عمليات تنظيم “الدولة” تتضاعف.. النظام عاجز و”قسد” تحاول

عناصر من تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا- 2 من كانون الأول 2022 (معرف التنظيم/ تيلجرام)

camera iconعناصر من تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا - 2 من كانون الأول 2022 (معرف التنظيم/ تلجرام)

tag icon ع ع ع

سجلت عمليات تنظيم “الدولة الإسلامية” أعلى وتيرة لها منذ أكثر من عام، بحسب ما أعلن عنه التنظيم تباعًا عبر معرفه الرسمي في “تلجرام” (غرفة إخبارية مغلقة تضم صحفيين)، وتوزعت هذه العمليات على الجزء الشمالي من سوريا، وأخرى في منطقة البادية بريف حمص الشرقي.

وأعلن التنظيم عن 32 عملية منذ بداية العام الحالي، أحدثها كان الاثنين 8 من كانون الثاني، إذ أعلن التنظيم عن هجومين منفصلين استهدفا عناصر من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بمدينة منبج شرقي محافظة حلب.

العمليات ضد “قسد” لم تكن مغايرة لتلك التي ينفذها على امتداد السنوات الماضية، لكن كثافتها كانت مختلفة وشملت مناطق بمحافظات لم تسجل فيها هجمات منذ نحو عام، كالرقة والحسكة.

وإلى جانب تلك التي استهدفت “قسد”، أعلن التنظيم مسؤوليته عن عمليات طالت قوات النظام السوري في منطقة البادية شرقي حمص، قال إنها خلفت عشرات القتلى والجرحى.

سلسلة عمليات

ورد في العدد الأسبوعي لمجلة “النبأ” التابعة للتنظيم، في 4 من كانون الثاني الحالي، أن هجومًا شنته مجموعة تتبع لتنظيم “الدولة” بتفجير استهدف حافلة عسكرية كانت تقل عناصر من قوات النظام في ريف حمص الشرقي، ما أسفر عن مقتل وجرح 15 عنصرًا منهم.

ونقلت “النبأ” عن مصدر خاص لم تسمّه أن الهجوم وقع على طريق “المحطة الثالثة” (T3) شرقي حمص، ما أسفر عن قتلى وجرحى بينهم ضابط.

وجاء الإعلان نفسه بعد ساعات من كلمة صوتية للمتحدث الرسمي باسم التنظيم “أبو حذيفة الأنصاري”، أعلن فيها عن إطلاق “غزوة اقتلوهم حيث ثقفتموهم” وهي سلسلة من العمليات الأمنية والعسكرية في مناطق انتشار مقاتلي التنظيم حول العالم.

ومن إفريقيا إلى أفغانستان، مرورًا بسوريا والعراق، شن التنظيم 11 عملية، بحسب “النبأ”، عقب يوم واحد من إطلاق عملياته، كان أكثرها إحداثًا للأضرار هي تلك التي نفذها في محافظة حمص السورية.

ووصلت حصيلة العمليات كاملة منذ 1 وحتى 8 من كانون الثاني الحالي إلى 32 عملية، أُعلن عنها تباعًا عبر مجلة “النبأ”، وأخرى بإعلانات تبنٍّ متفرقة للتنظيم عبر معرفه الرسمي في “تلجرام”.

“قسد” تحاول

خلال 2023، قالت “قسد” إنها شنت 73 عملية أمنية استهدفت خلايا تنظيم “الدولة” في مناطق سيطرتها شرق نهر الفرات شمال شرقي سوريا، منها عمليات واسعة النطاق استمرت لأيام واستهدفت مساحات جغرافية كبيرة، وأخرى فردية طالت عناصر أو قادة للتنظيم.

وأشارت إلى أنها شنت ثلاث عمليات واسعة النطاق أحدثها عملية “تعزيز الأمن”، و”صاعقة الجزيرة”، و”الانتقام لشهداء الرقة”، وأسفرت هذه العمليات عن اعتقال 352 فردًا من التنظيم، بينهم ستة قادة.

كما أسفرت العمليات نفسها، إلى جانب العمليات الفردية، عن مقتل 12 فردًا من التنظيم، بينهم أربعة قادة، بحسب “قسد”.

وخلال العام الحالي، أعلنت “قسد” عن عملية واحدة طالت عناصر في التنظيم، إذ قالت إنها تمكنت، في 6 من كانون الثاني الحالي، من اعتقال عنصرين في التنظيم بمدينة الشدادي شرقي محافظة الحسكة.

الباحث المتخصص في شؤون الحركات الجهادية عرابي عرابي، قال لعنب بلدي، إن عمليات التنظيم ضد “قسد” لا تزال اعتيادية رغم كثافتها، وتعتمد على تكتيك “اضرب واهرب” في مناطق تقليدية، ومعظمها لم ينتج عنه أي ضرر سوى بعض الماديات.

وأضاف أن سلسلة الهجمات وصلت إلى بعض المناطق الجديدة حيث تسيطر “قسد” مثل حي الفروسية بمحافظة الرقة، وحي العزيزية في الحسكة، إضافة إلى مناطق أخرى.

عرابي يرى أن هذه العمليات تكتيكية بحته، لكنها لافتة من ناحيتين، الأولى من حيث عددها الكبير، وهو أسلوب غير متبع كثيرًا من قبل التنظيم في استهداف عناصر ونقاط لـ”قسد”، والثاني أنها تستهدف “عمق حاضنة (قسد)” في الحسكة والرقة.

النظام عاجز عن إحداث تغيير

لم ترتفع وتيرة عمليات التنظيم في مناطق سيطرة النظام السوري وسط سوريا منذ أكثر من عام، إذ اعتمد التنظيم على استراتيجية الاستهداف بعبوات ناسفة، والكمائن الخاطفة باستهداف أرتال عسكرية لقوات النظام في المنطقة خلال العام الماضي.

ورغم الحملات الأمنية المتكررة التي أطلقها النظام لمكافحة التنظيم في سوريا، لم يحدث أي فرق على أرض الواقع، حتى مع الغطاء الجوي الروسي الذي تؤمنه موسكو لهذه العمليات، والدعم البري للميليشيات الإيرانية في سوريا.

قالت وكالة “سبوتنيك” الروسية، في 7 من كانون الثاني الحالي، إن بادية حمص الشرقية وسط سوريا شهدت اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وخلايا من تنظيم “الدولة”، ما أسفر عن مقتل تسعة عناصر من التنظيم.

وبينما لم يعلن النظام السوري عن المواجهات حتى لحظة تحرير هذا الخبر، قالت “سبوتنيك” إن المواجهات جاءت في سياق عمليات “التمشيط الواسعة” التي ينفذها “الجيش السوري” باتجاه الشرق انطلاقًا من مدينة تدمر ببادية حمص.

وأضافت أن قوات النظام عثرت على مجموعة مقار للتنظيم وبداخلها أسلحة وذخيرة ومعدات عسكرية ولوجستية.

الباحث عرابي عرابي قال لعنب بلدي، إن معظم عمليات التنظيم ضد النظام وقعت في البادية السورية، وبعضها دخل حدود مدينة تدمر شرقي حمص، وهو أمر غير اعتيادي و”لافت للنظر”.

وأضاف أن النظام لا يملك خيارات سوى تلقي هجمات التنظيم، إذ لا يمكنه مكافحة التنظيم بحملات متتالية ستؤدي إلى استنزافه بشكل كبير، أو مشاهدة التنظيم وهو يتوسع في منطقة البادية على حسابه دون اتخاذ أي إجراء.

ورجّح عرابي ألا ينتهي عام 2024 قبل أن يسيطر التنظيم على البادية السورية بالكامل، ومعها مدينة تدمر بالكامل، في حال بقي الوضع على ما هو عليه.

وأرجع الباحث توقعه بتوسع سيطرة التنظيم إلى أن النظام مرهق أمنيًا، واقتصاديًا، وعسكريًا، وفي الوقت الذي يمكن للتنظيم إحداث فرق على صعيد العمليات الميدانية بـ100 مقاتل فقط اعتمادًا على هجماته خاطفة وكمائن واستهدافات متفرقة، لا يمكن للنظام إحداث فرق إلا بحملة أمنية تشمل أكثر من 10000 مقاتل.

وبالنظر إلى الأوضاع الأمنية والاقتصادية والعسكرية للنظام، يمكن القول إنه لا يملك القدرة على تجنيد حملة عسكرية بهذا الحجم لأنه سيتكبد خسائر قد تستمر لنحو عام كامل، دون أن يصل إلى نتائج حقيقية.

ماذا يريد التنظيم؟

في نيسان 2023، قالت وزارة الخارجية الأمريكية في إحاطة صحفية حول عمليات تنظيم “الدولة” في سوريا والعراق، إن هجمات التنظيم تراجعت في سوريا والعراق خلال الأشهر الأولى من العام نفسه، ووصفت الفترة الزمنية حينها بأنها “الأكثر سلمية” من حيث انخفاض عمليات التنظيم.

ورأى خبراء أمميون أن تنظيم “الدولة الإسلامية” يمتلك بين 5000 و7000 عنصر في سوريا والعراق، وأن مقاتليه في أفغانستان يشكلون اليوم أخطر تهديد “إرهابي”، في حين يحاول التنظيم إعادة بناء نفسه وتجنيد أشخاص جدد وتحديدًا من مخيمات شمال شرقي سوريا، بحسب تقرير نشرته وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، وكذلك من “المجتمعات الضعيفة” في الدول المجاورة لسوريا.

اقرأ أيضًا: تنظيم “الدولة” يعوّض تراجعه بجيل جديد من المقاتلين في سوريا

الباحث عرابي عرابي يرى أن عمليات التنظيم المتصاعدة مؤخرًا تندرج في إطار “الترويج المستمر والاستقطاب”، لكن في الوقت نفسه يرى أن هذه العمليات ستتراجع العمليات في مناطق سيطرة “قسد” نظرًا إلى كون التحالف الدولي سيكثف من نشاطه لملاحقة خلاياه، ما سيدفع التنظيم للكمون مرة أخرى.

أما في مناطق سيطرة النظام، فرجّح الباحث أن تستمر العمليات بالتصاعد نظرًا إلى أن مساحة البادية السورية تساعد على استمرار العمليات دون تكبد خسائر كبيرة.

مطلع 2023، أصدر “مشروع مكافحة الإرهاب” الأمريكي دراسة رصدت تفاوت عمليات التنظيم في سوريا والعراق، وقارنها بنظيراتها خلال الأعوام السابقة.

وقتل تنظيم “الدولة الإسلامية” أكثر من 147 جنديًا و31 مدنيًا، خلال 2022، كما أسفرت عملياته عن جرح أكثر من 136 شخصًا في وسط سوريا عام 2022، بحسب الدراسة.

الدراسة أشارت إلى أن الخسائر التي سببتها عمليات التنظيم في 2022، تشكّل نحو 47% من إجمالي الخسائر التي أوقعتها عمليات التنظيم في عام 2021.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة