على حساب صحة المستهلك

سوريا.. انتقادات لتأجيل مراقبة منتجات غذائية لدعم صناعيين

مسؤولون في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يتابعون واقع عمل الأفران والمطاحن والشركة السورية للتجارة في محافظة حلب- آب 2023 (وزارة التجارة الداخلية)

camera iconمسؤولون في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يتابعون واقع عمل الأفران والمطاحن والشركة السورية للتجارة في محافظة حلب- آب 2023 (وزارة التجارة الداخلية)

tag icon ع ع ع

استجابت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري لمطالب مصنعي الشوكولا والبسكويت، بإلغاء تعميم صدر في 21 من أيلول الماضي بإصدار مواصفات الدهون المتحولة (الزيوت المهدرجة) على أغلفة هذه المنتجات، وهو ما أثار انتقادات ومخاوف من تأثير هذا التعميم على صحة المستهلكين.

واستبدلت الوزارة بالتعميم الملغى آخر صادرًا في 24 من تشرين الأول الماضي بعدم مخالفة المنتجات التي تدخل في مكوناتها الزيوت المهدرجة مثل الشوكولا والبسكويت وغيرهما (دون تحديدها)، حتى وإن لم يذكر أي نسبة للدهون المتحولة فيها، سواء في جدول القيمة التغذوية أو ضمن المكونات على أغلفة المنتجات، وذلك حتى نهاية عام 2025.

وبررت الوزارة تعميمها بأن هذه المهلة نهائية حتى استخدام المطبوعات المتوفرة لدى مصنّعي المنتجات الحاوية على الدهون، وأكد التعميم عدم تفتيش عناصر حماية المستهلك المواد الأولية المتوفرة في المصانع أو سحب عينات منها، والاكتفاء بمراقبة المنتج النهائي في حال الاشتباه به، مع ضرورة ذكر سبب الاشتباه.

ويأتي هذا التعميم بعد أن طالب صناعيو ومنتجو البسكويت والشوكولا والسكاكر في غرفة صناعة دمشق وريفها بتعديل بعض بنود المواصفات القياسية لمادة الشوكولا، وقالت الغرفة إن الدهون المتحولة الداخلة في صناعة الشوكولا هي زيوت متحولة تتم هدرجتها جزئيًا، وتعتبر “آمنة بناء على توصية الأمم المتحدة التي تسمح بوضع 5% من الزيوت المهدرجة ضمن الشوكولا وهي كمية غير مؤذية”، وفق ما نشرته صحيفة “البعث” الحكومية.

نائب رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها ورئيس القطاع الغذائي، طلال قلعة جي، أوضح لموقع “سوا نيوز” المحلي، في 16 من تشرين الثاني الحالي، أن المشكلة في التعميم الملغى بأن لدى الصناعيين كمية من المطبوعات الموجودة في المعامل للمنتجات لا تنتهي قبل ستة أشهر إلى عام على الأقل، وأن صدور القرار وعدم التزام أصحاب المعامل به سيعرضهم للمخالفة.

وأشار قلعه جي إلى طلب لجنة المنتجين للبسكويت والشوكولا من وزير التجارة الداخلية تأجيل القرار لفترة معينة حتى تنتهي المطبوعات، شاكرًا “الاستجابة السريعة لمنحهم هذه الفترة بما يخدم العملية الإنتاجية”، على حد تعبيره.

انتقادات وتجارب سابقة

نشر الخبير الاقتصادي عامر شهدا، على صفحته الشخصية في “فيس بوك“، أن الترجمة الفعلية لتعميم وزارة التجارة الداخلية هو أن “الورق أهم من الأطفال”، قائلًا إنه بسبب المطبوعات “يتم السماح بالزيت المهدرج في صناعة الشوكولا لعام 2025 بحجة المطبوعات”.

وذكر أيضًا شهدا لموقع “أثر” المحلي، في 16 من تشرين الثاني الحالي، أنه قبل سنوات منع استخدام الزيوت المهدرجة في المواد الغذائية، متسائلًا كيف يصدر قرار باستخدامها وإعطاء مهلة لصناعيي الشوكولا والبسكويت لنهاية عام 2025، و”كأن الأوراق لها مدة زمنية وتصبح غير صالحة وهي أهم من صحة الأطفال”.

وأضاف أن جميع دول العالم منعت استخدام الزيوت المهدرجة لخطرها على صحة الإنسان، مشيرًا إلى أن مخاطر القرار مرتفعة على صحة الأطفال بشكل خاص، وبالتالي كان يجب على الوزارة إقامة حملة لمقاطعة المنتجات التي تدخل بها الزيوت المهدرجة، وليس تلبية رغبة الصناعيين وتحقيقهم أرباحًا على حساب صحة الأطفال، على حد تعبيره.

واستنكر شهدا مبرر القرار قائلًا إنه كان بإمكان الصناعيين تعديل المطبوعات الموجودة لديهم، موضحًا أنه لا يوجد صناعي سيكون اليوم طبع مغلفات للشوكولا لغاية عام 2025، بسبب تراجع الاستهلاك نتيجة ارتفاع الأسعار وبالتالي إن أجرى الطباعة فهو سيكون “خاسرًا”.

وتساءل شهدا حول الضمان الذي يمكن للصناعي تقديمه بعدم استخدم مواد منتهية الصلاحية ودهون مهدرجة تؤدي إلى الأمراض، وذلك بعد أن وضع بند ضمن القرار بعدم سحب عينات من المواد الأولية المتوفرة في المصانع والاكتفاء بمراقبة المنتج النهائي في حال الاشتباه به مع ضرورة ذكر سبب الاشتباه وظروف أخذ العينات.

وكان قرار لوزارة التجارة الداخلية صدر في حزيران 2021، يتعلق بالسماح لمعامل الأجبان والألبان بتصنبع “أشباه الأجبان والألبان”، أي المنتجات التي يدخل في تصنيعها الحليب المجفف، والزيوت النباتية غير المهدرجة، والنشاء المعدل، والمنكهات الغذائية المسموحة.

وأثار القرار حينها جدلًا واسعًا وانتقادات من سوريين، ما دفع بالوزارة لتجميد القرار.

وقال حينها وزير التجارة الداخلية السابق، طلال البرازي، خلال حديث إعلامي أجراه مع قناة “الفضائية السورية” الرسمية، “إن استخدام الزيوت المهدرجة مرفوض، لما لها من آثار جانبية تضر بصحة الإنسان”.

ما مخاطر الزيوت المهدرجة

تعرّف منظمة الصحة العالمية الدهون المتحولة أو الزيوت المهدرجة، بأنها أحماض دهنية غير مشبعة تأتي من مصادر طبيعية كالأبقار والأغنام، أو صناعية تتشكل حين يضاف الهيدروجين إلى الزيت النباتي وتحول السائل إلى مادة صلبة، ما يؤدي إلى إنتاج زيت “مهدرج جزئيًا”.

ويعزى، بحسب “الصحة العالمية”، قرابة 540 ألف حالة وفاة كل عام بسبب تناول الدهون المتحولة المنتجة صناعيًا، كما يزيد تناول كميات كبيرة من الدهون المتحولة من خطر الوفاة لأي سبب بنسبة 34%، والوفيات بأمراض القلب التاجية بنسبة 28%، وأمراض القلب التاجية بنسبة 21%.

وتزيد الزيوت المهدرجة من مستويات الكوليسترول الضار (LDL) بينما تخفض مستويات الكوليسترول الحميد، وبشكل عام ليس للدهون المتحولة فوائد صحية معروفة، لكن الصناعيين يستخدمونها لإطالة عمر المنتج.

وتوصي منظمة الصحة بتخفيف استهلاك الطاقة الداخلة للجسم عبر الدهون المتحولة إن كانت طبيعية أو صناعية بنسبة أقل من 1% من إجمالي الطاقة الداخلة، وهو ما يترجم إلى أقل من 2.2 غرام في اليوم من الدهون المتحولة لنظام غذائي يحتوي على ألفي سعرة حرارية.

قدرت المنظمة الأممية متوسط استهلاك الدهون المتحولة على مستوى العالم بنسبة 1.4% من إجمالي الطاقة في عام 2010، ويتراوح بين 0.2 و6.5% من إجمالي الطاقة عبر البلدان، أعلاها في القارة الأمريكية وشمال إفريقيا والشرق الأوسط، في حين كانت الأعمار الصغيرة الفئة الأكثر استهلاكًا في هذه البلدان.

وأثبت الدراسات أن تسخين الزيت والقلي في درجات حرارة عالية يؤدي إلى زيادات ضئيلة في تركيزات الدهون المتحولة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة