تضرر مستشفى “غسيل الكلى” يفاقم معاناة سكان القامشلي

جزء من الدمار الذي لحق بمستشفى غسيل الكلى بمدينة القامشلي إثر قصف جوي - 26 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ ريتا الأحمد)

camera iconجزء من الدمار الذي لحق بمستشفى غسيل الكلى بمدينة القامشلي إثر قصف جوي - 26 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ ريتا الأحمد)

tag icon ع ع ع

أسفرت حملة القصف التي أطلقتها تركيا منذ أكثر من أسبوع عن دمار في بنى تحتية لمؤسسات خدمية في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” (المظلة السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” قسد).

وأفادت مراسلة عنب بلدي في القامشلي أن القصف أخرج بعض المؤسسات الخدمية عن الخدمة، أبرزها مستشفى “غسيل الكلى” الوحيد في المدينة، ما زاد من معاناة السكان، الموجودة مسبقًا نظرًا لتردي الأوضاع الاقتصادية والخدمية بالمنطقة.

وأعلنت هيئة الصحة في “الإدارة الذاتية” عن خروج ثلاثة مراكز صحية عن الخدمة بالكامل نتيجة الضربات الجوية التي نفذتها تركيا، من بينها مركز غسيل الكلى، بحسب ما نقلته وكالة “هاوار” المقربة من الإدارة، في 28 من كانون الأول.

ولم تستهدف الغارة المستشفى بشكل مباشر، إنما تضرر إثر استهداف جوي طال منشأة تعرف باسم “معمل الأوكسجين”، وهو المعمل الخاص بتعبئة اسطوانات الأوكسجين في محافظة الحسكة، بحسب مراسلة عنب بلدي.

براء الحاج، البالغ من العمر 40 عامًا، ويقيم في مدينة القامشلي، قال لعنب بلدي إن زوجته تحتاج لجلسات مستمرة لغسيل الكلى، وتكررها مرتين في الأسبوع، لكن وسط صعوبات في الحصول على الأنابيب اللازمة لجلسات الغسيل، وتكلفتها تصل إلى 60 ألف ليرة سورية (الدولار يقابل 14 ألف وسطيًا).

براء قال إن الصعوبات زادت بعد توقف المستشفى عن العمل وخروجه عن الخدمة، ما يجبره على إرسال زوجته إلى المستشفى “الوطني” الواقع في المربع الأمني الذي يديره النظام بمدينة القامشلي، حيث تنتشر حواجز عسكرية يحاول تفاديها كونه مطلوب للخدمة العسكرية الاحتياطية.

يضطر براء إلى إرسال زوجته برفقة أختها في سيارة أجرة إلى المستشفى “الوطني” لإجراء جلسات الغسيل، ويضطر أيضًا لتحمل تكاليف الأنابيب والأدوية على حسابه الخاص، إلى جانب تكاليف سيارة الأجرة، ما يشكل عبئًا عليه.

مولدة كهرباء تالفة في مستشفى غسيل الكلى بمدينة القامشلي شرقي الحسكة بعد تعرضه لغارة جوية تركية- 26 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ ريتا الأحمد)

مولدة كهرباء تالفة في مستشفى غسيل الكلى بمدينة القامشلي شرقي الحسكة بعد تعرضه لغارة جوية – 26 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ ريتا الأحمد)

خيارات محدودة

لا يختلف وضع خالص زكور (53 عامًا) عن سكان مدينة القامشلي، باستثناء أنه نازح من ناحية زركان، ويعيش في مخيم بالقرب من مدينة المالكية شرق القامشلي، قال لعنب بلدي، إنه بحاجة إلى جلسة أسبوعية في مستشفى “غسيل الكلى”، وكان يعتمد سابقًا على المستشفى في القامشلي أسبوعيًا.

ومع خروج المشفى عن الخدمة، صار مضطرًا للتوجه إما إلى المستشفى “الوطني” في القامشلي، أو السفر إلى مدينة الحسكة حيث يتوفر مستشفى ثانٍ هناك.

يجد خالص اليوم صعوبة في الوصول إلى المخيم الواقع بالقرب من مدينة المالكية بعد توجهه إلى مدينة القامشلي، ما يضطره إلى الإقامة في منزل أقاربه، والعودة إلى المخيم في اليوم التالي.

ما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا بالنسبة لخالص، هو تكبده لتكاليف العلاج والتنقل، ما يزيد من الضغوط المالية عليه.

موظف في مستشفى “الكلى” بمدينة القامشلي، تحفظ على ذكر اسمه لمخاوفه الأمنية، قال لعنب بلدي إن مركز غسيل الكلى الواقع في حي علايا، افتتح عام 2021، وتتوافر فيه ستة أجهزة لغسيل الكلى، ويضم كادرًا طبّيًا من 24 فردًا، ويقدم العلاج لحوالي 70 مريضًا بشكل دائم، لكنه خرج عن الخدمة إثر غارة جوية استهدفته في 25 من كانون الأول.

الرئيسة المشاركة لهيئة الصحة لدى “الإدارة الذاتية”، مآثر العباس، قالت لوكالة “نورث برس” إن الهجمات التركية، تسببت بأضرار للمنشآت الخدمية ومنها مركز لغسيل الكلى، مشيرة إلى أن تدمير هذا المركز سيحمّل المرضى “أعباء كبيرة” للتوجه إلى مدن أخرى بقصد العلاج بعدما كانت هذه المراكز تقدم خدماتها مجانًا.

وأضافت أنه لا توجد أرقام دقيقة للخسائر المادية كون هذين المركزين افتتحا من قبل منظمات طبية دولية.

أسطوانات توليد الأوكسجين في مستشفى غسيل الكلى بمدينة القامشلي بعد تعرضها لقصف جوي- 26 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ ريتا الأحمد)

أسطوانات توليد الأوكسجين في مستشفى غسيل الكلى بمدينة القامشلي بعد تعرضها لقصف جوي- 26 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ ريتا الأحمد)

مخاطر التأخر عن مواعيد غسيل الكلى

الطبيب أسديم الناصر، المتخصص في الجراحة البولية، قال لعنب بلدي إن تأخر المرضى عن جلسات غسيل الكلى، كما يحدث اليوم، ترتب عليه صعوبات “كبيرة” إذ تعتبر الأدوية المقدمة لهم في المراكز الطبية “حاسمة” للحفاظ على صحتهم وسلامتهم.

وتعتمد حالات الفشل الكلوي بشكل رئيس على جلسات غسيل الكلى بانتظام، وتشمل هذه الجلسات اعتمادًا كاملًا على الأنابيب والأدوية الخاصة بالعملية، ومع ذلك، تعاني مراكز غسيل الكلى في عموم الحسكة من نقص “حاد” في الأنابيب الحيوية، ما يجعل من الصعب الحصول عليها بشكل كافٍ وقد يكون أمرًا شبه مستحيل في بعض الأحيان.

قبل خروج بعض المرافق الصحية عن الخدمة، كانت هذه الأنابيب تفتقر إلى التوفر المنتظم، ما يتسبب بتأخير جلسات الغسيل لبعض المرضى، ما قد يتسبب بتفاقم حالتهم الصحية، وقد يصل إلى التسبب بحالات وفاة فورية، بحسب الطبيب.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة