدة نهاية تشرين الأول الماضي.

أوضحت زينب أن صديقتها لجأت إلى استخدام حليب الأبقار إنما بحذر شديد، حيث تقوم بخلط مقدار من الحليب بعد غليه لمدة 20 دقيقة على النار، مع مقدارين من المياه وتعطيه لطفلها الذي يبلغ من العمر ثمانية أشهر، وهي تقوم بهذه الطريقة منذ كان عمر طفلها ستة أشهر، لعدم قدرتها على شراء حليب الأطفال.

ويعتبر الحليب البقري خطرًا جدًا على صحة الأطفال الرضع، وبحسب الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، فإن تركيز البروتين العالي الموجود في هذا النوع من الحليب ربما يؤدي إلى التهاب أمعاء الطفل، أو نزيف في البطانة المعوية.

ولا يحوي الحليب البقري كميات حديد كافية للطفل، وهو ما يمكن أن ينتج عنه حدوث فقر الدم، وأحيانًا تكون الأعراض أكثر خطورة وتتسبب بموت الرضيع.

كل مرة نوع

أكثر ما يرهق إسماعيل (42 عامًا) ليس فقط ثمن الحليب، إنما عملية البحث عنه، إذ يضطر في كل مرة إلى تبديل النوع، فمرة يعثر على حليب من نوع “نان”، ومرة أخرى على نوع “كيكوز” وثالثة من نوع “أوبتاميل”، وغالبًا فإن طفله لا يتقبل النوع الجديد من أول مرة، أو ينتهي الأمر به مصابًا بتلبك معوي.

وتنتشر في الأسواق بعض الأنواع غير المرغوبة كثيرًا مثل “بيبي ليه” بسعر 67 ألف ليرة لوزن 400 غرام، و”إس غولد” بـ96 ألف ليرة، إلا أن الغالبية تفضل منتجات شركة نستله مثل “نان”.

إسماعيل الذي يعمل بنظام العمل عن بعد مع إحدى شركات البرمجة خارج سوريا، يساعده دخله على دفع ثمن الحليب، وكل ما يحلم به أن يجد نوعًا واحدًا يستمر عليه دون تغيير.

وقال إن ابنه سيبلغ عامه الأول بعد أقل من شهر ونصف، وهو حاليًا يتناول حليب “نان 2″، ومع عودة توفر هذا النوع بعد رفع سعره، فإنه ربما لن يكون مضطرًا لتغييره مرة أخرى.

ويتحكم في سعر حليب الأطفال الرضع موضوع الاستيراد، كونه مادة غير مُنتجة محليًا، وفقًا لما قاله رئيس لجنة الخدمات في مجلس “الشعب”، فيصل عزوز، وأضاف لصحيفة “الوطن” المحلية، أنه يجب أن تكون المادة مدعومة أكثر من غيرها، ويجب أن يتم الإشراف على توزيعها بشكل أكبر دقة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة