عن الرئيس الإيراني

tag icon ع ع ع

إبراهيم العلوش

مصرع الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في حادث مأساوي قلب صفحة من الأحداث في إيران والمنطقة، بعد نهاية مرحلة رئاسية كارثية، اتسمت بالعنف ضد النساء وضد الشباب في إيران، وضد الشعب السوري أيضًا عبر استمرار نهج الميليشيات الطائفية في حراسة نظام الأسد.

بعد ظهر يوم الأحد، 19 من أيار الحالي، اختفت طائرة الرئيس الإيراني على سفوح جبال منطقة أذربيجان الشرقية شمال غرب إيران، بعد عودته من افتتاح سد مشترك مع دولة أذربيجان التي يرأسها إلهام علييف، الذي تربطه بإسرائيل علاقات عسكرية قوية، ما قد يثير الشك بتدخل إسرائيلي عبر التشويش على الطائرة.

صباح اليوم التالي، الاثنين، تمكنت فرق الإنقاذ من الوصول إلى طائرة الرئيس الإيراني، بعد أن حددت مكانها المسيّرة التركية “أكنجي”، وتبين أن رئيسي قضى مع وزير خارجيته، حسين أمير عبد اللهيان، وعدد من المسؤولين المحليين. ولم يكن إبراهيم رئيسي الرئيس الأول الذي يموت وهو على رأس الحكم في إيران، فقد سبقه الرئيس محمد علي رجائي الذي اغتيل في 31 من آب 1981 مع رئيس وزرائه.

إبراهيم رئيسي كان مرشحًا لخلافة المرشد علي خامنئي (85 عامًا)، الذي أبعد من حوله المرشحين الإصلاحيين، بطرق التلاعب بمجالس صيانة الدستور ولجان فحص صلاحية المرشحين، وما إلى ذلك من فرق إدارية وأصولية تأتمر بأمر المرشد الذي يمسك الحياة العامة الإيرانية بيد من حديد.

رغم دعم المرشد علي خامنئي غير المحدود، فشل إبراهيم رئيسي في إدارة الاقتصاد، إذ انخفضت قيمة الريال الإيراني أكثر من 55%، كما تلطخت سمعته بعد قتل مهسا أميني في 22 من أيلول 2022، وتورطت حكومته بأعمال العنف ضد النساء والشباب الإيرانيين بعد إصداره لقانون “العفاف والحجاب” شديد القسوة، كل ذلك بعد أن خرجت تفاصيل كثيرة عن تورطه بإعدام 5 آلاف من المعارضين عام 1988 عندما كان ضمن لجنة قضائية تسمى “لجنة الموت”، ويعود إليه الفضل بتحويل القضاء إلى جهاز مخابراتي يتحمس للقتل أكثر من جلادي السجون، وقد ظل في المناصب القضائية حتى مجيئه إلى الرئاسة بمباركة مباشرة من المرشد.

اصطدام الطائرة الرئاسية بسفح جبلي قد يعيد للقادة الإيرانيين الشعور بالواقع الإيراني وتكاليف إهماله، وعدم البقاء محلقين في فضاء الأحلام الدينية والقومية التي أنهكت الإيرانيين وأنهكت دول المنطقة، ولعل السوريين من أهم ضحايا “اليوتوبيا” الإيرانية التي تستعين بالعداء المذهبي والقومي للانتشار في المنطقة عبر ميليشياتها وأتباعها الذين يقومون بأعمال الإرهاب والمتاجرة بالمخدرات من أجل تمويل أنشطتهم.

النخبة العسكرية والسياسية الحاكمة في إيران، والتي لا تزال متماسكة بعد هذا الحادث، ضحت بمليارات الدولارات من أجل استمرار بشار الأسد ونظامه الوحشي، وكان مهندس هذه النخبة هو قاسم سليماني الذي تجول في العواصم العربية المحتلة، بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء، كأنه يتجول في محافظات إيران، وكان مجيء إبراهيم رئيسي إلى سدة الحكم 2021 بموافقة باهتة من “الحرس الثوري الإيراني” المصدوم بمقتل سليماني، الرجل الثاني في إيران بعد المرشد علي خامنئي. وفي الانتخابات المقبلة المقررة بعد 50 يومًا، قد يفرض “الحرس الثوري” مجددًا مرشحه رغم إرادة المرشد.

ردود فعل الإيرانيين، كما أورد موقع “بي بي سي عربي”، متباينة بين الحزن والشعور بالكارثة وبين الاستهزاء من سيرة رئيسي الذي انخفضت شعبيته إلى درجة مزرية، وقد علّق أحد المعارضين الإيرانيين على صفحة رئيسي في “إنستجرام” قائلًا، “نرجو ألا تكون الأشجار قد تضررت منه”.

اللافت في جنازة إبراهيم رئيسي، الأربعاء الماضي، ضعف التمثيل الدولي، فلم يحضر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عرّاب النظام الإيراني على الساحة الدولية، ولم تحضر قيادات أوروبية، ومن سوريا لم يحضر بشار الأسد ولا وزير خارجيته، وهذا يثير بعض التساؤلات حول استمرار صلاحية عائلة الأسد لدى إيران بعد الاتهامات بالتسريبات المخابراتية، وبعد مسرحية إقصاء أسماء الأسد.

أخيرًا ورغم بيان قيادة الأركان الإيرانية الذي يقلل من أهمية المسيّرة التركية، ويشيد بأداء المسيّرات الإيرانية التي لم تفلح بالعثور على طائرة إبراهيم رئيسي، كل تقنيات إيران من صواريخ ومسيّرات ونووي لم تكن قادرة على القيام بدور إنساني لإنقاذ ضحايا الحادث الذي قُتل فيه عدد من قادة النخبة الإيرانية. وهذا يجعلها شبيهة بكوريا الشمالية التي تمتلك أكوامًا من الصواريخ والتقنيات العسكرية، ولكن الإنسان فيها لا يزال بائسًا حيث تسود شعارات التبجح على حساب شعارات الرفاهية وخدمة الناس.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة