طبيب أم معالج نفسي.. لمن نتوجه ومتى؟

تعبيرية عن العلاج النفسي (تصميم عنب بلدي)

camera iconتعبيرية عن العلاج النفسي (تصميم عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

فرضت ظروف الحرب في سوريا والأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، واقعًا جديدًا فيما يتعلق بالطب النفسي والنظرة إليه ضمن المجتمع.

وقد يلجأ المصابون بالأمراض النفسية المختلفة، لمعالج أو طبيب نفسي، ويحصل خلط بين وظيفة الطرفين والصلاحيات الممنوحة لهما، وكذلك طرق العلاج.

ويأتي الفارق في الطريق الذي يسلكه طرف خلال دراسته للطب النفسي، والاختصاصات التي تتبع مرحلة الدراسة الأولية.

ووفق رئيس الرابطة السورية للأطباء النفسيين، تعدّ الصحة النفسية في سوريا من المجالات الجديدة، ولم يتجاوز عدد الأطباء النفسيين في سوريا حتى عام 2011 أكثر من 120 طبيبًا فقط.

وفي سوريا كان هناك ثلاث مستشفيات متخصصة بالصحة النفسية، هي مستشفى ابن رشد في دمشق، مستشفى ابن سينا في ريف دمشق، ومستشفى ابن خلدون في حلب، في حين تضمن مستشفى المواساة قسمًا للطب النفسي، وعيادة خارجية، كذلك الأمر في وزارة الدفاع التابعة للنظام السوري وفي مستشفى تشرين العسكري.

ما الفارق؟

هناك فارقان أساسيان بين المعالج والطبيب النفسي، وفي حين يدرس الأول في أقسام الإرشاد النفسي أو علم النفس لخمس سنوات، يتخرج الطبيب من كلية الطب البشري (دراستها ست سنوات)، ثم يدرس الاختصاص لأربع سنوات.

وبحسب الطبيب النفسي محمد أبو هلال، فإن للطبي، بعد نهاية دراسته، القدرة على تشخيص الأمراض النفسية، ومعالجتها بالأدوية إن استدعى الأمر.

وقال أبو هلال لعنب بلدي، إن المعالج النفسي يدرس اختصاص “إرشاد نفسي” أو علم النفس، ثم يحصل على درجة الماجستير في الصحة النفسية أو علم النفس السريري.

وعقب انتهاء هذه المرحلة، يخضع المعالج لتدريبات محددة نظرية وعملية على برامج العلاج المتبع سواء كان العلاج التحليلي أو السلوكي المعرفي أو غيرها.

ويحصل الطبيب النفسي على رخةً من قبل وزارة الصحة لممارسة عمله، في المستشفيات أو العيادة الخاصة.

الاختصاصية النفسية خلود أبو الذهب، قالت لعنب بلدي إن الطبيب النفسي لديه القدرة على تشخيص الاضطرابات العقلية والذهانية وغيرها من الاضطرابات النفسية، ويقدم العلاجات الدوائية اللازمة.

فيما يحصل الاختصاصي النفسي، وفق أبو الذهب، على ترخيص من هيئة الصحة النفسية لممارسة عمله، الذي يمارسه عادة في المؤسسات أو مراكز الصحة النفسية، ويتدرب على تقنيات علم النفس، كالاسترخاء وغيرها، ولا يحق له صرف أي أدوية.

ويتكامل عمل الأطباء النفسيين والمعالجين، وفي بعض الحالات المرضية لا يمكن أن يكتمل العلاج دون دواء، كاضطراب الاكتئاب ثنائي القطب، ولا يمكن في بعض الأحيان متابعته دون خطة علاجية مع مختص نفسي، وفق أبو الذهب.

وأضافت أن العديد من الأطباء النفسيين السوريين، تدربوا على علاجات نفسية غير دوائية أتيحت لهم بعد الظروف الحالية التي تمر بها سوريا، كعلاج “EDMR”.

ويعرّف علاج “EDMR” بأنه علاج منظم يشجع المريض على التركيز لفترة وجيزة على “ذاكرة الصدمة”، في حين يُختبر في الوقت نفسه “التحفيز الثنائي” عبر حركة العين، التي ترتبط بدورها بانخفاض الحيوية والعاطفة المرتبطة بذكريات معيّنة.

بحسب خلود أبو الذهب، فإنه يمكن للمختص النفسي أن يتابع تخصصه ضمن العلاج النفسي الإكلينيكي، سواء العيادي أو السريري، وهو ما يجعله على اطلاع بجوانب فسيولوجية ودوائية وأقرب للطب النفسي، لكنه ليس طبيبًا.

ويحتوي العلاج والطب النفسي على عدد من المدارس المختلفة، منها “المعرفي السلوكي”، و”العلاج النفسي الإكلينيكي” و”التحليل”، و”علاج روجرز”، وهذه كلها علاجات غير دوائية، وفق الطبيب محمد أبو هلال.

السوريون والطب النفسي.. النظرة الاجتماعية تغيرت

متى يجب مراجعة الطبيب النفسي؟

توجد أربعة مؤشرات تدلّ على ضرورة مراجعة الطبيب أو المعالج النفسي، بحسب الاختصاصية النفسية خلود أبو الذهب، وهي:

  • تعطّل عامّ أو تدهور في حياة الشخص وأدواره ووظائفه الاعتيادية عمليا أو  اجتماعيا (Dysfunction).
  • شعور ذاتي بضيق أو معاناة نفسية لا يستطيع التعامل أو التأقلم معها داخليًا (Distress).
  • خطر على نفسه أو على الآخرين (Danger).
  • مشكلة في علاقة الشخص مع الآخرين، أو “انحراف” شديد عن عُرف المجتمع المحيط، بما فيه المدى الواسع للسلوكات المقبولة فيه من فئات المجتمع المختلفة (Deviance).

المراجعة الدورية “ليست ضرورية”

ووفق منظمة الصحة العالمية، يعاني 5% من البالغين حول العالم من الاكتئاب، الذي يعد اضطرابًا نفسيًا شائعًا.

كما يموت أكثر من 700 ألف شخص منتحرًا كل عام، ويعد الانتحار رابع الأسباب الرئيسة للوفاة بين الأشخاص التي تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا.

ورغم أن هذه الأرقام تثير القلق، خاصةً مع الظروف التي يمرّ بها السوريون من جهة، والأحداث العالمية والأزمات الاقتصادية والسياسية والحروب، ليس من الضرورة مراجعة الطبيب النفسي بشكل دوري.

واعتبر الطبيب النفسي، محمد أبو هلال، أن هذه المعلومة المتداولة ليست صحيحة.

في حين ترى الاختصاصية النفسية، خلود أبو الذهب، أنه في حال نظر الإنسان إلى مبدأ الوقاية خير من المرض، ونظر إلى الصحة النفسية باعتبارها مجالًا للتنمية الصحية والسلامة الجسدية، فإن مراجعة الطبيب النفسي أو المختص بشكل مبكر، يسهم بالعلاج وبالتطور الإيجابي لأي اضطراب.

ويرفض بعض الأشخاص مراجعة أطباء أو معالجين ومختصين نفسيين لمساعدتهم في تجاوز مشكلاتهم النفسية، وهو ما ينعكس سلبًا على حياتهم النفسية، وقد يؤدي إلى أمراض جسدية أيضًا.

بحسب المعالج النفسي محمد السيد، وفي تصريحات سابقة لعنب بلدي،، فالاضطرابات النفسية هي حقيقة وليست وهمًا، والمصابون بالاكتئاب على سبيل المثال لديهم مناعة أضعف، وقلوبهم تعمل بشكل مختلف أيضًا.

كما أن عدم حل مشكلات الفرد النفسية يؤثر بشكل مباشر على أدائه في العمل والحياة وعلاقاته الاجتماعية.

ترصد الدول ملايين الدولارات سنويًا لقضايا الصحة النفسية، لأن الاضطرابات النفسية التي تصيب الأفراد تؤثر على الأداء العام للاقتصاد، بحسب ما قاله المعالج النفسي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة