الشتاء يرفع الأسعار

السمك.. فرصة فقراء اللاذقية لتناول اللحوم

السمك.. فرصة فقراء اللاذقية لتناول اللحوم

camera iconأسماك معروضة للبيع في مدينة اللاذقية - تشرين الثاني 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

اللاذقية – ليندا علي

بالقرب من فرع مؤسسة السورية للتجارة في حي الرمل الشمالي باللاذقية، وقف محمد، ويبدو في نهاية الأربعينيات من عمره، يفاصل صاحب “بسطة” السمك الذي اعتاد وضعها هناك، ليشتري منه كيلوغرامين من نوع “سردين” صغير الحجم.

كان صاحب “البسطة” مصرًا على سعر 25 ألف ليرة سورية للكيلو، إلا أن محمدًا لم ييأس، واستمر بالأخذ والرد والقول إن حجم السمك صغير، لينجح بشراء الكيلوغرامين بسعر 45 ألف ليرة بدلًا من 50 ألف ليرة.

أخذ محمد طلبه وابتعد ليغيب بين السيارات والمارة في شارع الحي الشعبي الشهير بمدينة اللاذقية، فيما أمسك البائع سيجارته الملوثة ببقايا السمك، وهو يشير إلى يافع بقربه أن يضع النقود بالكيس المخصص.

وقال بائع السمك إنه يذهب برحلة الصيد مع ابنيه كل يوم، ويأتي بما يجود به البحر مختارًا هذه الزاوية كونها “عليها رجل”، بمعنى أنها مزدحمة، ويحدد سعره بناء على سعر السوق، فكيلو “المرجان” 35 ألفًا، و”الشيلان” 50 ألفًا، و”الغزالي” 45 ألفًا، و”الغبص” 35 ألف ليرة.

وأضاف أن بعض الأنواع أغلى سعرًا بكثير مثل “القجاج”، الذي يصل سعر الكيلو منه إلى 120 ألف ليرة، و”البراق” مثله، أما “السلطاني” فيتجاوز الـ200 ألف ليرة للكيلو الواحد، علمًا أن تلك الأنواع غير مرغوبة في هذا الشارع الشعبي لعدم قدرة مرتاديه على شرائها.

ويبيع الصياد الأنواع المرتفعة الثمن للمسامك الكبيرة أو للمطاعم، أو يترك منها قسمًا إذا كان أحد زبائنه قد أوصاه بها على الهاتف، فهو يحرص على منح رقم هاتفه لكل من يطلبه من الزبائن والمارة.

تلك الأسعار التي تحدث عنها البائع الصياد كانت في 23 من تشرين الثاني الماضي، وهي غير مستقرة أو ثابتة وتتبدل كل يوم، ففي مثل هذه الأيام، تبدأ أسعار السمك بالارتفاع مع قدوم الشتاء، وعلى سبيل المثال ازدادت الأسعار بنحو 25% في الأسبوع الثالث من تشرين الثاني قياسًا بالأسبوع الثاني منه.

أرخص من الدجاج واللحوم

خلال السنوات العشر الماضية، لم يكن السمك رائجًا كثيرًا في اللاذقية كطبق رئيس على موائد غالبية أهلها، الذين كانوا يعتمدون أكثر على اللحوم والدجاج، لكن نتيجة ارتفاع أسعارهما، وبقاء السمك بأسعار معقولة، لجؤوا إليه كتعويض عن اللحوم.

مثلًا، يحرص إبراهيم (38 عامًا)، وهو موظف حكومي يعمل بعمل آخر بعد الظهر، لشراء السمك ثلاث مرات شهريًا، وغالبًا من نوع “السردين” أو “البلميدا” الأرخص ثمنًا، وأحيانًا يشتري “العصيفري”.

وكانت أسعار الكيلوغرام من هذه الأنواع خلال الصيف بين 18 ألفًا و22 ألف ليرة، واليوم بين 25 ألفًا و50 ألفًا، وتبقى أرخص من ثمن الدجاج، إذ يصل سعر الدجاجة الواحدة إلى نحو 80 ألف ليرة، ولن تكفي طعام العائلة ما لم يُطبخ بجانبها نوع آخر، بخلاف السمك، فكيلوغرامين بسعر 50 ألفًا تقريبًا تعتبر كمية تكفي طعام الغداء لعائلته المؤلفة من أربعة أشخاص.

ومع دخول فصل الشتاء وبدء العواصف، ربما لن يتمكن الفقراء وأصحاب الدخل المحدود من الحصول على السمك، لأن الأسعار تستمر بالارتفاع.

ويبلغ الحد الأدنى للرواتب الحكومية 186 ألف ليرة (الدولار الواحد 13950 ليرة).

بعد الظهر أرخص

سلافة (42 عامًا)، وهي موظفة حكومية، تتحين فترة بعد الظهر أو بداية المساء لزيارة سوق السمك في ساحة “أوغاريت”، فهو المكان الذي يعتبر سعر السمك فيه الأقل سعرًا، قياسًا بمناطق أخرى مثل الصليبة أو الأزهري.

قالت سلافة، إنه وبحلول المساء، يريد أصحاب المسامك التخلص من الأسماك لديهم خوفًا عليها من أن تفسد، خاصة بغياب الكهرباء اللازمة لتشغيل الثلاجة، لذلك يريدون التخلص منها وبيعها بأي سعر.

لكن مع قدوم فصل الشتاء، لم تعد تلك الخطة تنجح كثيرًا، ويلجأ باعة كثر لتخزينها في الثلاجة مع بعض مكعبات الثلج، مستفيدين من برودة الجو.

وأوضحت السيدة أنها قد لا تحصل على السمك بالسعر الذي تريده، لكن بكل تأكيد يكون أقل من فترتي الصباح أو الظهيرة، خصوصًا للأنواع الشعبية التي لا تشتريها المطاعم الفخمة، مثل “الغريبة” و”السكمبري” وغيرهما.

وتعتبر منطقة الشبطلية ورأس البسيط في ريف اللاذقية من أهم مصادر السمك في المدينة، ويعمل كثير من أهلهما بالصيد البحري، إلا أن العقبات التي تضعها الجهات المسؤولة في طريقهم تجعلهم يغصون بلقمة عيشهم.

وفي حزيران الماضي، نقلت صحيفة “تشرين” الحكومية عن صيادين في مدينة جبلة قولهم، إنهم لم يحصلوا على المازوت المدعوم منذ أكثر من شهر، وكانوا يضطرون لشرائه من السوق السوداء بأسعار مرتفعة تجعل رحلاتهم خاسرة.

ورد حينها رئيس اتحاد الفلاحين في المحافظة، أديب محفوظ، على الشكوى، بأن جمعية الصيادين لم تتقدم بأي طلب للحصول على المازوت للصيادين.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة