رغم رفع أسعارها.. أزمة دواء مستمرة في سوريا

صيدلية في مدينة اللاذقية - 21 من شباط (عنب بلدي/ ليندا علي)

camera iconصيدلية في مدينة اللاذقية - 21 من شباط (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

تشهد المحافظات السورية الواقعة تحت سيطرة النظام، أزمة دواء، انعكست في غياب أنواع شديدة الأهمية للمرضى، خصوصًا تلك التي تتعلق بالأمراض المزمنة.

وتحدث مرضى وصيادلة في محافظة اللاذقية لعنب بلدي عن عدم توفر العديد من الأدوية المتعلقة بالأمراض المزمنة مثل مرض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والأدوية الخاصة بالأطفال، بالإضافة إلى أن عدة أصناف من أدوية المعدة وعلاجات الأعصاب.

ورغم الارتفاعات المتكررة والكبيرة التي طرأت على أسعار الأدوية خلال العام الماضي، ماتزال مشكلة توفر الدواء في سوريا قائمة، إذ يبدو أن معامل تصنيع الأدوية تسعى للمزيد من رفع الأسعار.

بشق الأنفس

“حصلت على علبة واحدة بشق الأنفس”، هذا ما قالته مانيا، وهي تتحدث لعنب بلدي عن أزمة اختفاء الأدوية في سوريا.

وأضافت مانيا، البالغة من العمر 32 عاماً، وتعمل موظفة حكومية في مدينة اللاذقية، أنها بحثت مطولاً عن دواء “الكارديفول” لوالدتها، وهو دواء خاص بأمراض القلب وضغط الدم، إلا أنها لم تستطع الحصول عليه ولا حتى على بدائله.

بحثت مانيا عن دواء “الكارديفول” في أكثر من ثمانِ صيدليات في الساحل السوري، في حين لم يتواجد الدواء في أي واحدة منها، ولا حتى بدائل عنه، حتى وصلت إلى صيدلية في دمشق، وحصلت على علبة واحدة.

ورغم رفع سعر الأدوية لأكثر من %70 في شهر كانون الأول من العام الماضي، إلا أن العديد من الأدوية غير متوفرة، وسط أنباء عن توقف عدة معامل أدوية عن العمل مع بداية العام الجاري.

لا ذنب للصيدليات

قالت لينا، وهي صيدلانية من مدينة جبلة، إن الأمر ليس ذنبها، بل هو بسبب توقف عدة معامل عن العمل مثل شركة “البلسم”، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة “اليوني فارما” وغيرها العديد من الشركات.

وأضافت الصيدلانية لعنب بلدي، أن هناك العديد من الأصناف المقطوعة، خصوصاً الأدوية العصبية والنفسية ومضادات الذهان، بالإضافة إلى بعض أدوية الضغط وأمراض القلب، مثل “ديزيرتيك” و”الكارديفول”، وكذلك الأمر بالنسبة لبعض أدوية أمراض الأوعية الدموية مثل “ترنتال”، وبعض الأدوية التي يستخدموها مرضى الكلى.

وتابعت لينا، “أن أخطر ما في الأمر، هو عدم توفر بدائل لمعظم تلك الأدوية، نظراً لإحجام كثير من المعامل عن التوزيع لهم بحجة أنه لا يوجد إنتاج حالياً”.

ومن بين الأدوية المفقودة حالياً، جميع أدوية مرضى زارعي الكلى، إذ إنه من شبه المستحيل العثور عليها، بالأخص دواء “سيلسيبت”، وفي بعض الأحيان يمكن أن يتواجد النوع الأجنبي المهرب لكن بأسعار خيالية تفوق عشرات آلاف الليرات.

كذلك الحال لدى أمين، وهو مالك صيدلية في مدينة اللاذقية، والذي قال إن الأدوية العصبية والنفسية مقطوعتان بالكامل، مشيراً إلى أنه يمكن الحصول على الدواء في حال استطاع المريض دفع 150 ألف ليرة ثمناً للعلبة التي لا يتجاوز سعرها الرسمي 22 ألف ليرة.

يؤكد الصيدلاني، أن موزعي معامل الأدوية لا يعطون أصحاب الصيدليات حاجتهم من الأدوية، “أطلب 30 علبة من دواء معين، إلا أن الموزع يرفض إعطائي أكثر من 10 علب بالحد الأعلى”، بحسب تعبيره.

وذكر أن الصيادلة غير مسؤولين عن رفع أسعار الأدوية، كونهم يواجهون في الوقت ذاته تحديات جديدة في سوق الدواء، بما في ذلك تغيير طريقة شراء الأدوية من قبل المواطنين، فالكثيرين يطلبون الشراء بالحبة أو بالظرف بدلاً من العلبة كما كان في السابق.

ضعف القدرة الشرائية 

الصيدلاني أمين، قال إنه لولا ضعف القدرة الشرائية التي جعلت العديد من المرضى عاجزين عن شراء أدويتهم، لكان الوضع مخيفاً والأدوية مقطوعة بالكامل، لكن ضعف القدرة الشرائية يتيح توفر بعضها رغم قلتها.

ومن جانبه، يستذكر أمين موقفاً حصل معه قبل مدة من الزمن، حين حضرت امرأتان إلى الصيدلية واعتذرتا منه في البداية على طلبهما الغريب، آملتين أن يساعدهما، إذ أخرجت إحداهما علبة دواء “باراسيتامول” خافض للحرارة عند الأطفال، وسألت الصيدلاني فيما إن كانت ماتزال علبة الدواء صالحة للإستخدام، وقامت المرأة بشراء الدواء قبل شهر ونصف ومايزال في العلبة نحو نصفها تقريباً، ليجيبها أمين في حال حفظتها في الثلاجة فستكون صالحة للإستخدام الطويل.

وأضاف أمين أن سبب السؤال كان نية المرأة بيع المتبقي من علبة الدواء للمرأة الأخرى معها وهي جارتها، كونها لا تستطيع شراء علبة كاملة لطفلها، فقررت بيع جارتها ما تبقى من العلبة بسعر أقل، للإستفادة منه في تأمين جزء من ثمن علبة الفيتامين الذي يحتاجه طفلها.

وأكد الصيدلاني أن مرضى كثر يطلبون إليه بيعهم الدواء بنصف ظرف، ومن النادر جداً أن يشتري أحد علبة كاملة من الدواء، فإما ظرف أو نصف ظرف، مشيراً أنه يرفض البيع بالنصف ظرف، وفي حال كان قادرًا، فإنه يمنح الظرف للزبون بدون نقود، وفق قوله.

ويتسبب الرفع المستمر لسعر الأدوية في سوريا، وأحدثها في كانون الأول 2023، بمعاناة كبيرة لغالبية المرضى، نتيجة تدهور القدرة الشرائية لمعظم السوريين.

رفع الأسعار ووقف الإنتاج

ورفعت وزارة الصحة في حكومة النظام سعر الأدوية، في المرة الأخيرة، بنسب تراوحت بين الـ 70 إلى 100%، بعد مضي شهر تقريباً على انقطاع بعض أصناف الأدوية.

وقال نقيب الصيادلة في دمشق، حسن ديروان، لصحيفة “تشرين” الحكومية، إن أسعار الحبوب والكبسولات والأشربة ارتفعت بنسبة 70%، أما بالنسبة للمراهم والكريمات والبخاخات القصبية فارتفعت بنسبة 100%.

وتلجأ معامل وشركات الأدوية لإيقاف إنتاجها، آملةً أن تضغط على وزارة الصحة كي توافق على رفع الأسعار، فيما يبدو أن المرضى الفقراء وحدهم من يدفعون الثمن، دون أن تفلح وعود حكومة النظام بمنح جرعة دواء لأمراضهم.

وبالنسبة لميسوري الحال وما فوق، فغالبيتهم لا يشترون الأدوية المصنعة محلياً، بل يقومون بشراءها من الدول المجاورة بالأخص لبنان، بحسب ما رصدته عنب بلدي.

اقرأ أيضًا: مرضى يكتوون بنار أسعار الأدوية في سوريا




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة