مهجرون يفتقدون طقوس الشتاء في إدلب

سيدة سورية تستخدم الأكياس والملابس القديمة للتدفئة داخل خيمتها في إدلب - 12 من كانون الأول 2023 (أوتشا/ بلال الحمود)

camera iconسيدة سورية تستخدم الأكياس والملابس القديمة للتدفئة داخل خيمتها في إدلب - 12 من كانون الأول 2023 (أوتشا/ بلال الحمود)

tag icon ع ع ع

تلتف أسرة علي حول المدفأة مساء، ليحدث أطفاله عن أيام غوطة دمشق الجميلة، وحنينه لعادات الشتاء التي اعتادها، حين كانت تجتمع أسرته في منزلهم قبل تهجيره من قبل قوات النظام إلى الشمال السوري عام 2017.

قال علي المسلماني (42 عامًا) لعنب بلدي، إنه يفتقد معظم عادات الشتاء، ويتذكر حين كانت عائلته تزرع في حديقتهم الخاصة الملاصقة لمنزلهم في الغوطة الفول والذرة الصفراء، لا لبيعها وإنما لتخزينها لأيام الشتاء وتقديمها في السهرات العائلية المسائية. 

وأضاف علي أن برد الشتاء يجبر المواطنين على البقاء في المنزل، لافتًا إلى أن سهرات الشتاء حول المدفأة تشكل نوعًا من عادات الترفيه عن النفس وعن الأطفال، رغم ضغوط الحياة.

ويحن علي إلى تلك السهرات والعادات المرافقة لها من حكايات ومأكولات، إذ غابت عنه في الشمال السوري، الذي يضم 2.9 مليون نازح، سواء ضمن مخيمات أو شقق سكنية ضيقة.

ويفتقد المهجرون في إدلب عادات التسلية المسائية التي اعتادوها والمشروبات الساخنة والمأكولات كالفول النابت والذرة الصفراء والكستناء والبطاطا الحلوة، لعدم قدرتهم على زراعة هذه المزروعات بعد التهجير، وضعف إمكانياتهم المادية وعدم قدرتهم على شرائها. 

مزيد الجابر (45 عامًا) مهجر من درعا ويسكن في إدلب، قال لعنب بلدي، إنه لم يكن يشعر بعبء توفير تلك التسالي التي كانت دائمًا في المنزل بكميات كبيرة، بسبب اعتماد عائلته على زراعتها في الأرض.

وذكر أن عائلته كانت تزرع البطاطا الحلوة وتخزن كميات تزيد على حاجتها، وتوزع الباقي على الأقرباء والجيران، ولم يكن يتخيل السهرات الشتوية دون وضع بعض حبات البطاطا داخل المدفأة، والاستمتاع بمذاقها الحلو بعد شوائها. 

انخفاض قدرة المواطنين الشرائية وزيادة أعباء الحياة حالت دون قدرة المهجرين أو حتى السكان على شراء تلك التسالي، إذ يصل سعر كيلو الفول اليابس في إدلب إلى 50 ليرة تركية، بينما لا يتعدى متوسط أجور العمال في أحسن الأحوال 100 ليرة تركية (الدولار الأمريكي يعادل 31.5 ليرة تركية). 

المشروبات الشتوية غائبة 

القرفة والسحلب من المشروبات الساخنة التي اعتاد السوريون تناولها في فصل الشتاء، لأنها ترفع حرارة الجسم وتساعد على مواجهة البرد القارس، لكن تكاليف إعداد هذه المشروبات حرم بعض الأهالي منها. 

السيدة هبة عثمان (36 عامًا) ربة منزل مهجرة من ريف دمشق وتقيم في إدلب، قالت لعنب بلدي، إن القرفة والسحلب من المشروبات الرئيسة التي اعتادت إعدادها في أيام الشتاء، إذ يحبها الصغار والكبار، لكن إعداد هذه المشروبات بات مرهقًا ماليًا للعائلة.

وتصل تكلفة إعداد شراب السحلب لأسرة مكونة من خمسة أفراد إلى 70 ليرة تركية، ما يبعدها عن المتناول أمام قائمة أولويات العائلة في إدلب.

ويسكن شمال غربي سوريا 4.5 مليون شخص، 4.1 مليون منهم بحاجة إلى مساعدة، و3.3 مليون منهم يعانون انعدام الأمن الغذائي، 2.9 مليون منهم نازحون داخليًا، ومليونان يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة، في حين تتحدث إحصائيات محلية عن 5.5 إلى 6 ملايين شخص.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة