عمال غير موظفين باللاذقية: نحن أكبر المتضررين من رفع سعر الخبز

يبلغ سعر ربطة الخبز "المدعوم" 400 ليرة سورية في مناطق سيطرة النظام السوري (عنب بلدي/ ليندا علي)

camera iconيبلغ سعر ربطة الخبز "المدعوم" 400 ليرة سورية في مناطق سيطرة النظام السوري (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

اللاذقية – ليندا علي

يخرج يوسف (45 عامًا) كل صباح ولا يعود إلا مع دخول المساء إلى منزله، إذ يجمع الحطب ليبيعه، ويحصل بثمنه على طعام لأطفاله الأربعة، وزوجته غير الموظفة.

يوسف غير موظف، ويعتبر من عمال المياومة الذين قد لا يجدون ما يسد رمقهم في حال لم يجدوا عملًا، كما قال الرجل الذي يعيش في إحدى القرى التابعة لناحية الحفة بريف اللاذقية.

وأضاف أنه كان بالكاد يتحمل سعر ربطة الخبز بقيمة 200 ليرة سورية، والزيادة الأخيرة على سعره، رغم أنها طفيفة و”تافهة” بنظر البعض، تُشكل عبئًا كبيرًا عليه، بدليل أنه استدان ثمن الخبز عدة مرات لكونه لم يكن يمتلك من المال حتى ثمن ذلك الخبز.

“نمت أنا وزوجتي أيام كتيرة جوعانين لنخبي الخبزات للولاد ياكلوهم الصبح”، قال يوسف، الذي يجمع الحطب ليبيعه ويحرم أطفاله من المدفأة، لأن عليه أن يختار بين دفئهم أو طعامهم.

أعلنت وزارة التجارة الداخلية، في 5 من شباط الحالي، رفع سعر ربطة الخبز “المدعوم” من 200 إلى 400 ليرة سورية (بوزن 1100 غرام)، بالتزامن مع زيادة بنسبة 50% على رواتب الموظفين بالدولة.

ورغم أن الحكومة تقول إنها ترفع الدعم عن بعض الأشخاص غير المحتاجين إليه لتحوله إلى الأشخاص الأشد احتياجًا، فإنها حتى اللحظة تغفل فئة غير الموظفين الذين يعملون بالمياومة، وبأعمال متنوعة مثل البناء أو ورشات الإصلاح وغيرها من الأعمال التي غالبًا ما تكون موسمية، أو تتطلب جهدًا عضليًا قد لا يتمكن من أدائه كثيرون.

“ما حدا مفكر فينا”

شروق، أربعينية تعيش في قرية المزيرعة بريف اللاذقية، قالت إن قرار رفع سعر الخبز انعكس وبالًا على العائلة المؤلفة من ثلاثة أطفال وزوجها الموظف، ومخصصاتهم اليومية من الخبز البالغة 14 رغيفًا، بمعدل ربطتين، لا تكفيهم، لذا فإنهم يشترون ربطتين بالسعر “الحر” بـ3000 ليرة لكل ربطة.

وبحساب بسيط، تدفع العائلة شهريًا 163 ألف ليرة سورية ثمن خبز فقط، بعد الزيادتين الماضيتين على سعر الخبز “المدعوم” و”الحر”، إذ رفعت وزارة التجارة الداخلية سعر ربطة الخبز غير المدعوم وفق “البطاقة الذكية” من 1250 ليرة سورية إلى ثلاثة آلاف ليرة، في 6 من تشرين الثاني 2023.

ولن يتجاوز راتب زوج شروق الموظف الحكومي الـ370 ألف ليرة بعد الزيادة، ما يعني أن نحو نصف راتبه سيذهب فقط للخبز، قائلة، “شو بدو الواحد يحكي، حسبنا الله ونعم الوكيل”.

وتسود رواية في الشارع السوري بأن ارتفاع سعر الخبز لن يتوقف عند الزيادة الحديثة، ومن المتوقع أن يصل سعر الربطة “المدعومة” إلى 1000 ليرة، ما سيشكل أعباء كبيرة على شريحة واسعة من الناس في عموم سوريا.

ويرى كُثر من أبناء مدينة اللاذقية أن الحكومة لا تجرؤ على رفع الأسعار نهارًا، وتلجأ إلى فترة ما قبل منتصف الليل بقليل للإعلان عن رفع أجور خدماتها، كي تمتص غضب الشارع.

قرار رفع سعر الخبز تزامن مع مرسوم بإضافة 50% إلى الرواتب والأجور المقطوعة لكل من العاملين المدنيين والعسكريين في الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة.

وبحسب المرسوم، شهد الحد الأدنى من الأجور زيادة حوالي الضعف ليصبح 278 ألفًا و910 ليرات سورية شهريًا، ويقابل الحد الأدنى حوالي 19.3 دولار، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بسعر الصرف.

وأكثر ما أثار غضب “أبو هاشم” (63 عامًا)، موظف متقاعد، هو تبرير وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لرفع سعر الخبز، الذي جاء فيه أنه “ليس رفعًا بقدر ما هو مساهمة من المواطن في تحمل جزء بسيط من عبء التكلفة لضمان استدامة تدفق وتوفر المادة”.

وقال “أبو هاشم”، إن المواطنين مضطرون اليوم للمساهمة في تمويل دولتهم، التي “سرقها المسؤولون وكبار الفاسدين”، معتبرًا أن المواطنين يدفعون فاتورة فساد المنظمة الحاكمة ككل.

وتعد سوريا من بين البلدان الستة التي تعاني أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي في العالم، إذ يوجد 12.9 مليون شخص في سوريا، أي أكثر من نصف عدد السكان، يعانون انعدام الأمن الغذائي، كما يعيش أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، وفق البيانات الأممية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة