لبنان.. “طلائع حماس” ترفع حدة الاستقطاب السياسي

تصاعد الدخان إثر قصف إسرائيلي على القرى اللبنانية الحدودية مع فلسطين المحتلة 5 من كانون الأول 2023 (AFP)

camera iconتصاعد الدخان إثر قصف إسرائيلي على القرى اللبنانية الحدودية مع فلسطين المحتلة 5 من كانون الأول 2023 (AFP)

tag icon ع ع ع

أثار إعلان حركة “حماس- فرع لبنان” تأسيس طلائع “طوفان الأقصى”، ردود فعل حادة من سياسيين لبنانيين، في ظلّ استمرار الاشتباكات العسكرية على الحدود الجنوبية للبلاد، مع فلسطين المحتلة.

وتأتي ردود الفعل وسط حالة استقطاب سياسي، ومحاولة فرنسية لضبط الخلافات الداخلية من جهة، وضبط دائرة الاشتباكات من جهة ثانية، في حين واصل الاحتلال الإسرائيلي قصفه للقرى والبلدات الحدودية اللبنانية.

وأعلنت “حماس- فرع لبنان” الاثنين عن تأسيس الطلائع ودعت الفلسطينيين للانضمام إليها لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، قبل أن يصدر لاحقًا توضيح من الحركة.

القصف مستمر.. إسرائيل لا تعلن عن خسائرها

وعلى وقع الاستقطاب السياسي، استمر الاحتلال الإسرائيلي باستهداف المناطق اللبنانية خلف الحدود، وقال الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية (حكومية) اليوم، الثلاثاء 5 من كانون الأول، إن قصفًا معاد استهدف مناطق الناقورة وطير حرفا وأطراف الخيام، كذلك بلدتا عيتا الشعب وميس الجبل.

كما أصيب أربعة جنود من الجيش اللبناني في قصف إسرائيلي اليوم، وفق الوكالة، بعد استهداف مركز للجيش في منطقة كفركلا.

من جهتها قالت قناة “المنار” التابعة لـ”حزب الله” إن الأخير نفذ اليوم 12 عملية ضد مواقع عسكرية إسرائيلية، شملت مواقع البغدادي ورويسات العلم ومسكاف والراهب وكرم التفاح.

كما استهدف حرجي شتولا وحانيتا، وموقعي بركة ريشا وجل العلام.

صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” نقلت عن الجيش الإسرائيلي قوله إنه هاجم أهدافًا للحزب، كما استهدف طائرة مسيرة دون طيار (درون)، اجتازت الحدود اللبنانية إلى داخل فلسطين المحتلة.

العلاقات السرية بين الوكالة اليهودية وقيادات سورية.. محاولات التطبيع

ولا تعلن إسرائيل عن خسائرها على الجبهة الشمالية مع لبنان، فيما تجاوز عدد قتلى الحزب 100 عنصر منذ تشرين الأول الماضي.

ووفق ما نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية اليوم، عن مركز الاستشعار عن بعد، في المجلس الوطني للبحوث العلمية اللبناني، تسبب القصف الإسرائيلي بحرائق دمرت 5.14 مليون متر مربع من الأحراج الطبيعية.

فيما قالت صحيفة “النهار” اليوم، إن أطراف بلدة بليدا، تعرضت لقصف إسرائيلي بالقنابل الفوسفورية.

وتشن إسرائيل عمليةً عسكرية ضد قطاع غزة منذ 8 من تشرين الأول الماضي، فيما يقوم “حزب الله” باستهداف مواقع عسكرية داخل فلسطين المحتلة، حسب تصريحات صادرة عن الحزب ووسائل إعلام مقربه منه.

فرنسا على خط التصعيد

وبالتزامن مع استمرار القصف المتبادل، هاجمت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، المقربة من الحزب اليوم، التحركات الفرنسية في لبنان، معتبرةً أن هذه التحركات تأتي لـ”ضمان أمن إسرائيل”.

وقالت في تقرير نشرته اليوم، إن باريس تنقل رسائل التهديد الإسرائيلية للبنان، ونقلت عن مصادر لم تسمها، أن مدير المخابرات الفرنسية، برنار إيمييه يزور حاليًا العاصمة بيروت رفقة خمسة مسؤولين آخرين بشكل سرّي، في استكمال لزيارة المبعوث الرئاسي، جان إيف لودريان.

وزار لودريان لبنان الأسبوع الماضي، وهاجمت صحف ووسائل إعلام لبنانية مقربة أو متحالفة مع المعسكر السياسي لـ”حزب الله”، لودريان، معتبرةً أنه فشل الملفات التي ناقشها مع المسؤولين الفرنسيين.

ووفق “الأخبار”، فإن لودريان جاء كممثل للجنة “5+1” المكونة من فرنسا وقطر والسعودية وأمريكا ومصر بالإضافة إلى إسرائيل، وحمل مطالب بإنشاء منطقة عازلة جنوبي لبنان تسمح بعودة المستوطنين إلى مستوطناتهم شمال فلسطين المحتلة.

حكاية فلسطين.. من الانتداب إلى “حل الدولتين”

ولا يبدو أن الزيارات الفرنسية تتعلق بلبنان فقط، إذ ذكرت “تايمز أوف إسرائيل” الاثنين، أن وفدًا فرنسيًا سيصل إلى إسرائيل الأسبوع المقبل لإيجاد حل للجبهة الشمالية.

وأوضحت أن الوفد يتكون من مديرة السياسات الدفاعية بوزارة الدفاع الفرنسية، أليس روفو، والمدير السياسي بوزارة الخارجية الفرنسية، فريدريك موندولوني، ومسؤولين آخرين.

فيما قال رئيس الحكومة المؤقتة اللبنانية، نجيب ميقاتي في تصريحات صحفية أمس، إن مفاوضات ستجري عبر الأمم المتحدة للوصول إلى حالة استقرار على الحدود الجنوبية، واستكمال تنفيذ القرار الأممي “1701”، والاتفاق على النقاط الخلافية الحدودية مع الاحتلال الإسرائيلي.

طلائع “طوفان الأقصى” تثير الجدل

وفي ظل تعقيدات المشهدين السياسي والعسكري في لبنان، الذي يعاني من أزمتين سياسية واقتصادية، أثار إعلان حركة “حماس- لبنان” لما أطلقت عليه “طلائع طوفان الأقصى”، جدلًا واسعًا بين السياسيين اللبنانيين.

وفي تصريحات صحفية، قال رئيس الحكومة المؤقتة اللبنانية، نجيب ميقاتي، إن بيان “حماس” مرفوض نهائيًا.

وقال رئيس التيار الوطني الحر، ووزير الخارجية السابق، جبران باسيل، في منشور عبر حسابه في “إكس” الاثنين، إنه يرفض بالمطلق الإعلان الصادر، معتبرًا أن أي عمل مسلح ينطلق من لبنان هو “اعتداء على السيادة الوطنية”.

النظام وإسرائيل.. ما ذكره الشرع وأثبتته الوثائق السرية

وأوضح في منشوره أن اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية (1975- 1990)، نصّ على سحب السلاح من الفلسطينيين في لبنان، واصفًا خطوة الحركة بأنها إنشاء لـ”حماس لاند”.

واعتبر الصحفي طوني بولس في منشور عبر “إكس”، أن إعلان “حماس” يعد “استسلامًا في غزة والانتقال إلى لبنان”، مطالبًا بطرد الحركة من البلاد.

بيان حركة حماس لبنان حول إنشاء طلائع طوفان الأقصى

بيان حركة حماس لبنان حول إنشاء طلائع طوفان الأقصى

ووفق دراسة نشرها معهد “كارنيغي” لأبحاث السلام في 2022، تعدّ العاصمة اللبنانية بيروت، حاضنةً رئيسيةً لقيادات “حماس”، ومحطة هامة لتواجدها السياسي والأمني.

وأشارت إلى أن تولي يحيى السنوار لقيادة الحركة، أعادت الأخيرة تموضعها السياسي والاستراتيجي والذهاب باتجاه المحور الإيراني، وبالتالي الاستفادة من المساحة اللبنانية.

الرفض السياسي لبيان الحركة جاء أيضًا عبر رئيس حزب “الوطنيين الأحرار، كميل شمعون، الذي قال في بيان نقلته الوكالة الوطنية اليوم، إن الحزب يرفض أن يكون ساحة صراع وأن يتدمر لأجل بعض العملاء.

واعتبر أن تأسيس الطلائع يشكل خطرًا وذريعة للاحتلال الإسرائيلي لاحتلال جنوب لبنان مجددًا.

اللواء أشرف ريفي، النائب في البرلمان اللبناني ووزير العدل الأسبق، قال في منشور عبر “إكس” اليوم، إن إنشاء الطلائع خطأ جسيم ويضر بالقضية الفلسطينية، وأن النضال مكانه الرض المحتلة.

موقع “النشرة” اللبناني، نقل عن ممثل “حماس” في لبنان، أحمد عبد الهادي قوله اليوم، إن البيان فهم بشكل خاطئ، والمقصود ليس تنظيمًا عسكريًا وليس له أي فعل مقاوم من لبنان.

وأضاف أن هدف التأسيس هو استيعاب الفلسطينيين في لبنان، مع رغبة الكثير منهم الانضمام للحركة، ومشاركتهم في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي والاستفادة من قدراتهم العلمية.

الكاتب اللبناني فارس خشان، اعتبر في مقال نشره موقع “النهار العربي” اليوم، أن خطوة الحركة ما كانت لتتم لولا دعم “حزب الله”، وأن الإعلان يذكّر بالعمل الفلسطيني المسلح لحركة “فتح” خلال الحرب الأهلية اللبنانية.

وأضاف أن “فشل تلاحم الساحات” واحتمالية هزيمة “حماس” في غزة، تدفع “حزب الله” لإحداث الفوضى في البلاد، كما حصل بعد حرب تموز 2006، بحسب رأيه.

ويتخوف لبنان من توسع الاشتباكات على حدوده الجنوبية، في ظل أزمة اقتصادية وسياسية حادة تعيشها البلاد.

وأدت العمليات العسكرية إلى نزوح سكان المناطق الحدودية اللبنانية، في حين قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) في بيان صدر في 2 من كانون الأول الحالي، إن 55 ألفًا و183 شخصًا هجّروا من مناطقهم، ووصل عدد الضحايا إلى 92 شخصًا.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة