توقف إمداد مخيمات تل رفعت بالمياه.. “يونيسيف”: بسبب التمويل

أطفال نازحون من مدينة عفرين في مخيم بمدينة تل رفعت ضمن مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" والنظام السوري- 24 من شباط 2024 (عنب بلدي)

camera iconأطفال نازحون من مدينة عفرين في مخيم بمدينة تل رفعت ضمن مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" والنظام السوري- 24 من شباط 2024 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

أوقفت منظمات إغاثية وإنسانية دعم المياه لمخيمات النازحين في ريف حلب الشمالي حيث تسيطر “الإدارة الذاتية” (المظلة السياسية لـ”قوات سوريا الديمقراطية” قسد)، والنظام السوري، بعد مرور أشهر على توقف توزيع السلل الإغاثية العينية عن سكان المخيمات نفسها.

وقالت وكالة “هاوار“، المقربة من “الإدارة الذاتية”، إن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) قطعت المياه عن قرى تل رفعت بشكل متكرر خلال عامي 2020 و2021 وتجدد ذلك في 15 شباط الحالي، إذ قطعت المياه عن مخيمات النازحين شمالي حلب.

ونقلت الوكالة عن عضو بلدية مخيم “برخدان”، ليلاف شيخو، أن قطع “يونيسيف” للمياه عن المخيمات سيتسبب بالعديد من الأزمات والكوارث، إحداها زيادة الأمراض، وخاصة مع اقتراب فصل الصيف وهناك حاجة أكبر إلى المياه.

وأضافت أن بلدية المخيم قد تتمكن من توفير المياه للأهالي في الوقت الراهن، لكنها ستواجه صعوبات أكبر خلال فصل الصيف.

وتنتشر العديد من المخيمات شمال مدينة حلب، ويقطنها نازحون من مدينة عفرين منذ سيطرة تركيا وفصائل “الجيش الوطني السوري” على المدينة وقرى وبلدات في محيطها عام 2018، وتعرف هذه المخيمات باسم “مخيمات تل رفعت”، أو “مخيمات الشهباء”.

مشكلة في التمويل

منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) قالت لعنب بلدي عبر مراسلة إلكترونية إن نقل المياه بالصهاريج، الذي تقدمه إلى المخيمات أوقف في شباط الحالي بسبب مشكلات متعلقة بالتمويل.

وأضافت أن قيود التمويل كانت السبب وراء إنهاء عمليات النقل وأتت بعد مناقشة هذا التغيير مع السلطات المحلية ومشاركة المعلومات مع شركاء قطاع المياه بما في ذلك مؤسسة مياه حلب.

المنظمة أشارت إلى أن سكان المخيمات في ريف حلب الشمالي، وبالتحديد في مخيمات “فافين” و”عفرين” و”الشهباء” و”عسير” و”العودة”، يمكنهم الحصول على المياه من آبار المياه المحلية ومن نقل المياه بالشاحنات، بدعم من السلطات المحلية في المنطقة.

وتستمر المنظمة في الوقت نفسه بالعمل مع مؤسسة مياه حلب لتنفيذ حل مستدام لإعادة تأهيل خط الأنابيب الرئيسي وتوفير المياه للمنطقة، مشيرة إلى أنها مستمرة بالعمل مع الشركاء لضمان حصول الأطفال والأسر على المياه الصالحة للشرب.

قطع على مراحل

إبراهيم شيخو، ناشط في المجال الإغاثي يقيم في مخيم “عفرين” في قرية تل شعير شمال حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، قال لعنب بلدي إن المنظمات قطعت المياه عن جميع المخيمات المنتشرة شمالي حلب منذ منتصف شباط الحالي، دون أسباب واضحة.

وأضاف أن المياه كانت تأتي إلى المخيمات عبر صهاريج تستوردها “يونيسيف” من مدينة حلب حيث يسيطر النظام السوري، وذلك منذ بداية تشكل هذه المخيمات عقب نزوح قاطنيها من عفرين.

شيخو أضاف أن أزمة المياه ليست الأولى من نوعها، إذ خفضت المنظمة من مخصصات المياه للمخيمات عام 2021، وكانت تزود “يونيسيف” المخيمات بـ2400 متر مكعب من المياه يوميًا، لكنها خفضت هذه الكمية حينها إلى 1400 متر مكعب.

وفي آب 2023، خفّضت الكمية مجددًا إلى 1000 متر مكعب، تزامنًا مع قطع المياه عن ريف تل رفعت بالكامل حينها.

ومنذ أكثر من أسبوع، انقطعت المياه عن المخيمات بالكامل دون أسباب واضحة، بينما يقول العاملين في المنظمة بالمنطقة، إن التخفيض المتكرر لكمية المياه بسبب قلة الدعم المتوفر لهذا الشأن.

“هاوار” قالت إنه منذ نزوح سكان عفرين بدأت “يونيسيف” بتوزيع مياه الشرب في جميع نواحي وقرى ومخيمات النازحين في تل رفعت، وكانت تتولى تعبئة خزانات المياه البلاستيكية الموجودة في القرى والمخيمات عبر صهاريج المياه.

ومع مرور الوقت خفّضت المنظمة كميات المياه الموزعة على نواحي تل رفعت، وشيراوا، وأحرص وعيرها، لتقوم عام 2021 بالتوقّف عن توزيع المياه في جميع أنحاء المنطقة، كما خفّضت نسب المياه عن المخيمات إلى 650 ألف لتر.

وخصّصت 300 ألف ليتر لمخيم “سردم”، و280 ألف ليتر لمخيم “برخدان” و45 ألف ليتر لمخيمات “عفرين” و”الشهباء” و”العودة” خلال فصل الشتاء، فيما كانت كميات المياه تزيد خلال فصل الصيف لتصل إلى 950 ألف ليتر، بحسب “هاوار”.

أطفال نازحون من مدينة عفرين في مخيم بمدينة تل رفعت ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية والنظام السوري- 24 من شباط 2024 (عنب بلدي)

أطفال نازحون من مدينة عفرين في مخيم بمدينة تل رفعت ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية والنظام السوري- 24 من شباط 2024 (عنب بلدي)

المياه والإغاثة مقطوعين

مع اليوم التالي لانقطاع المياه عن المخيمات، صار قاطنوها يترددون إلى الآبار الارتوازية المنتشرة في المنطقة للتزود بالمياه، بحسب ما قال إبراهيم شيخو لعنب بلدي، مع علمهم المسبق أن المياه غير صالحة للشرب، وتحتاج لتعقيم.

وأضاف أن قاطني المخيمات يتعاملون مع الأزمة الحالية على أنها مؤقتة، ويعملون للبحث عن بدائل من خلال الآبار في المنطقة، إذ لم تبلغ المنظمة السكان بأن المياه قطعت، أو إلى متى قد يستمر هذا القطع.

هلال (اسم وهمي لأسباب أمنية) لشاب يقطن في أحد مخيمات “تل رفعت” شمال مدينة حلب، قال لعنب بلدي إنه يعتمد منذ مدة على مياه الآبار الارتوازية في المنطقة، حتى قبل انقطاع مياه “يونيسيف” عن المخيم، مشيرًا إلى أن العاملين في المنظمة يرجعون أسباب القطع لقلة الدعم المتوفر.

وأضاف أن “الهلال الأحمر السوري” كان يوزع مساعدات إغاثية عينية على سكان المخيمات، لكن هذه المساعدات انقطعت منذ ستة أشهر، دون إيضاح الأسباب.

هلال أشار إلى أن المساعدات العينية كانت توزع على قاطني المخيم لمرة واحدة خلال مدة زمنية أقصاها شهرين، لكن منذ ستة أشهر لم توزع أي مساعدات في المنطقة.

من مخيم "عفرين" شمال مدينة حلب ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية والنظام السوري- 24 من شباط 2024 (عنب بلدي)

من مخيم “عفرين” شمال مدينة حلب ضمن مناطق سيطرة الإدارة الذاتية والنظام السوري- 24 من شباط 2024 (عنب بلدي)

النظام يلعب دورًا

منذ سنوات يعيش سكان حيي الأشرفية والشيخ مقصود في حلب ومناطق أخرى بريف المحافظة الشمالي ظروفًا معيشية صعبة، نتيجة لحصار يفرضه النظام السوري عليها عبر إغلاق الطرق المؤدية إليها، إذ يمنع دخول المحروقات ومواد أولية نحو المنطقة التي تديرها “الإدارة الذاتية”.

أحدث معالم الحصار ظهرت عندما أغلقت “الإدارة الذاتية” المدارس التي تديرها في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، ومناطق أخرى، بسبب ما أسمته “الحصار الحكومي” المفروض على المنطقة.

وفي 26 من تشرين الثاني الحالي، نقلت “وكالة هاوار” قرار “هيئة البلديات في مقاطعة عفرين والشهباء” وتشمل أحياء الشيخ مقصود والأشرفية ومدينة تل رفعت ومحيطها، في تشرين الثاني 2023، جاء فيه: “نتيجة للأوضاع التي تمر بها مقاطعة عفرين والشهباء وعدم توفر المحروقات ووقود المواصلات، تقرر تعليق الدوام في جميع المدارس ومعاهد الشهيدة فيان امارة في المقاطعة حتى إشعار آخر”.

مطلع نيسان 2022 أيضًا، منع عناصر “الفرقة الرابعة” المتمركزون بمحيط حي الشيخ مقصود بحلب، دخول السيارات المحمّلة بمادة الطحين إلى أفران الحي، بالتزامن مع أزمة معيشية تعاني منها المنطقة.

وتعد تل رفعت وأحياء الشيخ مقصود والأشرفية، هي المساحة الجغرافية الوحيدة التي تخضع لسيطرة “قسد” شمالي حلب، بعد حملات عسكرية عدة شنتها تركيا باتجاه المنطقة أفضت إلى حسر نفوذها إلى أحياء صغيرة من مدينة حلب، وعدد من قرى ريف حلب الشمالي، إلى جانب مدينة تل رفعت.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة