“دمشق 2011”.. عمل ضعيف ينمّط الثورة السورية
يتكون العمل السينمائي من مجموعة من العناصر الفنية التي يقودها المخرج المسؤول عن العمل بالتعاون فنيًا وعلى صعيد الرؤية مع باقي طاقم الفيلم.
يشكّل السيناريو الجيد أساسًا لكل فريق العمل لإنتاج فيلم جيد وعلى سويّة فنية عالية، من التصوير إلى الصوت والمونتاج، وكذلك الإنتاج والموسيقا، وأداء الممثلين، كل هذه العناصر تعتمد بالمقام الأول على القصة الجيدة والسيناريو المحكم البناء، والحوار القادر على دفع الأحداث إلى الأمام وتقديم الإضافة المطلوبة.
في نيسان الماضي، طُرح عبر منصة “يوتيوب” فيلم قصير حمل اسم “دمشق 2011″، من تأليف وإخراج محمد الكردي، ويتحدث عن الأشهر الأولى لانطلاق المظاهرات المطالبة برحيل رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
ضمن التعريف الذي وضعته الشركة المنتجة (رؤيا للإنتاج الفني) للفيلم، فإنه “يقدم صورة واقعية ومؤثرة للأحداث التي شهدتها سوريا في بداية الثورة”، و”يستعرض قصصًا شخصية ملهمة ومأساوية للأفراد الذين تأثروا بسبب تصاعد الأحداث وسياسات النظام القاسية”.
من حق أي شركة إنتاج أن تقدم تعريفها ورؤيتها لفيلم تقدمه للجمهور، لكن الفيلم الذي بلغت مدته 24 دقيقة تقريبًا لا يقدم أي صورة مؤثرة سوى عبر دغدغة المشاعر وذكريات السوريين ممن شاركوا في المظاهرات الأولى، وتأتي هذه الصورة فقط عبر التذكير أن هناك مظاهرات حدثت.
وباستثناء صوت ضعيف لمظاهرة في مطلع الفيلم، لا يوجد أي مشهد واقعي يمكن البناء عليه، حتى المشهد الذي يظهر وسط دمشق وقد تصاعدت منها دخان أسود كنتيجة لانفجارات، لم يخدم هذه الفكرة أو يوصلها للمشاهد.
تدور القصة حول مجموعة من الشباب ممن ينجحون بالإيقاع بضابطين للنظام السوري، أحدهما متهم بتعذيب معتقلين، خلال البحث عن حقيبة تضم أسماء متعاونين مع الثوار ضد النظام.
يُعرف السيناريو الجيد من تفاصيله التي تظهر على الشاشة بما في ذلك القصة والحبكة، والأخيرة بدت غائبة، وتعامل صناع العمل معها بسذاجة شديدة، إذ أظهرت أنه يمكن ببساطة لأي مواطن أي يتحدث مع ضابط رفيع بهدوء ويقنعه بالذهاب معه وتغيير ملابسه وإيقاعه بالفخ الذي سيؤدي إلى إعدامه لاحقًا.
يستكمل الفيلم مشاهده بالوصول إلى مجموعة من الشبان الجالسين في أحد المنازل، ويقررون رفع السلاح من باب “الواجب الشرعي” وعلى اعتبار أن النظام “لا يفهم سوى لغة القوة”، وذلك بعد انتشار المظاهرات في جميع أنحاء البلاد، مع التمتمة بعبارات وشعارات دينية بحتة، وإهمال حراك شرائح واسعة، أو حتى وجود فصائل مسلحة غير مؤدلجة دينيًا، وكذلك نضالات سياسية وفكرية.
بدا أن الفيلم هدفه الترويج بأن الثورة السورية أو مظاهرات السوريين لم يكن لها سوى وجه واحد فقط، وهو الوجه المتشدد، وهذا على الأقل ما يمكن فهمه من الحبكة، إذ تتطابق مع ما حاول النظام السوري الترويج له أيضًا منذ 2011.
مع هذه النقاط كلها، وضعف الإخراج والفكرة المراد طرحها والسيناريو، كان أداء الممثلين ضعيفًا.
ولم ينجح الفيلم فنيًا باستغلال عناصره أو إيصال أفكار جديدة في وقت اختلفت فيه النظرة إلى سوريا وثورتها، رغم الإمكانيات الواضحة على صعيد الإنتاج.
وفكريًا، يركّز العمل على شريحة واحدة من المجتمع السوري ممن خرجت ضد النظام في 2011، التيارات الإسلامية، ويمكن ملاحظة هذه النقطة تحديدًا من خلال تفاصيل بسيطة، شكل الشباب “الثائر”، المصطلحات المستخدمة، حتى المرأة لم تحضر سوى في مشهدين، الأول على سجادة صلاة والثاني خلال عملية اعتقال، وكلاهما لا يتعدى طوله ثواني معدودة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :