في أوروبا.. سوريون يحيون طقوس رمضان في منازلهم

زينة رمضانية في منزل عائلة سورية تقيم في هولندا - 25 من آذار 2023 (خاص عنب بلدي)

camera iconزينة رمضانية في منزل عائلة سورية تقيم في هولندا - 25 من آذار 2023 (خاص عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – ريم حمود

يتصف شهر رمضان بطابعه الخاص لدى الشعوب المسلمة، إذ ترتبط به طقوس روحانية واجتماعية وممارسات ثقافية تختلف من دولة لأخرى.

ومع مرور نحو 13 عامًا على انطلاقة الثورة السورية، بات ملايين السوريين من اللاجئين والمقيمين في الخارج، وخصوصًا في دول أوروبا، محرومين من معايشة هذه الأجواء.
انتشر اللاجئون السوريون في أوروبا منذ سنوات، وكثيرون منهم يفتقدون لمّة الأهل وسماع صوت الأذان والأجواء الرمضانية، وهو ما ينعكس على مشاعرهم خلال هذا الشهر.

الإحساس بفقدان تفاصيل حميمية وخصوصية لدى اللاجئين، ولّد الرغبة بخلق طقوس جديدة تعوضهم وتبعث البهجة في نفوسهم، كما تعيد ربط أبنائهم بتقاليد وقيم الشهر الكريم، عبر أدوات بسيطة، وفق ما قاله أفراد من عائلات لاجئين تحدثت معهم عنب بلدي.

حنين للأجواء الرمضانية

في بلاد لا تصبغها ثقافة دينية أو طقوس خاصة بمناسبات مثل شهر رمضان، حيث تختلف العلاقات الاجتماعية عما هو موجود في المجتمعات العربية، لا يبدو شهر رمضان أكثر اختلافًا، إلا أنه يحمل مع قدومه مشاعر تتأجج داخل اللاجئين، وخاصة من عاشوا وقضوا فترات طويلة من حياتهم في سوريا أو ضمن بلدان إسلامية كانت لا تغيب عنها الأجواء الرمضانية بين الأزقة والأسواق والمنازل.

سارة شابة سورية، تعيش مع عائلتها في مدينة رودن بهولندا منذ أكثر من ثلاثة أعوام، قالت لعنب بلدي، إن أول رمضان قضته في هولندا كان الأصعب بالنسبة لها، خصوصًا أنه جاء بعد لجوئها بفترة قصيرة، إذ لم تكن معتادة حينها على اختلاف الأجواء والعادات اليومية في المدينة والبعد عن الحياة الاجتماعية التي اعتادتها خلال إقامتها السابقة في تركيا.
انتقال سارة المنحدرة من معرة النعمان بريف إدلب وعائلتها المكونة من ستة أشخاص إلى هولندا، كان بعد إقامتهم في مدينة هاتاي جنوبي تركيا نحو 7 سنوات، التي تعتبر من المدن العشر الأولى التي تضم أكبر عدد من اللاجئين السوريين، وأغلب سكانها يتحدثون اللغة العربية وتعود أصولهم إلى سوريا، وفق المتداول، لتجتمع الأسباب وتنعكس الأجواء الرمضانية على المدينة لتكون شبيهة بطقوس سوريا، على حد تعبير سارة.

سارة (25 عامًا) تحدثت لعنب بلدي عن فارق الأجواء بعد حضورها جلسات عدة ضمت عائلتها وأصدقاء من السوريين يقيمون في هولندا، إذ يستذكرون فيها تغيير ساعات دوام الموظفين تبعًا لموعد الأذان، وازدحام الشوارع في الساعات الأخيرة قبل موعد الإفطار بالسنوات التي قضوها في سوريا بالماضي.

واستحضرت الشابة سارة أجواء رمضان في معرة النعمان ومدينة أنطاكيا، حيث كانت تقيم قبل انتقالها إلى هولندا، ومشهد الأسواق المليئة برائحة “المعروك” المحشو بالتمر، وبائعي مشروبات العرق سوس والتمر الهندي الذين يعرضون الأكياس على “بسطاتهم” أمام المحال، وتحفز الصائم على الشراء، لجمال طريقة العرض، مشيرة إلى أن اللاجئين أو المهاجرين المقيمين في دول لا توجد فيها جاليات عربية وسورية كبيرة محرومون من هذه الأجواء.

تشجيع الأطفال

ضعف العلاقات الاجتماعية وقلة وجود الأصدقاء والأهل في أوروبا ينعكسان عمومًا وفي شهر رمضان خصوصًا على السوريين والعرب، إذ تكثر ذكرياتهم، ويلجؤون لطقوس خاصة تربطهم بتراثهم والعادات السابقة المتبعة، إلا أنها تبقى غير كافية و”باردة”، بحسب أفراد عائلات تحدثت معهم عنب بلدي.

تبحث عائلات لاجئة في كل عام قبل قدوم شهر رمضان عن أجواء رمضانية تساعدهم على سد فجوة الغربة، ويحاولون إحياء طقوسهم الخاصة أمام الأطفال الصغار لربطهم بثقافتهم والحفاظ على قربهم من مجتمعاتهم الأصلية.

الطقوس التي يحاول اللاجئون السوريون اتباعها في أوروبا تقتصر في غالبيتها على ما يدور داخل المنازل، ومنها تزيينها ووضع هلال رمضان ونجوم وفوانيس رمضانية، وتنجز هذه الزينة برفقة الأطفال الصغار.

راما الأشقر، لاجئة سورية تقيم في ولاية نوردراين بألمانيا منذ خمس سنوات، قالت لعنب بلدي، إن الزينة في بيتها لا تقتصر على تجهيز الهلال، بل يتم بناء خيمة صغيرة سمتها “الخيمة الرمضانية”، تزينها بالأضواء مع أطفالها وتتركها طيلة شهر رمضان ضمن غرفة بالمنزل، لترغيب أطفالها بالصيام عبر الفعاليات المنزلية والأجواء الحميمية.

اللاجئة السورية البالغة من العمر 30 عامًا تنحدر من حي القنوات في العاصمة السورية دمشق، أوضحت أن الولاية التي تقيم فيها يوجد بها منازل مخصصة كجوامع، يؤدي المسلمون فيها صلاة التراويح والفروض الأخرى خلال شهر رمضان، وتضم غرفًا خاصة بالنساء.

أشارت راما الأشقر إلى أن الصلاة الجماعية في هذه المنازل تخفف عنها الحرمان الذي تعانيه منذ خمسة أعوام ولا يعتبر جديدًا بالنسبة إليها، إلا أن انتشار مثل هذه المبادرات والوعي لدى الألمان في ولايتها لشهر رمضان، وبدء عرضهم لزينة رمضان، إشارة جيدة ناتجة عن قدرة الجالية السورية والعربية والتركية أيضًا في ألمانيا على نقل خصوصية الشهر لبعضهم.

ومن الطقوس الأخرى التي اتبعتها راما وزوجها، شراء ساعة على شكل مجسم الكعبة المشرفة تصدر صوت الأذان في كل الأوقات، ويظهر التاريخ الميلادي والهجري ضمن الساعة، بالإضافة إلى أوقات الأذان ودرجة الحرارة، لاستحضار جانب من أجواء رمضان التي كانوا يعيشونها في حي القنوات برفقة عائلاتهم وأطفالهم.

أطباق رمضانية ترافق اللاجئين

مائدة الإفطار في شهر رمضان تختلف من بلد لآخر، إلا أن التمر يبقى الحاضر الأساسي في كل مائدة عند الجاليات العربية والمسلمة، ما يبين أنه يجمع ما بين التقاليد والثقافة الإسلامية.

سارة قالت لعنب بلدي، إن تحضيرات رمضان بدأت لديهم قبل أسبوع من قدوم الشهر، من تجهيز قائمة الإفطار والسلع الأساسية وشراء التمر والعصائر، وتجهيز التمر الهندي وعرق السوس.

عرق السوس والتمر الهندي ليسا متوفرين في ولاية رودن بهولندا، حيث تقيم سارة وعائلتها، ما يجعلهم يجهزونهما في المنزل، إذ تعرفا إلى الطريقة الصحيحة لتحضيرهما.

ووفق العائلات السورية التي تحدثت إليها عنب بلدي، فإن أبرز الأطباق التي ما زالوا ملتزمين بتحضيرها على مائدة رمضان، هي “الفتوش” و”السمبوسك” و”الشوربات” بأنواع مختلفة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة