رغم مخاطر جمعها.. الكمأة حاضرة في أسواق دير الزور

camera iconمسن يبيع الكماة بمدينة دير الزور شرقي سوريا - 24 من شباط 2024 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

تدفع الظروف المعيشية المتردية للسوريين عمومًا وسكان المنطقة الشرقية من سوريا على وجه التحديد، للاستمرار بجمع فطر الكمأة، بغية الظفر ببضعة كيلوغرامات منها، والعودة بها لعرضها وبيعها في الأسواق المحلية.

ومنذ نحو شهرين، انتشر فطر الكمأة على “بسطات” في أسواق وشوارع قرى وبلدات دير الزور، تزامنًا مع هجمات تكررت على جامعي الكمأة في المناطق ذات الطبيعة القاحلة شرقي سوريا.

يعزو جامعو الكمأة إصرارهم على الخروج لجمعها رغم المخاطر إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، وقلة الفرص الاقتصادية في المنطقة، اذ يتخذ فقراء المنطقة الشرقية من موسم الكمأة فرصة لتحسين دخلهم.

وينطلق الباحثون عن الفطر في رحلاتهم عبر البادية مع مطلع كل عام، ويجولون في المناطق القاحلة بالبادية السورية بحثًا عنه، وفي حال تمكنوا من جمع كمية مناسبة، يعودون لبيعها في الأسواق المحلية كوسيلة لتأمين الاحتياجات الأساسية في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهونها.

هواية صارت خطرًا

يقيم محمد الأبكع في بلدة المسرب غربي محافظة دير الزور، حيث تسيطر قوات النظام السوري، وتتكرر الهجمات على جامعي الكمأة، ما تسبب بتحول جذري لرحلات جمع الفطر بين الماضي والحاضر، بحسب ما قاله محمد لعنب بلدي.

كانت تلك الرحلات في الماضي تعتبر “ترفيهية”، بحسب محمد، إذ كان سكان المنطقة ينتظرون يوم العطلة للاجتماع والتوجه نحو البادية لجمع الكمأة كهواية، ثم يعودون لطهوها، أي أنها كانت تجمع بهدف الاستهلاك في المنازل لا أكثر.

وفي الوقت الراهن، يرى محمد أن الوضع تغير نحو الأسوأ، إذ صار جمع الكمأة يحمل مخاطر أكبر، لكن الوضع الاقتصادي حول سكان المنطقة إلى “تجار كمأة” في الوقت الذي يواجهون فيه مخاطر جمة باحثين عما أطلق عليه محمد “فاكهة الموت”.

وبالنسبة لمحمد ذي الـ45 عامًا، فإن عدم فهم هوية الأشخاص الذين يهاجمون جامعي الكمأة في دير الزور يعتبر مشكلة، إذ لا مساحة للوثوق بأحد.

ويتهم تنظيم “الدولة الإسلامية” بالوقوف خلف هذه الهجمات، بينما يعتقد محمد أن عناصر من مجموعات رديفة لقوات النظام (غير نظامية) تهاجم المزارعين، بهدف حصر الموسم في جعبتهم.

وبالنسبة لبادية المسرب القريبة من مكان سكن محمد، تعمل مجموعات من “الفرقة الرابعة” التابعة لقوات النظام على تأمين حماية لجامعي الكمأة مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 100 و200 ألف ليرة سورية عن كل شخص.

ومن بين مزارعين تواصلت معهم عنب بلدي، كان لرولا العيد ذات الـ25 عامًا خسارتها من جمع الكمأة، إذ خسرت والدها خلال العام الماضي خلال رحلته لاستخراج الفطر من أتربة البادية المحيطة بمدينة الميادين شرق مدينة دير الزور.

وأضافت، “لم يُعثر سوى على أجزاء من جثة والدي خلال رحلته للبحث الكمأة، لكن أخي البالغ من العمر 20 عامًا لا يزال مصرًا على الخروج لجمع الكمأة بدوره”.

رولا أوضحت أن الرحلة محفوفة بالمخاطر، لكن الواقع الاقتصادي الصعب في المنطقة، ونقص فرص العمل وارتفاع أسعار الكمأة، تشكل أسبابًا تدفع أخاها للمخاطرة في هذه الرحلة، إذ يأمل في الحصول على عائد مالي يكفي لشراء مستلزمات شهر الصيام في ظل ارتفاع الأسعار بشكل “فاحش”.

بسطة لبيع الكماة بمدينة دير الزور شرقي سوريا- 24 من شباط 2024 (عنب بلدي)

“بسطة” لبيع الكماة بمدينة دير الزور شرقي سوريا- 24 من شباط 2024 (عنب بلدي)

موسم الكمأة

يعتبر البرق والرعد من المؤشرات التي تدل على موسم كمأة جيد، بحسب ما قاله ماهر الزكعاب الذي يقيم في مدينة الميادين شرق مدينة دير الزور، لعنب بلدي، وهو تاجر كمأة.

وتنتشر الكمأة بشكل كثيف في مناطق الشولا والبشري والميادين والبوكمال، ويلعب حجمها ونوعها دورًا كبيرًا في تحديد سعرها، بحسب ماهر، إذ يعتبر نوع “الحرقة” الأغلى ثمنًا ويتميز بلونه الغامق، كما يعتبر الأكثر طلبًا في السوق.

ماهر أضاف أن الزبائن في الأسواق المحلية يفضلون الكمأة في موسمها على اللحوم الحمراء، حتى مع ارتفاع أسعارها لمستويات مرتفعة، إذ وصل سعر الكيلوغرام من كمأة “الحركة” لأكثر من 350 ألف ليرة سورية.

وتتفاوت الأسعار بحسب ماهر بين عام وآخر، بسبب تأثير العوامل الجوية والظروف البيئية على الإنتاج، ووفرته في الأسواق.

فتى يدير بسطة لبيع الكماة بمدينة دير الزور شرقي سوريا- 24 من شباط 2024 (عنب بلدي)

فتى يدير “بسطة” لبيع الكماة بمدينة دير الزور شرقي سوريا- 24 من شباط 2024 (عنب بلدي)

إحصائيات

في تقرير صدر اليوم، الاثنين 1 من نيسان، قالت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، إن 40 مدنيًا بينهم طفل و13 امرأة قُتلوا خلال عملهم بجمع الكمأة خلال آذار الماضي وحده، لترتفع حصيلة القتلى من جامعي الكمأة إلى 58 مدنيًا منذ مطلع العام الحالي.

وبينما لم تتمكن “الشبكة” من معرفة الجهات التي تقف خلف هذه العمليات، قالت إن الضحايا قتلوا إثر هجمات، وانفجار ألغام، مشيرة إلى أن هذه المناطق تسيطر عليها قوات النظام السوري وميليشيات إيرانية تحتكر تجارة الكمأة لمصلحتها.

وتنتشر أيضًا خلايا من تنظيم “الدولة الإسلامية” في المناطق التي شهدت حوادث وعمليات استهداف لجامعي الكمأة، بحسب التقرير.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة