إيران واحتلال العالم

tag icon ع ع ع

إبراهيم العلوش

القصف الإيراني لسوريا والعراق وباكستان خلال الأسبوع الماضي طفرة جديدة تعيد التساؤلات حول أهداف طهران، ومنها، هل يريد ملالي إيران احتلال العالم على طريقة فيلم الكرتون الشهير “بينكي وبرين”؟

في 17 من كانون الثاني الحالي، قصف “الحرس الثوري الإيراني” موقعًا في مدينة أربيل شمالي العراق بصواريخ باليستية، مدعيًا أنه قصف مركزًا للتجسس الإسرائيلي على إيران، وتبين لاحقًا أنه منزل أحد التجار المشهورين في كردستان العراق هو بيشرو دزيي الذي قتل مع ابنته، وشريك تجاري هو كرم ميخائيل، المقيم في الإمارات، وبعض العاملين في المنزل.

وفي نفس اليوم، تم قصف شمالي سوريا في محيط مدينة إدلب، بحجة الانتقام من “داعش”، حسب أقوال “الحرس الثوري الإيراني”، ومن المرجح أن الضربة جاءت من شمال غربي إيران باتجاه مركز صحي في جبل السماق قرب إدلب، كنوع من استعراض العضلات ضد اللاجئين السوريين الذين تسببت إيران وروسيا مع نظام الأسد بطردهم من بيوتهم بعد تدميرها أو الاستيلاء عليها.

وفي اليوم نفسه، قصفت إيران أيضًا مواقع في باكستان، مستهدفة جماعات في إقليم بلوشستان المقابل للحدود الإيرانية، حيث تتقاسم إيران مع باكستان الإقليم الذي يحتوي على عدد من التنظيمات الهادفة إلى انتزاع استقلاله.

وعلى عكس سوريا والعراق، البلدين شبه المسيطر عليهما من قبل إيران وميليشياتها، فإن باكستان ردت في اليوم التالي بقصف مواقع على الجانب الإيراني، وهذا ما لم تجرؤ عليه أمريكا أو إسرائيل، كما قالت الصحف ووكالات الأنباء المتابعة للحدث، فإيران كثيرًا ما تعتبر حماية أراضيها خطًا أحمر، تفاخر بالدفاع عنه، بينما هي تعتدي على الدول المجاورة لها طوال الوقت، وتتلاعب ميليشياتها في أمن دول الإقليم، فقد وصل القصف المدعوم من إيران إلى حقول النفط في السعودية، ناهيك بالاحتلال الجزئي لسوريا والعراق ولبنان واليمن، التي صارت أقاليم تدار سياستها من طهران، كما يفاخر القادة الإيرانيون بذلك.

الرد الباكستاني كان حازمًا ومباشرًا، وهي الدولة النووية التي لا تأبه بكل ادعاءات إيران وبكل تخويفها للدول المجاورة، فبالإضافة إلى قصف الأراضي الإيرانية، فإن باكستان رفضت عودة السفير الإيراني إليها، واستدعت سفيرها من طهران، وهذا ما جعل الساسة الإيرانيون يصمتون، ويستنكفون عن الرد، خاصة أن باكستان مرتبطة مع الولايات المتحدة الأمريكية بمعاهدة دفاع “سانتكيوم” تضمن مساعدتها في حال حصول عدوان عليها، حسب المحلل العسكري الباكستاني جاسم تقي.

المفاجئ في ردود الفعل الدبلوماسية هو رد وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، الذي اعتبر أن إيران تعتدي على العراق، وقدم شكوى إلى الأمم المتحدة بشأن ذلك، واستدعى السفير العراقي من طهران، وصرح في مؤتمر “دافوس” بأن “إيران ملتزمة بقواعد اشتباك مع إسرائيل، وهي عاجزة عن ضرب إسرائيل”، ما يفسر قصفها للدول الأخرى، رغم أن شكوى العراق ستثير كثيرًا من المتاعب لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، ولوزارة الخارجية، من قبل ميليشيات إيران العراقية، مثل “النجباء” و”الحشد الشعبي” و”حزب الله” العراقي وغيرها من المنتجات الإيرانية التي تسهل التحكم الإيراني بالعراق.

من الواضح أن إيران تعاني أزمات داخلية كبيرة، تحاول تصديرها إلى الخارج بردود فعل شبه هستيرية، منها التحرش بدولة جديدة مجاورة لها (باكستان) لتضيفها إلى قائمة الدول المعادية لها، رغم أن باكستان لديها علاقات جيدة مع إيران، وبينهما قنوات اتصال متعددة. وقد حاولت الصين التوسط بين الدولتين بعد القصف المتبادل، إلا أن باكستان رفضت الوساطة والمساومة على الاعتداء على أراضيها.

بالإضافة إلى نزاعها الجديد مع باكستان، فإن إيران تخوض نزاعات مع أفغانستان وأذربيجان ومجمل الدول العربية الخليجية، وعبر ميليشياتها الطائفية فإنها تخوض حروبًا مع كل من الشعب العراقي واليمني والسوري واللبناني، بالإضافة إلى حربها مع أمريكا وإسرائيل وغالبية دول القارة الأوروبية، ناهيك بالنزاعات غير المعلنة مع تركيا وأوكرانيا، ومع طيف كبير من الدول الآسيوية التي تتبع السياسات الغربية، وفي المجمل لا نجد أصدقاء مخلصين لإيران إلا روسيا والصين وفنزويلا وكوريا الشمالية.

ماذا تريد إيران من كل هذه الدول ومن كل هذه الشعوب التي تعاديها، هل تريد إجبارها على الإيمان بنظرية الولي الفقيه، أم تريد أن تحتل العالم على طريقة “بينكي وبرين”؟

رغم امتلاك إيران ثروات بترولية كبيرة، وامتلاكها القوى البشرية الذكية والمواكبة للتكنولوجيا العسكرية، فإن ساسة إيران يعانون غياب العقل، ويحلمون بأهداف أكبر من حجمهم ومن قدراتهم، كما في فيلم الكرتون، حيث يظهر “برين” شديد الذكاء بينما يظهر “بينكي” شديد الغباء، ما يجعل أهدافهما مضحكة طوال حلقات المسلسل الكرتوني.

أحلام ساسة إيران دمرت حياتنا كسوريين وهجّرتنا من بلادنا، وأفقدت سوريا استقلالها، فدولة الأسد لم تنبس بأي كلمة أو بأي رد فعل ضد قصف الشمال السوري بصواريخ باليستية من الأراضي الإيرانية.

وحدها باكستان ردت على حزمة الجنون الإيراني، وأوقفت ساستها عن تماديهم واعتدائهم على أراضيها، أما ميليشيات العراق وسوريا ولبنان واليمن فكأنها لا تزال تشاهد مسلسل “بينكي وبرين” وتحلم معهما باحتلال العالم!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة