الهدف: مركز لوجستي إقليمي

استثمار المواني.. نقلة تدفع بالاقتصاد في سوريا

مرفأ طرطوس - 24 نيسان 2015 (الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية)

camera iconمرفأ طرطوس - 24 نيسان 2015 (الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – لمى دياب

تشكل المواني في سوريا نافذة استراتيجية في شرق المتوسط، إذ يضعها موقعها الذي يربط آسيا بأوروبا وإفريقيا، على خريطة المستثمرين، وسط مساعٍ دولية بدأت فعليًا لاستثمارها.

وزير النقل السوري، يعرب سليمان بدر، قال في اجتماع مع رئيس مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي، نائل أولباق، إن الحكومة السورية ترغب بالتعاون مع مستثمرين لتشغيل بعض المواني والمنشآت.

وقال أولباق تعليقًا على تصريحات الوزير السوري، إنه يرى استثمار المواني من المجالات التي يمكن الدخول فيها بسرعة، لأن الحديث هنا عن استثمار منشآت قائمة حاليًا لكنها خاملة وغير فعالة، أي أنها ليست من الصفر.

وتلعب المواني دورًا مهمًا في اقتصاد البلدان، إذ تسهل حركة 90% من البضائع عالميًا، ما يجعلها ركيزة أساسية لجذب الاستثمارات.

 استثمار المواني

مدير العلاقات المحلية والدولية في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا، مازن علوش، قال لعنب بلدي، إن سوريا تمتلك عدة موانٍ بحرية رئيسة، أبرزها مرفأ طرطوس واللاذقية وبانياس، إلى جانب مرافق أخرى في طور التأهيل والتطوير.

وتعمل جميع هذه المواني حاليًا بنظام التشغيل المباشر من إدارة تابعة للهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، بينما جرى تجديد عقد استثمار محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية لشركة فرنسية متخصصة.

وبيّن علوش أن آلية استثمار المواني ستعتمد على العروض التنافسية، سواء عبر الإعلان المباشر أو التفاوض مع شركات مؤهلة، ويسمح لأي دولة أو شركة ملتزمة بالقوانين والشروط المحددة التقدم بطلب الاستثمار، بما يتوافق مع متطلبات الأمن القومي والمصلحة العامة.

شروط الاستثمار

حول شروط الاستثمار والقيمة، أوضح علوش أن الشروط تشمل:

  • التمتع بالملاءة المالية.
  • الخبرة الفنية في تشغيل وإدارة المواني.
  • تقديم خطة تطوير واضحة للمرافق.
  • الالتزام بالأنظمة البيئية والمعايير الدولية.
  • احترام السيادة الوطنية وعدم مخالفة القوانين المعمول بها.

وتختلف قيمة الاستثمارات المتوقعة حسب طبيعة المشروع، حيث تتراوح بين عشرات ملايين الدولارات ومئات الملايين، بناء على حجم المشروع، ومرفق الميناء المعني، ومتطلبات التوسع أو التطوير، بحسب علوش.

وأشار إلى أن التحديات تتمثل في: الحاجة إلى تحديث البنية التحتية، التعامل مع التغيرات الاقتصادية الإقليمية والدولية، إعادة تأهيل بعض الأرصفة والأحواض، بالإضافة إلى التحديات اللوجستية المرتبطة بشبكات النقل المرتبطة بالمواني.

ويسهم الاستثمار في تحديث وتوسعة المواني في رفع كفاءتها التشغيلية، وزيادة قدرتها على استقبال البضائع والمسافرين، ما يعزز ربط البلاد بالأسواق الإقليمية والعالمية، ويدعم حركة التبادل التجاري وزيادة الصادرات والواردات، وفق علوش.

ومن أبرز النماذج الناجحة: نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP)، حيث يتم توزيع المخاطر والمنافع بين الطرفين، إضافة إلى نماذج الامتيازات طويلة الأجل وعقود الإدارة والتشغيل مع الالتزام بالتطوير.

 الرسوم الجمركية

حول تقييم العائد من الاستثمار، أوضح علوش أن التقييم يتم بناء على معايير دقيقة تشمل: حركة الشحن والمناولة، العائدات المالية المباشرة وغير المباشرة، تأثير الاستثمار على التنمية الاقتصادية المحلية، تحقيق أهداف استراتيجية مثل تنشيط الترانزيت ودعم التجارة الخارجية.

وبالنسبة لتأثير الرسوم الجمركية والسياسات الضريبية، أكد أنها تؤثر بشكل مباشر على جاذبية الاستثمار، ولذلك تسعى الهيئة إلى اعتماد سياسة جمركية وضريبية مشجعة، تتسم بالوضوح والثبات، وتقدم حوافز حقيقية للمستثمرين في قطاع النقل البحري واللوجستي.

وأضاف علوش أن الدولة تعمل على تطوير الأرصفة، وتعميق الأحواض المائية، وتحديث المعدات، إضافة إلى التوسعة في المرافق اللوجستية المرتبطة بالمواني، بما يتماشى مع المعايير الدولية لاستقبال السفن العملاقة والناقلات الحديثة، ما يعزز موقع المواني السورية كمحطات محورية في التجارة الإقليمية والدولية.

وتلتزم الهيئة بشكل كامل بتوفير بيئة استثمارية محفزة وآمنة، وتتطلع إلى عقد شراكات استراتيجية ناجحة تسهم في النهوض بقطاع النقل البحري ودعم الاقتصاد الوطني، بحسب علوش.

فوائد متوقعة

مدير عام المواني في سوريا، عدنان حاج عمر، أوضح لعنب بلدي أن هناك العديد من التجارب الدولية تُظهر أن إشراك القطاع الخاص في تشغيل المواني والمرافق العامة يُحقق فوائد اقتصادية هائلة، خاصة في الدول التي تسعى لإعادة بناء بنيتها التحتية وتعزيز تنافسيتها الإقليمية، ومن أهم الفوائد الاقتصادية المباشرة والمتوقعة :

  • استثمارات مباشرة ضخمة تُضخ في البنية التحتية، تُسهم في تطوير المرافق البحرية بشكل سريع ومنهجي.
  • نقل التكنولوجيا والخبرة: تُدخل الشركات الخاصة تقنيات حديثة وأساليب تشغيل متقدمة وكفاءات بشرية مدرّبة ترفع كفاءة الأداء منذ اليوم الأول، تُعزز الكفاءة التشغيلية وتُقلل من التكاليف.
  • تحسين الكفاءة التشغيلية: بفضل الخبرة المتخصصة، تتمكن الشركات الخاصة من تحسين عمليات الشحن والتفريغ، وتقليل زمن الانتظار.
  • زيادة الإيرادات الحكومية: من خلال عقود الشراكة، تحصل الحكومات على حصة من الأرباح أو رسوم امتياز، تُعزز مواردها المالية بطبيعة الحال
  • تحفيز الاقتصاد المحلي: بما أن تحسين أداء المواني يعزز حركة التجارة، يُحفز ذلك الصناعات المحلية ويوفر فرص عمل جديدة.
  • تعزيز التنافسية الإقليمية: المواني المُدارة بكفاءة تُسهم في جذب المزيد من الخطوط الملاحية، وتُعزز من مكانة الدولة كمركز لوجستي إقليمي.
  • دعم سلاسل التوريد والتصدير والاستيراد، والذي ينعكس على تنشيط القطاعات الصناعية والزراعية والخدمية المرتبطة.

وبخصوص الجدوى الاقتصادية، تعتمد مشاريع تشغيل المواني عبر الشراكة مع شركات متخصصة على دراسات جدوى شاملة، تعدّها فرق وطنية بالتعاون مع خبراء ماليين وفنيين، وتستند إلى تحليلات دقيقة للعوائد الاقتصادية المتوقعة، المباشرة وغير المباشرة، وفق مدير المواني، عدنان حاج عمر.

فرنسا في اللاذقية.. طرطوس تنتظر

وقعت الهيئة العامة للمنافذ اتفاقية مع شركة “CMA CGM” الفرنسية في قصر الشعب بدمشق، في 1 من أيار، بحضور الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.

مدير مرفأ “اللاذقية”، أحمد علي مصطفى، قال في تصريح سابق لعنب بلدي، إنه أوقف العقد السابق بين الشركة الفرنسية والنظام السابق الذي حصل على تجديد في تشرين الثاني 2024، لإدارة محطة حاويات اللاذقية، وبدأت الحكومة السورية منذ تسلم مهامها ترتيب عقد جديد بتفاصيل جديدة.

أبرز ما تشمله الاتفاقية الجديدة، وفق تصريح مدير المرفأ، أن مدة العقد حددت بـ30 سنة، ستستثمر خلالها 230 مليون يورو، في السنة الأولى ستضخ الشركة منها 30 مليون يورو.

وفي السنوات الأربع التالية، سيبنى رصيف جديد في مرفأ اللاذقية بمواصفات قياسية عالمية، بطول 1.5 كيلومتر وبعمق 17 مترًا، بقيمة استثمارية تصل إلى 200 مليون يورور.

سيسمح بناء هذا الرصيف بدخول سفن شحن كبيرة وبأعداد كبيرة لا تدخل حاليًا إلى مرفأ اللاذقية، كما سيوفر بناؤه وجود بنية تحتية وفوقية لتشغيله.

بعد السنة الخامسة، ستبدأ ثمرة هذا الاستثمار ويبدأ ضخ الأموال عبره خلال الـ25 سنة المقبلة.

وكانت الشركة جددت عقدها مع النظام السابق، في تشرين الأول 2024، لمدة 30 عامًا، بحسب حديث سابق لمدير البرنامج السوري في “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية”، كرم شعار، لعنب بلدي.

وكان من المتوقع حينها أن تجدد الشركة عقدها لمدة خمس سنوات.

كما جددت الشركة الفرنسية عقدها المبرم مع النظام السابق، عام 2019، بعد انتهاء عقدها الأول في نفس العام، إذ نص العقد الأول لها عام 2009 على قابلية التجديد لمدة خمس سنوات بموافقة الطرفين.

فسخ استثمار مرفأ طرطوس

قال مدير الجمارك في محافظة طرطوس، رياض جودي، في تصريحات نقلتها صحيفة “الوطن”، في 19 من كانون الثاني، إنه تم إلغاء الاتفاقية الموقعة مع الشركة الروسية لتشغيل واستثمار مرفأ طرطوس الاستراتيجي على البحر المتوسط.

وأضاف أن جميع إيرادات المرفأ ستذهب الآن لمصلحة الدولة السورية، وستتم إعادة العاملين إلى ملاكهم في المرفأ، إضافة إلى إعادة تأهيل آليات المرفأ المترهلة، والتي استخدمت من الشركة من دون تحديث كما نصت الاتفاقية، حيث جهزت دراسة لوضع الآليات والصيانة السريعة والتحديثات اللازمة اللاحقة، بينما يتم تجهيز المباني والساحات وتأمين العمال اللازمين لتلبية كل الحاجات وخدمة المرفأ.

ووقع نظام الأسد السابق وشركة الهندسة الروسية “ستروي ترانس غاز” في عام 2019 عقدًا لإدارة ميناء طرطوس لمدة 49 عامًا.

وقال وزير النقل السوري، علي حمود، حينها إن “ستروي ترانس غاز” ستستثمر أيضًا أكثر من 500 مليون دولار في الميناء، وبموجب العقد ستحصل الشركة الروسية على 65% من أرباح الميناء، بينما تذهب النسبة المتبقية البالغة 35% إلى الدولة السورية.

وقال مصدر خاص لعنب بلدي، إن هناك اتفاقيات مع شركات كبرى ذات اسم عالمي في مجال إدارة المرافئ والمواني حول العالم، تعمل على الاستثمار في مرفأ طرطوس، وفي وقت قريب سيجري الإعلان عنها.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة