“الإدارة الذاتية” تحاول ضبط نظامها المالي عبر قوانين جديدة

مكتب النقد والمدفوعات المركزي التابع للإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا- 7 من تشرين الثاني 2023 (الإدارة الذاتية)

camera iconمكتب النقد والمدفوعات المركزي التابع للإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا- 7 من تشرين الثاني 2023 (الإدارة الذاتية)

tag icon ع ع ع

أقرت “الإدارة الذاتية” في شمال وشرقي سوريا، قانونًا يضبط عمليات نقل الأموال من وإلى مناطق سيطرتها شرق نهر الفرات، سواء عبر مناطق السيطرة الأربع، أو عبر حدودها مع كردستان العراق.

وجاء في إعلان مكتب النقد والمدفوعات المركزية التابع لمديرية “مكافحة غسيل الأموال” في “الإدارة الذاتية” ما أسماه “التعليمات التنفيذية لنقل الأموال عبر الحدود”، وشملت الأموال النقدية من فئة الأوراق والعملات المعدنية، بالعملة المحلية أو بأي عملة أخرى.

وبحسب ما نشرت “الإدارة” عبر معرّفاتها الرسمية، في 11 من كانون الأول، فإن التعليمات تشمل الأسناد التجارية ووسائل الدفع من القيم المنقولة القابلة للتداول على مختلف أنواعها مالم تكن معرفة المصدر والصالح.

ما الغرض؟

أرجعت “الإدارة” نيتها تحقيق مستويات فعالة من أجل الحفاظ على النظام المالي والاستقرار النقدي للعملة المحلية عرب منع عمليات إخراج وتصدير واستيراد العملات المحلية والأجنبية والمصوغات الثمينة والأحجار الكريمة.

وأضافت أن العملية تهدف أيضًا لحماية النظام المالي، ومنع المخالفات التي تؤثر على الاستقرار الاقتصادي.

الباحث في مركز “عمران” للدراسات، مناف قومان، قال لعنب بلدي إن القانون يشير إلى زيادة التسرب المالي أو النقدي إلى الخارج عبر عمليات التهريب، وزيادة الأعمال غير المشروعة، وغسيل الأموال، والتهرب من دفع الرسوم والضرائب.

وبموجب هذه المؤشرات تسعى سلطة “الإدارة الذاتية” إلى فرض قيود على آلية حركة النقود للحد مما سبق، ولطالما أنها فرضت خطوات من هذا النوع، فقد أدركت مخاطر إخراج النقود خارج حدود مناطقها وآثارها على المنظومة المالية الخاصة بها.

وأضاف الباحث أن القرار سيؤدي إلى زيادة ضبط النظام المالي داخل مناطق “الادارة”، ما سيساهم بـ”مكافحة تسرب النقود، والتهرب من الضريبة، ومكافحة الجريمة، وغسيل الأموال، وزيادة الشفافية”.

الاقتصاد والأمن

خلص مقال كتبه الباحث غير المقيم في معهد “الشرق الأوسط” للأبحاث، محمد حسن، عام 2021، أن مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” تعيش، حالها حال بقية مناطق سوريا، أوضاع اقتصادية سيئة، نتيجة انخفاض سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وعدم توفر فرص العمل التي تتناسب مع حجم اليد العاملة في تلك مناطق.

واعتبر أن سياسة “الإدارة الذاتية” لعبت دورًا في هذا التدهور الاقتصادي، خصوصًا أن الحجم الأكبر من ثروات المنطقة مخصص للجانب العسكري، المتعلق بقتال كل من تنظيم “الدولة الإسلامية” وتركيا والفصائل السورية المدعومة من قبلها، إضافة لتخصيص حجم كبير من الأموال لدعم حزب “العمال الكردستاني” (PKK) وكوادره الموجودة في قنديل.

الباحث المساعد في مركز “جسور للدراسات”، عبد العظيم المغربل، قال لعنب بلدي إن قرار الرقابة على حركة الأموال جاء في إطار عمل “الإدارة الذاتية” على إنشاء نظام مالي و السيطرة على كمية الكتلة النقدية، بالتالي محاولة فرض حالة من التوازن على ميزان المدفوعات لديها.

وأضاف أن “الإدارة” سبق وأصدرت قرارًا حول ترخيص مكاتب وشركات الحوالات وصرافة الأموال، لرغبتها بالمحافظة على العملات الأجنبية والاحتفاظ بها ضمن العجلة الاقتصادية في المنطقة من أجل استخدامها لتمويل عملياتها العسكرية والأمنية بالمنطقة، بالتالي تحاول الحيلولة دون تسرب النقود بشكل كبير نحو الخارج.

وكانت “الإدارة الذاتية” حددت، في 28 من آب الماضي، الحد الأدنى لرأسمال شركات ومكاتب الصرافة العاملة في مناطق سيطرتها، وفق قانون “تنظيم أعمال الصرافة والحوالات” الصادر عنها.

وبموجب القرار، يحدد الحد الأدنى لرأسمال شركات الصرافة العاملة في المنطقة بـ500 ألف دولار أمريكي، و50 ألف دولار أمريكي كرأسمال لمكاتب الصرافة.

ووفق القرار، تبلغ قيمة الضمانة المالية لهذه المؤسسات، 75 ألف دولار أمريكي لشركات الصرافة، و7500 دولار للمكاتب.

المغربل أشار إلى أن “الإدارة” تحاول ضبط أي أموال قد تكون موجهة إلى العشائر العربية المعارضة لها، ومحاولة تتبع أصحاب رؤوس الأموال الكبرى في المنطقة، إضافة إلى تعزيز استخدام العملة المحلية ومحاولة الاستفادة من عوائد الغرامات على مخالفين هذه القرارات.

وأضاف أن فرض قيود على نقل الأموال، يعزز من هيمنة “الإدارة الذاتية” المالية، ويقوي نفوذها الاقتصادي، بالتالي سيشكل نقطة ارتكاز صلبة ادعم عمل مكتب النقد والمدفوعات المركزي التابع لها.

تنظيم الأعمال التجارية

في 24 من آب الماضي، أصدرت “الإدارة الذاتية” قانونًا يهدف لتنظيم تجارة المعادن الثمينة وتصنيعها، تضمن إجراءات الترخيص ومزاولة المهن المتعلقة بهذه التجارة في المنطقة التي تسيطر عليها.

ووفق نص القانون المنشور اليوم، الخميس 24 من آب، لا يجوز مزاولة تجارة أو صناعة المعادن الثمينة والأحجار الكريمة إلا بعد الحصول على الترخيص من مديرية المعادن الثمينة في “مكتب النقد والمدفوعات المركزي”، على أن يصدر المكتب تعليمات لاحقًا تحدد شروط ومتطلبات الترخيص.

وأشار القانون إلى أن الترخيص سيجري تجديده سنويًا قبل نهاية كل عام وفق التعليمات التي سيصدرها “مكتب النقد”.

وتضمن القانون عقوبات بغرامات مالية أقلها 1000 دولار أمريكي، وحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر لجملة من المخالفات، كمن يزاول المهنة دون ترخيص، أو يقوم بتصنيع المعادن الثمينة دون ترخيص.

اقتصاد صعب التعقب

يصعب تعقّب كيفية تحصيل وإنفاق إيرادات الميزانية الخاصة بـ”الإدارة الذاتية”، إلا أن الموارد الأساسية لها تأتي من مبيعات النفط، والضرائب والرسوم على الدخل، والرسوم على المواد والبضائع المستوردة، بحسب دراسة أجراها الباحث الاقتصادي سنان حتاحت، نُشرت ضمن برنامج “مسارات الشرق الأوسط” في كانون الثاني 2020.

وأوضحت الدراسة أن “هيئة المالية” هي المؤسسة المركزية في “الإدارة الذاتية” المسؤولة عن إدارة مالية المنطقة، علمًا أن للمجالس المحلية أيضًا الحق في جباية الضرائب وفرضها، وجمع الإيرادات التي تفرض على معظم المهن والحرف، بما في ذلك المؤسسات الصغيرة مثل الباعة المتجولين، والمحال التجارية، والنقل العام.

وتبرر “الإدارة الذاتية” هذه التدابير على أنها تهدف إلى تمويل الخدمات العامة، ولكن ثمة اعتقاد عام بأن نوعية تقديم الخدمات لا تتناسب مع كمية الضرائب المُحصلة.

وتقع الضرائب التي تجبيها “الإدارة” والمجالس المحلية في فئتين رئيستين، أولاهما الرسوم على تسجيل الشركات، أو مزاولة مهنة، أو رخص البناء، أو الخدمات التي تقدمها الإدارات على المستوى المحلي، ومستوى “الكانتون” (التقسم الإداري للمنطقة)، والثانية ضريبة الدخل على الرواتب.

أشارت الدراسة إلى أن التقارير الواردة من داخل “الإدارة” تتضارب حول كمية الرسوم التي تفرضها المؤسسات التابعة لها، ما يثير الشكوك حول “طابعها التعسفي”، أو العجز عن تطبيق المعايير نفسها على المنتجات أو القطاعات الجغرافية كافة.

وعلى الرغم من وضوح الضريبة، تكاد آليات المراقبة تكون غير موجودة، في ظل غياب نظام مصرفي أو مالي موحد يمكن السلطات المالية من تتبع معاملات المواطنين المالية.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة