الطاقة والدفاع وغزة على رأس المباحثات

لأول مرة منذ 11 عامًا.. أردوغان في القاهرة

السيسي (يمين) وأردوغان (يسار) في زيارة هي الأولى للقاهرة منذ 12 عامًا- 14 شباط 2024 (TRT HABER)

camera iconالسيسي (يمين) وأردوغان (يسار) في زيارة هي الأولى للقاهرة منذ 11 عامًا- 14 شباط 2024 (TRT HABER)

tag icon ع ع ع

وصل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى العاصمة المصرية القاهرة، في زيارة هي الأولى منذ 11 عامًا، للقاء  الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.

زيارة أردوغان تأتي في ظلّ تغييرات كبرى تطال المنطقة، وتحديدًا في الدول التي تعدّ بدورها عمقًا استراتيجيًا وأمنيًا للبلدين، في سوريا ولبنان والعراق وفلسطين.

كما تأتي كتتويج لمسار بدأ قبل سنوات، لمحاولة رأب الصدع بين الطرفين حول عدة ملفات إقليمية، سياسية واقتصادية في ليبيا وسوريا، والعلاقة مع تنظيم “الإخوان المسلمون” كذلك.

وفي حين انخرطت كل من مصر والإمارات والسعودية في حلف، وضمن وجهات نظر متقاربة حيال “الربيع العربي” وملفي سوريا وليبيا تحديدًا، كانت تركيا وقطر تقف في طرف مقابل.

ومنذ 2022، بدأت العلاقات بين الدول الخمس تعود تدريجيًا، وسارت عودة العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والقاهرة بوتيرة بطيئة، حتى زيارة أردوغان اليوم.

هل تجاوز الطرفان خلافاتهما؟

رافق أردوغان إلى القاهرة، وفد وزاري مكون من وزراء الخزانة والمالية، الدفاع، الصحة، الصناعة والتكنولوجيا والتجارة، بالإضافة لرئيس دائرة الاتصال، وكبير مستشاري الرئيس التركي.

المناصب التي يتولاها المسؤولون في الوفد المرافق لأردوغان والأسماء المرافقة له، تعكس بشكل مباشر طبيعة المباحثات بين الطرفين، وشكل العلاقة المقبلة بينهما، بعد وصولها لحرب بالوكالة في ليبيا، والتصريحات الدبلوماسية حادة اللهجة، منذ وصول السيسي لسدة الحكم في مصر 2013.

قبلها بعام واحد، كانت زيارة أردوغان إلى القاهرة، ولقاء الرئيس المصري آنذاك، محمد مرسي، وبعدها أعلن أردوغان مرارًا رفضه لقاء السيسي أو زيارة مصر، وأعلن تأييده علنًا لمرسي، واحتضن قيادات من جماعة “الإخوان المسلمون”.

سعت أنقرة قبل عامين، للعودة إلى سياسة “صفر مشاكل”، التي انتهجتها مع بقاء حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في السلطة، وأصلحت علاقاتها مع الإمارات والسعودية، وكذلك جرت محاولات مع أرمينيا.

التغيرات الإقليمية والأزمات الاقتصادية، دعت دول المنطقة لمراجعة مواقفها، ولم تكن أنقرة بعيدةً عن هذا النهج، واستجابت لطلبات القاهرة بتخفيف الدعم للجماعة، وخرج قادتها لبلاد أخرى وأغلقت وسائل إعلام مصرية معارضة، كان مقرّها في تركيا.

الباحث في العلاقات الدولية، طه عودة، قال لعنب بلدي، إن الزيارة تأتي في وقت غير عادي مع الاستعدادات الإسرائيلية لاقتحام رفح، والقلق المصري والعملية العسكرية في غزة، التي تقلق دول المنطقة.

ويرى عودة أن هناك خطوات من الطرفين لطي صفحة الماضي والنظر للإمام، وتحديدًا في الملف الليبي، والملفات الأخرى العالقة في المنطقة في ظلّ المواقف الأمريكية الحالية.

كما أن الزيارة مؤشر لعودة العلاقات بين الطرفين بشكل أكثر عمقًا من السابق، وباتجاه يصل لتعاون إقليمي في المنطقة، وفق عودة.

الصحفي المختص بالشؤون التركية، هشام جوناي، قال لعنب بلدي، إن الزيارة متوقعة مع إعادة أردوغان لحساباته بما يخص الشرق الأوسط، وعمليات التطبيع مع السعودية والإمارات، بل وحتى التقارب مع النظام السوري.

وعلى غرار هذه التطورات، يأتي اللقاء مع السيسي بشكل متوقع، وضمن تفضيل المصالح التركية على المبادئ السياسية التي انتهجتها أنقرة خلال مرحلة “الربيع العربي”، وفق جوناي.

ملفات الغاز والدفاع وغزة على رأس المباحثات

وكالة “رويترز” قالت إن النقاشات بين الطرفين، ستتركز على الهجوم الإسرائيلي ضد غزة، فيما أشارت صحيفة “ميليت” التركية، إلى أن ملفات الطاقة والغاز شرقي البحر الأبيض المتوسط، وزيادة حجم التجارة الثنائية واتفاقيات الدفاع، تأتي على رأس المباحثات.

ويبدو أن كل من أنقرة والقاهرة، وجدتا أن ما يجمعهما ضمن المخاطر الحالية أكبر مما يفرقهما، وأصبحتا على استعداد لمناقشة الملفات التي شكلت عقبة طويلةً في وجه عودة العلاقات، وعلى رأس هذه الملفات، ملف الغاز.

في 2019، أعلنت أنقرة عن توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الليبية، وهو ما أثار حفيظة القاهرة، الداعمة للقائد العسكري الليبي، خليفة حفتر.

ويعد ملف الغاز أحد الملفات الحساسة بالنسبة لأنقرة، إذ يدرج ضمن ما يطلق عليه في أدبيات السياسة التركية، (الوطن الأزرق)، وهي خطة تسعى من خلالها للتوسع في المياه البحرية المحيطة بها.

ويقصد بـ “الوطن الأزرق” (Mavi Vatan) المنطقة الاقتصادية الخالصة، والجرف القاري والمياه الإقليمية المحيطة بتركيا، التي تتيح حرية استخدام جميع الموارد البحرية الموجودة فيها.

وتعادل مساحة “الوطن الأزرق” نصف المساحة البرية لتركيا، بحسب ما ذكره قائد الأسطول التركي المتقاعد، جيم غردينيز، لموقع “Aydınlık” التركي في عام 2013.

في عام 2013، وقعت مصر وقبرص اتفاقية تنص على ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، وهو ما مكّن مصر من البحث عن مصادر للغاز في مياه المتوسط، وعثرت على حقل “ظهر” الذي تبلغ طاقته الاستيعابية ما يقارب ثلاثة مليارات متر مكعب يوميًا، بحسب ما صرح به وزير البترول المصري، طارق الملا.

وفي العام 2016، أسست كل من اليونان وقبرص وإسرائيل، هيئة أسمتها “هيئة ثلاثية للدفع بالمصالح المشتركة”، التقت عدة مرات في عاصمة قبرص الشمالية، نيقوسيا.

وكان من أهداف هذه الهيئة التوصل لاتفاقات في مجالات الأمن، وعمليات التنقيب عن الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط، وسبل نقله إلى أوروبا، خصوصًا مع توتر العلاقات بين تركيا وإسرائيل من جهة، واليونان وقبرص اليونانية من جهة أخرى.

وفق عودة، تهدف الزيارة لبلورة التقارب والتحالف الاستراتيجي بينهما، والعمل سويًا خلال المرحلة المقبلة، بما يشمل ملفات ليبيا وغزة وسوريا، بالإضافة للمشاكل في أفريقيا والغاز.

كما أن الملف العسكري سيكون حاضرًا بشكل كبير على طاولة المباحثات بين السيسي وأردوغان، وفق عودة، بالإضافة للملفات الاقتصادية الأخرى.

وهذه النقاط والخطوات، بحسب رأيه، خطوات مهمة في ظلّ الظروف المعقدة في المنطقة، في حين يرى هشام جوناي، أن الاقتصاد سيأتي على رأس المباحثات بين الطرفين، مع الأزمة الاقتصادية لديهما.

وأضاف جوناي بحديثه لعنب بلدي، أن ملف الطاقة هو أهم النقاط وسيناقش مع الحكومة المصرية، خاصةً مع مشروع نقل الغاز الطبيعي المصري والتنقيب عن الغاز في البحر الأبيض المتوسط.

ووفق “الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء” الحكومي المصري، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 6.6 مليار دولار أمريكي لعام 2023، بانخفاض نسبته 15% عن 2022، وبلغ حجم التبادل التجاري حينها 7.8 مليار دولار.

وقال المحلل السياسي التركي، علي أسمر، عبر حسابه في “إكس”، الثلاثاء، إن الملفات التي ستناقش تقسم لقسمين، ثنائية وتشمل تعزيز الثقة السياسية وتطوير الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والتجارية وملف ترسيم الحدود البحرية والتعاون في ملف الطاقة.

فيما يضم القسم الثاني، الملفات الخارجية وعلى رأسها ملف غزة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة