متلازمة التعذيب.. الدعم النفسي للمعتقلين المحررين ليس ترفًا

متلازمة التعذيب.. الدعم النفسي للمعتقلين المحررين ليس ترفًا
tag icon ع ع ع

د. أكرم خولاني

يعاني كثير من المعتقلين والأسرى بعد الإفراج عنهم من اضطرابات نفسية تسمى “متلازمة التعذيب”، وتشمل أعراضًا كالصداع والدوار والكوابيس واضطرابات النوم واضطرابات المزاج (قلق، اكتئاب، مخاوف، رعب، فوبيا)، واضطرابات سلوكية (توتر، عنف، انسحاب، ضعف جنسي)، واضطرابات ذهنية (عدم القدرة على التركيز، صعوبات في الانتباه، فقدان الذاكرة).

ويعود ذلك لأسباب متعددة:

  • تتملك الشخص في بداية الاعتقال مشاعر الخوف والإحساس بالظلم الدائم وتوقع الأذى من الآخرين، وتدوم تلك الأحاسيس فترة من الزمن، وقد تستمر بعد الاعتقال.
  • يعاني معظم المعتقلين والأسرى من التعذيب الجسدي والنفسي الشديدين داخل السجن بهدف أخذ معلومات أو الانتقام والتشفي من المعتقل أو تحطيم معنوياته وكسر إرادته، ويكون التعذيب الجسدي عن طريق الضرب والتعليق والتعذيب بالكهرباء والتعذيب بالحرق وغيرها من الأساليب لتعريض المعتقل لكمية كبيرة من الألم الجسدي، أما التعذيب النفسي مثل التحقيق المتعب المستمر والتهديد المتكرر بالقتل، أو بالتسبب بضرر قاسٍ للمعتقل أو لآخرين مقربين منه، أو الاعتداء الجنسي على المعتقل أو المقربين منه، أو العزل في الزنزانة المنفردة أو الإهانات اللفظية أو التعرية من الملابس، أو مشاهدة تعذيب الآخرين، أو نقل الأخبار المحزنة والمحبطة للمعتقل، فالهدف منه تحطيم آليات الدفاع النفسية عند المعتقل والتسبب بصدمة نفسية له.
  • قد تضعف ثقة المعتقل بنفسه، كما قد يشعر بتأنيب الضمير، خاصة إذا تعرض لتغيير رأيه ومواقفه نتيجة التعذيب، أو أن يلتزم برأيه فيجد من هم خارج السجن قد كفروا بمعتقداته، فيبدأ بلوم نفسه، ما يدفعه إلى الإحباط.
  • يرسم ذوو المحكوميات الطويلة إطارًا معينًا لحياتهم ما بعد الإفراج، وعند خروجهم يصطدمون بأن هذا الإطار لا ينسجم مع التطورات التي حدثت في الحياة، ما يعزز صدمة الإفراج النفسية، من دون أن يدرك من حولهم حاجتهم الماسة إلى دعم نفسي تأهيلي، ولوقت كافٍ، كي يتأقلموا من جديد.
  • يعاني بعض المعتقلين بعد الإفراج حالة انزواء مجتمعي وعدم الرغبة في مقابلة الناس، بعد أن يصطدموا بتجنب كثيرين لهم خوفًا من وضعهم الأمني، كونهم ما زالوا تحت المراقبة الأمنية.
  • وأخيرًا فإن جزءًا كبيرًا من أزمة الاعتقال يتمثل في أن المجتمع في الغالب يكون غير مساند، خاصة الأسرة التي تلوم المعتقل على مواقفه المعارضة، وهو ما يكون له أثر مضاعف يزيد من الأزمة النفسية.

لذلك فإن تقديم الدعم والعلاج النفسيين للمعتقلين والأسرى المحررين ليس ترفًا، وإنما ضرورة لإنقاذ حياة مهزوزة، فحالة هؤلاء النفسية ليست بخير، ومهما اتسع حجم التضامن معهم وعلت الزغاريد عند الإفراج عنهم، فلا أهمية لكل ذلك أمام تأهيلهم ودعمهم النفسي.

ويُنصح كل من تعرض لتجربة الاعتقال أو الأسر وأُفرج عنه بما يلي:

  • المكوث فترة داخل المنزل والاستماع إلى الأسرة دون الحديث كثيرًا عن تجربة الاعتقال.
  • المشاركة بتنفيذ مهام بسيطة داخل المنزل كإعداد الطعام.
  • القيام بزيارات عائلية بعد فترة من الخروج من المعتقل وليس مباشرة.
  • زيارة الأصدقاء والمقربين والحديث معهم عن شؤون الحياة بشكل عام.
  • البحث عن فرصة عمل مناسبة.

كما يُنصح ذوو المعتقل بما يلي:

  • تقديم الإرشاد النفسي للمعتقل في حالة الصدمة والأزمة الكبيرة، فالسجين أو المعتقل تكون لديه مشاعر سلبية بحاجة للتنفيس.
  • عدم استخدام لغة الوعظ أو اللوم والتأنيب.
  • عدم الاستعجال في العلاج والتأهيل.
  • استشارة طبيب الأمراض النفسية في حال وجود عوارض شديدة كنوبات البكاء والعصبية وفقدان الوعي وقلة النوم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة