بإسقاطات و"إفيهات"..
التحول السياسي ينعكس على الدراما السورية
أثّر التحول السياسي الذي طرأ على المشهد السوري بعد سقوط النظام على جوانب الحياة كافة، كالاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكانت للدراما حصة في تجسيد هذا التحول، وهو ما تُرجم عبر المسلسلات التي عُرضت في رمضان 2025.
وشهدت بعض المسلسلات طرحًا يحاكي التحول السياسي وأثره على الشارع السوري، ورغم محدودية هذا الطرح، فإنه لاقى أصداء إيجابية انعكست على صورة الأعمال.
بعض الإسقاطات
انطلاقًا من فكرة “الدراما مرآة الواقع”، حاولت بعض المسلسلات السورية في رمضان 2025 تقديم صورة سقوط النظام السابق عبر “الإفيهات” (تعني المؤثرات ويُقصد بها هنا العبارات ذات التأثير الكوميدي) المتداولة المرتبطة به، الأمر الذي حاز إعجاب الجمهور، كنمط درامي جديد بالدراما السورية.
واختلفت الآراء لدى الأوساط الفنية والنقاد حول أثر التحول السياسي على الأعمال المقدمة، وكيفية انعكاسه على صورة الدراما.
الناقد الفني أنس فرج، قال لعنب بلدي، إن هناك عدة مسلسلات أثر عليها التحول السياسي الذي طرأ على المشهد السوري، سواء عبر نهايتها أو عبر شكلها الدرامي، ولكن ليس بشكل كافٍ، لأن أغلبية المسلسلات كانت قيد التصوير، أو حاصلة على موافقة الرقابة قبل سقوط النظام، وبالتالي اكتفى صنّاع الدراما ببعض الإسقاطات على صعيد النهايات، أو على صعيد الحلول الدرامية بالحلقات الأخيرة.
ويرى أن العمل الأكثر مقاربة لتغيير النظام بسوريا، هو مسلسل “حبق”، ولكن الظروف الإنتاجية أجبرته على الخروج من الموسم الرمضاني.
أما الناقد الفني جوان ملا، فاعتبر أن من المبكر رصد أثر التحول السياسي على المسلسلات، لأن قسمًا منها صُور قبل سقوط النظام، وقليل من الأعمال استفادت من الحدث ووظفته، لكن لا يمكن رصد تحول سياسي شامل في الأعمال الدرامية التي قُدمت.
ومن المهم أن ترصد الدراما الواقع السياسي، بما له وبما عليه، وينبغي أن يتم في الأعمال المقدمة بالفترة المقبلة رصد كل الأخطاء والإيجابيات، وتسليط الضوء على المشهد السياسي، وبالتالي الإسهام في رفع وعي المشاهد، وفقًا لملا.
“البطل” كسب الرهان
اختلفت المعالجة الدرامية في الأعمال التي تناولت سقوط النظام، وطريقة توظيف هذه الأعمال للتحول السياسي الحاصل.
وبرأي الناقد جوان الملا، فإن العملين اللذين استفادا من سقوط النظام، هما مسلسلا “ما اختلفنا 2″ و”البطل“، فالأخير كانت نهايته رائعة ومناسبة جدًا للقصة، ولم تقتحم العمل، خاصة بمشهد إظهار المسجونين الأبرياء كبسام كوسا، فالعبرة مدروسة ومحبكة.
أما “اختلفنا 2” فاستفاد من سقوط النظام، وأسقط عدة محاور من الواقع، خاصة أنه كان يصور في لبنان، لكن بعد سقوط النظام جرى تصوير عدد من لوحاته في سوريا، والتي تعتبر لوحات كوميدية ومضحكة وناقدة.
وفي مسلسل “ليالي روكسي”، وظف سقوط النظام بطريقة غير ملائمة للحقبة التي يعود إليها المسلسل، فاستخدام كلمة “مرطبات” محاولة لاصطناع “التريند”، لكنه غير مناسب للسياق، وفقًا لملا.
بعضها كان ساذجًا
الناقد أنس فرج قال لعنب بلدي، إن بعض الإسقاطات كان منطقيًا وواقعيًا، مثل قضية التجنيد الإجباري والاحتياطي في مسلسل “البطل”، وبعضها كان ساذجًا، مثل “الإفيهات” التي وضعت في مسلسل “ليالي روكسي”، إذ لم توظف بشكل صحيح ومقنع.
وفسر ذلك بأن هذا الإسقاط كان نوعًا من التجريب، بسبب وجود نوع من الحيرة عند بعض الصنّاع، وهم يحضّرون هذه المسلسلات ضمن المرحلة الانتقالية، ولم يكن الوضع الأمني في سوريا مستقرًا، وشكل الدولة لم يكن معروفًا، لذلك اتجهوا للتجريب أكثر من فهم وتحديد أي خط درامي سيتناولونه.
ويعتقد فرج أن هناك استعجالًا في عرض إسقاطات التحول السياسي في الدراما، ولكنه لا يحبذ التخلي عن هذه الأمر، لأن الدراما بطبيعتها معاصرة وتحكي عن قصص في الواقع الحالي.
وكان سيتعرض صنّاع الأعمال لنقد لاذع لو لم يتناولوا سقوط النظام، لأن ذلك سبق رمضان بثلاثة أشهر كانت كافية لتعديل بعض الخطوط ولعرض بعض الروايات السورية الحقيقية في الأعمال.
بانتظار توظيف ملائم
يترقب اليوم النقاد والمهتمون بالشأن الدرامي النهوض بالمسلسلات المقبلة ورصدها التحول السياسي وتوظيفه بالشكل الملائم.
الناقد الفني أنس فرج، أوضح أن المطلوب من المسلسلات المقبلة أن تتحدث عن الفترة السابقة بحرية أعلى، وتكون أقرب للمس الجرح الإنساني، ومقاربة للواقع إلى حد ما.
أما الناقد الفني جوان ملا، فيرى أن من المهم أن ترصد المسلسلات المقبلة الواقع السياسي، وأن تتمتع بالشفافية، وأن ترصد معاناة الجمهور، وتتضمن نقدًا لاذعًا للسلطات في أماكن الخطأ.
الأوساط الفنية السورية تأمل استغلال صنّاع الدراما للتطورات الحاصلة ورصدها بطريقة تعيد ألقها وتميزها لإعادة مكانتها داخليًا وخارجيًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :