السويداء تعاني نقصًا بمياه الشرب.. اتهامات للمسؤولين بـ”الفساد”

مظاهرة انطلقت من أمام مديرية المياه في السويداء وطالبت بإسقاط النظام السوري والتغيير السياسي- 19 من شباط 2024 (السويداء 24/ فيس بوك)

camera iconمظاهرة انطلقت من أمام مديرية المياه في السويداء وطالبت بإسقاط النظام السوري والتغيير السياسي- 19 من شباط 2024 (السويداء 24/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

تعاني مدينة السويداء، جنوبي سوريا، من شح في مياه الشرب منذ أشهر، ما شكل أعباء مادية على سكان المدينة الذين يلجأون إلى شراء المياه من الصهاريج الجوالة.

أزمة المياه التي تشهدها المدينة دفعت بناشطين وشباب من أبنائها للاحتجاج أمام مؤسسة المياه في السويداء على مدار الأيام الماضية، مطالبين بحلول للمشكلة.

وأرجع عدد من السكان والموظفين في السويداء أسباب أزمة المياه خلال حديثهم لعنب بلدي إلى “فساد إداري” يتعلق بتعطل مضخات الآبار في المدينة، في حين أدى الانحباس المطري خلال السنوات الماضية لجفاف السدود السطحية، وسبق ذلك جفاف بحيرة المزيريب في ريف درعا الغربي التي كانت تؤمن ثلث احتياجات المدينة من مياه الشرب سابقًا.

الأزمة دفعت العشرات من أبناء السويداء للاحتجاج، في 19 من شباط، أمام مؤسسة مياه الشرب مطالبين بحل لمشكلة نقص المياه وفرض رقابة شعبية على عملها، ومزق  المحتجون صور رئيس النظام السوري، بشار الأسد، من على واجهة المؤسسة.

ووجه المتظاهرون رسالة مطالب لمدير المؤسسة أولها المباشرة بتشغيل الآبار العامة وعدم المماطلة في التنفيذ، ووضع حد للصهاريج العامة التي تبيع المياه لحسابها الخاص، والاشتراط على المقاولين تركيب مضخات ذات منشأ صناعي جيد دون الاعتماد على مضخات هندية أو إيرانية.

البحث عن بدائل

تحتاج عائلة راقية الشاعر، المقيمة في مدينة السويداء إلى 300 ألف ليرة سورية شهريًا للتزود بالمياه فقط، فالعائلة مكونة من خمسة أفراد، يستهلكون خزان مياه بسعة 25 برميل كل عشرة أيام تقريبًا.

راقية قالت لعنب بلدي، إن المياه من الشبكة الرئيسية لا تصل الأحياء منذ مدة طويلة، ولدى مراجعة دوائر المؤسسة كانت الحجة عدم توفر الكهرباء، رغم أن خطوط مياه الشرب معفية من تقنين الكهرباء، وفي بعض الأحيان يتذرع العاملون في مؤسسة المياه بتعطل مضخات أو أجزاء من أدوات تشغيل الآبار.

عدد من السكان، قابلتهم عنب بلدي قالوا، إن أزمة مياه الشرب أصبحت تشكل عبئًا ماليًا إضافيًا يحتاج لميزانية مستقلة.

حسان دوير (40 عامًا) قال لعنب بلدي، إنه منذ أكثر من عام أصبح شراء المياه من الصهاريج أمرًا دوريًا لا مفر منه، وتأمينه يفوق قدرته المالية، وفق تعبيره.

وبعد تعطل سابق في خطوط مياه الشرب خلال فصل الصيف الماضي في الحي الذي يسكنه ماهر لطف بمدينة السويداء، ينعم الحي حاليًا بوصول مياه الشرب، ولكن بأي لحظة تتعطل المضخة وتعود الأزمة لسابق عهدها، بحسب ما قاله ماهر لعنب بلدي.

وأضاف أن أي تعطل يحرم الحي من المياه لأكثر من شهرين متتالين على الأقل.

أسباب الأزمة

نضال سلوم، وهو موظف في مؤسسة مياه الشرب بمحافظة السويداء، قال لعنب بلدي، إن حاجة مدينة السويداء من مياه الشرب بلغت 30 ألف متر مكعب يوميًا.

ويوجد في المحافظة بشكل عام حوالي 50 بئرًا تضخ المياه للخزانات الرئيسية في المدينة، وتبلغ غزارة كل منها 23 مترًا مكعبًا بالساعة، ولكن المشكلة الرئيسة تكمن في تعطل دائم لنصف هذه الآبار، كما أن قطع التبديل سيئة، وتذهب تكاليف الإصلاح والصيانة نحو جيوب المسؤولين في المؤسسة، جراء الفساد.

وأضاف أن المضخات المستخدمة حاليًا هي ذات منشأ إيراني أو هندي، إذ يكثر تعطلها لرداءة صناعتها، وقد تتعطل أسبوعيًا بعض الأحيان، في حين تصمد المضخات ذات المنشأ الأوربي سنوات دون صيانة، وهي متوفرة في السوق المحلية.

ومن المشكلات المعيقة لوصول مياه الشرب نحو السويداء، بحسب السلوم، هي الطبيعة الجبلية للمدينة، إذ توجد مناطق مرتفعة وأخرى منخفضة لذلك يصعب التحكم في قوة التيار، وهو ما يحتاج “عدالة أكبر” في توزيع المياه عبر تخفيف قوة الضغط عن الأحياء الواقعة في مناطق منخفضة.

وزاد من أزمة مياه الشرب في، جفاف السدود السطحية التي تعتمد على مياه الأمطار، إذ سبق وقال المهندس وائل الشريطي، مدير مؤسسة مياه الشرب في السويداء لقناة “سما” الفضائية، إن الانحباس المطري أسهم في جفاف معظم السدود والتي كانت تغذي ما يقارب 5% من حاجة المحافظة من مياه الشرب.

وإلى جانب السدود، جفت بحيرة المزيريب في ريف درعا الغربي التي كانت تغذي ما يقارب 18% من حاجة المحافظة، بحسب الشريطي.

صهاريج حكومية لحل المشكلة

سيرت مؤسسة مياه الشرب في السويداء صهاريج جوالة بسعر التكلفة لتزويد الأحياء التي لا تصلها المياه بحاجتها، لكن هذه الصهاريج أصبحت تتقاضى أجورًا قريبة من تلك التي يطلبها أصجاب الصهاريج الخاصة، فضلًا عن سرقة مخصصات المحروقات، وعدم تنفيذ عدد النقلات المخصصة من قبل المؤسسة، بحسب ما قالته راقية الشاعر لعنب بلدي.

وقال حسان دوير، بدوره، إن لدى مؤسسة مياه الشرب خيار التسجيل على نقلة مياه في الأحياء التي لا تصلها المياه بسعر التكلفة، لكنه “خيار وهمي”، بحسب وصفه، إذ لم يحصل على هذه المياه المدعومة رغم تسجيله عليها لأكثر من مرة.

وكان الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، قال في كلمة مصورة، تعليقًا على الاحتجاجات، إن الأجهزة الأمنية بإداراتها الفاسدة تقوم بمحاربة المتظاهرين بلقمة عيشهم لإسكات الحقائق، مع محاولات اختراقهم وبث الفتنة والتخوين بينهم، والتسخيف والتصغير لعمل كبير.

الهجري أوضح أن الجهات المختصة تتعنت، والجهات الداعمة من خارجية ومحتلة تتحكم بالقرارات، وتصدر ما يسيئ ويهدم أركان الاقتصاد السوري، وبنيان الأهالي بالإتاوة والجبايات، وقطع لقمة العيش وتجفيف منابع العطاء، مع تهجير قسري للشباب والمقدرات العلمية، وهذا بحد ذاته نهب لخيرات البلد وللعقول، ما يوجب استمرارية الحراك السلمي بخطى ثابتة، وفق الشيخ الهجري.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة