كيف احتفل كرد القامشلي بعيد “النوروز”

في 21 من آذار، مع بداية كل عام، يحتفل ملايين الكرد والفرس والبشتون والآذريين وشعوب أخرى بعيد “نوروز”، والذي يعني باللغتين الفارسية والكردية “اليوم الجديد”.

ويُعتبر نوروز عيد رأس السنة لهذه الشعوب، كما أنه من الأعياد القديمة التي تحتفل بها عدة ثقافات.

وفي سوريا تحتفل العديد من الثقافات بعيد “النوروز” بطقوس خاصة، أبرزهم المكون الكردي، الذي ينتشر أفراده في محافظات ومناطق متفرقة من سوريا، لكن مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، تعتبر الأبرز من حيث حجم هذه الاحتفالات.

وفي مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة” شمالي محافظة حلب، يحتفل كرد عفرين، وجنديريس، ومناطق أخرى بالعيد نفسه، وهو ما أظهرته صور وتسجيلات مصورة عديدة قادمة من المنطقة.

طقوس النوروز في القامشلي

تقيم الشابة الكردية هيفدا خيري ذات الـ28 عامًا في مدينة القامشلي شمالي محافظة الحسكة، وتهتم حالها حال سكان المنطقة بطقوس التحضيرات والاحتفالات بـ”النوروز”، إذ قالت لعنب بلدي إن الطقوس في الليلة التي تربط 20 و21 من آذار، وتشعل خلالها النيران كرمز الحرية والنصر، يستمد من كاوا الحدّاد الذي انتصر على الملك أزدهاك وأشعل نارًا عظيمة كعلامة انتصار.

وأضافت أن ارتداء الأزياء التقليدية الكردية يعد من أهم الطقوس خلال احتفالات “النوروز” عند الشعب الكردي، وتقسّم هذه الأزياء بين الرجال والنساء، إذ يرتدي الرجال اللباس الأخضر، في حين ترتدي النساء الأثواب الملونة المستوحاة من الطبيعة وألوان زهورها.

وتبدأ الاحتفالات بالخروج إلى الطبيعة وإقامة حفلات الشواء وإشعال النيران قبل شروق شمس العام الجديد، متماشية مع تقليد كاوا الحدّاد، وترافق هذه الاحتفالات مع الأناشيد والأهازيج الكردية القديمة، وفي الوقت الحاضر، تقام حفلات فنية يشارك فيها فنانون ومطربون كرد برقصة تقليدية تعرف باسم “جوبي”.

وفي مدينة القامشلي أيضًا، تقيم الشابة الكردية فيفان فوزي، وتشارك بدورها بحماسة في الاحتفال بعيد النوروز مع صديقاتها في قرية هيمو بريف المدينة، حيث يرتدين الزي الكردي بألوانه الزاهية.

فيفان قالت لعنب بلدي إنها استيقظت باكرًا كالعادة مع أفراد عائلتها، ثم توجهت باكرًا لتجهيز الطعام والنرجيلة والقهوة والشاي والمكسرات.

وأضافت أنها ورفاقها يخرجون للاحتفال بغض النظر عن الطقس في هذا اليوم من السنة، وينظمون الرقصات الشعبية، والمظاهر الاحتفالية.

من كاوا الحداد

سيد الخليل، البالغ من العمر 52 عامًا ومعلم في إحدى مدارس مدينة القامشلي، قال لعنب بلدي، إنه وفق الرواية المحلية، كان هناك ملك ظالم يحكم كردستان يُدعى “أزدهاك ضحاك” والذي كانت تعيش الأفاعي على كتفه، واقترح أحد مستشاريه أن يُطعم الأفاعي من دماغ شباب الكرد يوميًا لتبقى قوية ومتمتعة بالصحة.

لمواجهة هذا الظلم، قاد كاوا الحداد ثورة ضد الملك، بدأت بإشعال النار على الجبال ليلة 20 من آذار، وهاجم الكرد بقيادة “كاوا” القصر، وقتلوا الملك الظالم في صباح اليوم التالي، وأعلنوا الخلاص.

وانطلاقًا من هذه القصة الشعبية، يعتبر كاوا الحداد محرر الشعب الكردي.

ويعود تقويم الكرد إلى 2800 عام، أي 612 قبل الميلاد، بحسب سيد خليل.

كلمة “نوروز” تُقسم إلى قسمين في اللغة الكردية، “نو” أي الجديد، و”روز” وتعني اليوم، لتكون كناية عن بداية عهد خالٍ من الظلم والقتل.

سيد الخليل أضاف خلال حديثه لعنب بلدي أن الاحتفالات كانت ممنوعة قبل أكثر 15 عامًا، إذ كان النظام ينشر دوريات أمنية قبل يوم من الاحتفال في كل عام، وتجوب هذه الدوريات الشوارع، وتمنع الاحتفال بعيد النوروز وتعتقل المخالفين.

وأضاف أن الكرد من أبناء الحسكة كانوا يحتفلون بزيارة أقاربهم، وبعضهم كان يشعل النيران داخل منزله، وكانت النساء تعد أطباق من اللحم وحبوب القمح في العيد، أما الآن بات الكرد يخرجون إلى الطبيعة ويحتفلون، ينصبون الخيام، ويشعلون النار بكل حرية، ويقومون بشوي اللحوم وشراء الحلويات من السوق.

تعليمات عيد النوروز

مع التسهيلات التي تبعت خروج شمال شرقي سوريا عن سيطرة قوات النظام السوري، صار احتفال “النوروز” طقسًا سنويًا في سوريا خصوصًا تلك المناطق التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” المشكلة من أحزاب معظمها كردية.

وفي كل عام تمنع “الإدارة الذاتية” حركة الدراجات النارية وسيارات الشحن بجميع أحجامها تزامنًا مع احتفالات عيد “النوروز” بمناطق سيطرتها.

وقالت “الإدارة” في تعميم أصدرته، الثلاثاء 19 من آذار، إنها فرضت مجموعة من الإجراءات وطالبت باتباعها خلال فترة عيد “النوروز”، منها منع حركة الشاحنات والصهاريج ذات الأحجام المتوسطة والكبيرة حتى نهاية الأسبوع الحالي.

ومنعت بحسب التعميم الصادر عن هيئة الداخلية في “الإدارة الذاتية” حركة الدراجات النارية بجميع أنواعها، حتى العسكرية منها، وذلك حتى 6 من نيسان المقبل.

وفي بنده الرابع، منع التعميم إطلاق الأعيرة النارية من قبل المدنيين والعسكريين والقوات الأمنية تحت طائلة المساءلة القانونية ومصادرة السلاح حتى لو كان مرخصًا.