هل يقصي حراك الشارع حزب “البعث” من السويداء
منذ آب 2023، ثارت محافظة السويداء رافعة مطالب بإسقاط النظام السوري، وتطبيق القرار الأممي “2254” الذي ينص على انتقال سلمي للسلطة في سوريا، لإنهاء الصراع المستمر منذ سنوات.
الانتفاضة السلمية التي لا تزال تجوب شوارع المحافظة منذ أكثر من نصف عام ، طرقت أبواب أفرع حزب “البعث”، وحولت بعضها إلى مقار لجمعيات خيرية، وأغلقت جزءًا آخر منها، فيما نثر المتظاهرون التقارير الأمنية التي احتوتها المقار الحزبية في الشوارع.
وبين الحين والآخر، يدخل محتجون في المحافظة إلى الأفرع الحزبية، وتبدو الأوضاع متجهة نحو إفراغ المحافظة من المؤسسة الحزبية التي سبق واعتبرها الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، أنها إحدى مؤسستين يعاني منهما الشعب السوري، إلى جانب المؤسسة الأمنية.
هل تقصي السويداء المؤسسة الحزبية
في الشهر الأول للاحتجاجات التي شهدتها السويداء، أغلق محتجون مراكز حزب “البعث” في قرى وبلدات من المحافظة عقب تعرض محتجين لإطلاق نار، من قبل مجموعة أمنية كانت تتمركز في مبنى الحزب بمركز مدينة السويداء، دون إصابات أو أضرار.
ونشرت حينها مواقع إخبارية محلية متخصصة بتغطية أخبار المحافظة، صورًا وتسجيلات مصورة تظهر إغلاق الشعب الحزبية في المحافظة.
صفحة “الراصد” الإخبارية المحلية، نشرت تسجيلًا مصورًا يظهر إغلاق مقر “الحزب” في قرية الغارية جنوب غربي المحافظة، وفي قرية ريمة حازم، أغلق محتجون مقر “حزب البعث”، حولها السكان إلى مقر “جمعية خيرية”.
كما أغلق المحتجون مقرين لحزب “البعث” في بلدتي المزرعة والغارية، في أعقاب حادثة إطلاق النار على المحتجين، وأضافت أن المحتجين يريدون تحويل مبنى فرقة الغارية، إلى روضة للأطفال، تحمل اسم “الحرية”.
الباحث في الشأن السياسي جمال الشوفي (يقيم في السويداء) قال لعنب بلدي إن حالة رفض أبناء المحافظة لوجود أفرع حزب “البعث” في السويداء لا يأتي ضمن سياق منظم، وإنما هو حالة جمعية تشهدها المحافظة برفض هذه المؤسسة الحزبية لما ساهمت به من تأثيرات سلبية على المجتمع السوري، ومنه السويداء.
وأضاف أن التحركات ضد الحزب في المحافظة هي نتاج تجاهل حزب “البعث” لمطالب المتظاهرين بإيقاف عملهم في المحافظة، ما نتج عنه إغلاق لهذه المؤسسات الحزبية على أيدي المحتجين لاحقًا.
وفي الوقت نفسه لم يتوقع الشوفي زوال المؤسسة الحزبية من السويداء كونها مرتبطة بالسلطة القائمة في دمشق، وهو معيار ينطبق على جميع المحافظة السورية وليست السويداء وحدها، وبالتالي لا يمكن زوالها إلا بزوال السلطة الحاكمة.
ويرى الباحث أن فكرة المطالب بتغيير سياسي بموجب “2254” كما يطالب أهالي السويداء باتت فكرة تعني زوال سلطة النظام السياسية، وإلغاء هيمنة “حزب البعث” على الحكم في سوريا.
هل تنعكس التحركات على الشارع
لطالما كانت المؤسسة الحزبية للنظام السوري التي يتحكم بمفاصلها النظام السوري، مصبًا للتقارير الأمنية التي تستهدف معارضي النظام، وتؤدي في نهاية المطاف لاعتقالهم، وهو ما كشفته التقارير الأمنية التي قذف بها المحتجون في السويداء إلى شوارع المدينة.
اليوم ومع توجه حراك السويداء نحو التضييق على المؤسسة الحزبية القائمة في المحافظة منذ عشرات السويداء يجدر التساؤل عن الأثر الذي يتركه زوال هذه المؤسسة.
الباحث جمال الشوفي يعتقد أن التوجه الواضح في الإطار العام، هو المطالبة بالتغيير السياسي على الصعيد السوري العام، لكن هذا لا يعني عدم وجود رؤى تقول “لنوقف حزب البعث في السويداء ولاحقًا يمكن إيقافه على مستوى سوريا بشكل عام، بعد إحداث تغيير سياسي”، مشيرًا إلى أنه احتمال وارد، لكن لا يمكن الجزم بصدده.
وأضاف أن السلطة في سوريا ستبقى قائمة ما لم يحدث التغيير السياسي، سواء الجانب الأمني، أو الحزبي منها، وهو ما يمكن إسقاطه على محافظة السويداء أيضًا.
الباحث يرى أن الإيديولوجيات المهيمنة شموليًا ومنها “حزب البعث” لم ينتج عن زوالها ما يمكن القول إنه أثر إيجابي حتى اليوم، منذ بداية الربيع العربي عام 2011، مشيرًا إلى أن هذا الأثر قد يظهر عكسيًا من سوريا في حال نجاح مطالب السوريين بإسقاط النظام، ويعمم على بقية دول المنطقة.
ونظرًا لكون حزب “البعث” يحمل فكرًا شموليًا يستند على أساس قومي، أشار الباحث إلى أن الدولة التي يطمح لها السوريون لم تطالب بإلغاء علاقات سوريا المستقبل مع المحيط العربي، لكنها تطالب فقط بإلغاء “الهيمنة المتغولة لنزعة مركزية وحيدة، وبلون واحد، يحملها حزب واحد، ذو نزعة شمولية تلغي العمل السياسي”.
وبالنظر إلى التجارب السابقة، يعتقد الشوفي أن تجربة العراق في اجتثاث حزب “البعث” لم تكن ذات أثر إيجابي، إذ أظهرت من الإشكالات الكثير، على المستوى السياسي، منها النزعات الطائفية، والنزعات الدينية، والمحاصصات السياسية.
وأوصى الباحث ألا يكون المطلب هو أحد الحدين، أي الإبقاء الكلي، أو الزوال الكلي، وإنما الاستمرار بالمطالبة بدولة وطنية، تتيح الحريات السياسية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :