
فعاليات مؤتمر وحدة الصف الكردي في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا - 26 نيسان 2025 (هاور)
فعاليات مؤتمر وحدة الصف الكردي في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا - 26 نيسان 2025 (هاور)
عنب بلدي – موفق الخوجة
خرج مؤتمر الحوار الكردي- الكردي، الذي أطلق عليه “وحدة الموقف والصف الكردي في روجافيي كردستان”، برؤية سياسية رسمت الطريق لخط تفاوضي جديد، تختلف في بعض بنودها مع الاتفاق العام بين الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، وقائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، في 10 من آذار الماضي.
المؤتمر عقد، في 26 من نيسان الماضي، بعد جولات من الأخذ والردّ والتأجيل وعرض الآراء، بين قطبي السياسة في مناطق شمال شرقي سوريا، حزب “الاتحاد الديمقراطي” و”المجلس الوطني الكردي”.
وخرج البيان الختامي لمؤتمر “وحدة الصف الكردي” ببنود حمل بعضها التذكير بحقوق الكرد في سوريا، وجنح القسم الآخر إلى الدخول بتفاصيل تدخل بصلب السياسة العامة وشكل الحكم في سوريا والدستور.
لم تكن “قسد” طرفًا سياسيًا رئيسًا بمؤتمر “الحوار الكردي- الكردي”، بل كانت راعيًا له، إلا أنها دعمت بنوده وأشادت بما خرج به، لا سيما ما يتعلق بفكرة “لا مركزية” الدولة التي تصر عليها الأجسام السياسية العاملة في شمال شرقي سوريا.
ودارت البنود الختامية للمؤتمر حول أربع نقاط أساسية:
البنود الأخرى خاضت أيضًا في النشيد الوطني والتقسيمات الإدارية، كما طُرحت نقاط أخرى تتعلق بالقومية الكردية وتوحيد رؤية الأجسام السياسية.
وشهد المؤتمر حضورًا دوليًا من ممثلين عن الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإقليم كردستان العراق، إلى جانب شخصيات محلية كردية ومن قوميات أخرى.
الباحث في شؤون شمال شرقي سوريا بمركز “جسور للدراسات” أنس شواخ، يرى أن الوثيقة السياسية التي انبثقت عن المؤتمر تعارض نص الاتفاق بين “قسد” والرئيس السوري، الشرع، الذي وقعه مع عبدي في 10 من آذار الماضي.
وقال شواخ، لعنب بلدي، إن من الصعب المقارنة بين الاتفاقين، فاتفاق الشرع وعبدي كان يركز على الجوانب الأمنية والعسكرية، وكان يحدد مصير “الإدارة الذاتية” ومؤسساتها، وقضى باندماجها بمؤسسات الدولة إضافة إلى مجموعة من البنود العامة.
أما الوثيقة السياسية فهي أمر ثانٍ مختلف، وتضع أسسًا للمشروع الكردي الذي تم التوافق عليه بين قطبي السياسة في شمال شرقي سوريا حزب “الاتحاد الديمقراطي” وأحزاب “المجلس الوطني الكردي”.
ولفت إلى أن الوثيقة تحدد شكل الدولة السورية ونظام الحكم فيها، وتشترط وجود مناطق ذات سيادة سياسية خاصة مرتبطة بالإقليم المفترض في شمال شرقي سوريا وتتعلق بالفيدرالية.
ووقع الرئيس الشرع مع عبدي اتفاقًا وصف بالتاريخي، في 10 من آذار الماضي ما أشار إلى حلحلة للقضية العالقة منذ سقوط النظام السابق.
وتضمن الاتفاق ثمانية بنود، أهمها دمج مؤسسات “قسد” العسكرية والمدنية مع الدولة، وإيقاف إطلاق النار، والذهاب إلى مسار التفاوض.
وذهبت البنود الأخرى إلى عموميات تتحدث عن حقوق الكرد في الدستور السوري، دون الخوض في التفاصيل، وضمان عودة جميع المهجرين وتأمين حمايتهم من الدولة والتنسيق لمكافحة فلول الأسد والتهديدات التي تمسّ أمن ووحدة سوريا.
بعد ساعات من البيان الختامي للمؤتمر، خرجت “رئاسة الجمهورية” ببيان رافض لمخرجاته.
وأعربت الرئاسة السورية عن رفضها ما وصفته محاولات لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفيدرالية أو “الإدارة الذاتية” دون توافق وطني شامل.
وقالت إن الاتفاق الذي جرى، في 10 من آذار الماضي، كان خطوة بناءة إذا ما نُفّذ بروح وطنية جامعة، بعيدًا عن المشاريع الخاصة أو الإقصائية.
الباحث شواخ قال إن رد الرئاسة كان “طبيعيًا ومتوقعًا”، مشيرًا إلى أن سبب ردها يعود لأهمية الموضوع، ولأن الرئيس الشرع هو من وقع الاتفاق مع عبدي.
وأضاف أن البيان كان ينقل الرفض القاطع لمخرجات هذا المؤتمر، ويصفه بشكل غير مباشر بأنه “انقلاب” على الاتفاق الذي جرى بين الطرفين سابقًا.
شواخ قال إن كل خيارات الردّ أمام دمشق مفتوحة، بما فيها العسكرية، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن الاستراتيجية العامة التي تتعامل معها القيادة السورية الحالية، تفضل الخيار السلمي التفاوضي.
وقال إن هذه استراتيجية مدعومة من قبل الجهات الدولية والإقليمية الداعمة.
ويتوقع شواخ أن تكون هناك محاولات لعقد جلسات أو تواصلات جديدة لإعادة تفعيل الاتفاق القديم أو تبيان موقف “قسد” منه لإعادة العمل عليه.
وأشار الباحث إلى أن الموقف الأمريكي وربما الفرنسي كان له دور باتجاه اتفاق 10 من آذار، معتقدًا أن الشرع ينتظر دعمًا لهذا الاتفاق، وضغطًا على “قسد” للعودة إلى بنوده بعيدًا عن مخرجات المؤتمر ووثيقته السياسية.
ولاقى الاتفاق، في 10 من آذار، بين الشرع وعبدي ردود فعل إيجابية وترحيبًا دوليًا، أبرزها صدر من واشنطن وعواصم أوروبية أخرى.
ويبقى الخيار العسكري متاحًا أمام الحكومة السورية ما لم يسبقه ضغط أو تدخل بعمل عسكري واسع أو محدود من الجانب التركي في جبهات محددة للضغط على “قسد” للعودة إلى اتفاق 10 من آذار، بحسب ما يرى شواخ.
تتعامل “قسد” مع المؤتمر كفرصة لرفع سقفها التفاوضي مع الحكومة، إذ إنها تدرك التوافق والدعم من المجتمع الدولي لبنود اتفاق 10 من آذار، وهو الذي حدد سقفها، بحسب شواخ.
ويرى الباحث أن “قسد” تناور بنتائج المؤتمر لتحقيق مكاسب أعلى وحماية أكبر لمشروع “الإدارة الذاتية” الخاص بها ومكتسباته والأجسام التابعة له.
وأشار إلى أن خيارات “قسد” ستكون ضمن السقف الدولي، أي أنها لن تستطيع الدخول بمواجهة عسكرية مع الحكومة أو تركيا، دون غطاء دولي.
بالمقابل، يرى أن من المستبعد أن تكون “قسد” قادرة على القيام أو الدخول في مواجهة عسكرية ضد الحكومة أو دمشق دون دعم دولي.
تسيطر “قسد” على شمال شرقي سوريا، وهي من المناطق الثلاث الرئيسة التي خلقت توترات مع السلطة الجديدة في دمشق، إلى جانب الساحل السوري والسويداء جنوبي سوريا.
وتنتظر حكومة دمشق مكاسب من الاتفاق مع “قسد” دون قتال، أبرزها في الملف الاقتصادي، حيث تحتضن مناطق الشرق السوري أبرز حقول النفط والغاز، إضافة إلى سلة سوريا الأساسية من القمح.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى