منظمة حقوقية: الحكومة السورية تقيّد عمليات الإغاثة

الهلال الأحمر يسلم مشفى المواساة مواد طبية_ في 11 من أيار 2025 (الهلال الأحمر العربي السوري)

camera iconالهلال الأحمر يسلم مستشفى "المواساة" مواد طبية - 11 أيار 2025 (الهلال الأحمر السوري)

tag icon ع ع ع

قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم، الاثنين 12 من أيار، إن تطبيق الحكومة الانتقالية السورية الصارم لمتطلبات التسجيل والعمليات على منظمات الإغاثة يعوق قدرتها على توسيع نطاق عملياتها.

وكانت السلطات السورية أبدت استعدادها للتعاون مع المنظمات الدولية، لكن العقبات البيروقراطية والإدارية لا تزال تعوق جهود معالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في سوريا، وفق المنظمة.

وأضافت المنظمة في تقريرها، “في عهد حكومة الأسد، سيطرت السلطات بشكل مُحكم على العمليات الإنسانية، ما أجبر المنظمات الدولية غير الحكومية على التنسيق والحصول على الموافقات اللازمة لعملياتها من خلال منظمات تابعة للدولة، وهو نظام سمح بالتلاعب بالمساعدات لأغراض سياسية”.

وواجهت المنظمات المستقلة التي تسعى إلى الحفاظ على مساحة عمل تستند إلى المبادئ عقبات بيروقراطية شديدة، وقيودًا على الوصول، وتدخلًا حكوميًا، ما قوّض قدرتها على العمل بفعالية وحدّ من شراكاتها مع المنظمات الوطنية السورية. ورغم الإطاحة بحكومة الأسد، لا تزال بعض القيود نفسها قائمة أو عززتها السلطات الجديدة.

الأزمة الإنسانية تتفاقم

قال نائب مدير الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش”، آدم كوغل، إن الحكومة الانتقالية لديها فرصة لتفكيك الإطار التقييدي الذي عاق العمل الإنساني المستقل لسنوات.

“بدلًا من إعادة فرض الممارسات التي تقوّض الحياد والكفاءة، ينبغي للسلطات إعطاء الأولوية لإيصال جميع المساعدات المتاحة إلى المحتاجين”، وفقًا لـ”كوغل”.

وأضاف أن “الأزمة الإنسانية تستمر في التفاقم، وما لم يُتخذ إجراء فوري لرفع القيود التعسفية، ستزداد معاناة السوريين في جميع أنحاء البلاد”.

وأوضحت المنظمة أنها تحدثت إلى خمسة عمال إغاثة في شباط وآذار 2025، وسلط جميعهم الضوء على إعادة العمل بتعليمات التسجيل السابقة.

وتلزم هذه القواعد المنظمات المستقلة بالعمل في ظل “نظام شامل”، يحدد “شريكًا وطنيًا” يتمتع بسلطة واسعة ويكون فعليًا بمثابة جهة ناظمة.

وتواصلت المنظمة، في 27 من نيسان الماضي، مع وزارة الخارجية السورية، وطلبت تفاصيل حول هذه التدابير وأثرها على العمليات الإنسانية، لكنها لم تحصل على إجابة حتى نشر المنظمة تقريرها اليوم.

الشروط نفسها

واستعرض التقرير أنه في الماضي، استخدمت حكومة الأسد النظام نفسه، حيث اشترطت على جميع المنظمات الدولية تقريبا العمل تحت إشراف “الهلال الأحمر العربي السوري” أو “الأمانة السورية للتنمية”، وكلاهما كيان مرتبط بالحكومة ولعبا دورًا محوريًا في تنسيق جهود الإغاثة.

الأمر الذي سمح، في بعض الأحيان، بتوجيه توزيع المساعدات وفقًا للأولويات السياسية بدلًا من الاحتياجات الإنسانية البحتة.

ووثقت تعامل أجهزة الأمن السورية في عهد حكومة الأسد بانتظام مع الجماعات المدعومة من الحكومة، وكان بإمكانها الوصول إلى قوائم المستفيدين وبرامجها في أي وقت.

وبالتالي، فرض هذا النظام قيودًا شديدة على المنظمات المستقلة، ما حدّ من استقلاليتها التشغيلية وقلل من الشفافية في توزيع المساعدات وسمح للحكومة بالتدخل في جهود الإغاثة الممولة من المانحين.

ووفق التقرير، أجرت الحكومة السورية المؤقتة، التي حكمت سوريا حتى أداء الحكومة الانتقالية اليمين الدستورية في 29  آذار، بعض عمليات إعادة الهيكلة لهذه الكيانات الرئيسة، حيث استبدلت خالد حبوباتي الرئيس السابق لـ”الهلال الأحمر السوري”، بمحمد حازم بقلة، الذي كان يشغل منصب مدير الخدمات الطبية التطوعية في المؤسسة نفسها.

كما أعادت تسمية الأمانة السورية للتنمية إلى “المنظمة السورية للتنمية”، وحلت مجلس أمنائها، وعينت لجنة لتولي مهامها المالية والإدارية.

المساس بالحياد والكفاءة

قال عامل إغاثة على الأرض في دمشق لـ”هيومن رايتس ووتش”، إن المشكلة لا تكمن في تلك الكيانات، بل في النظام نفسه، الذي من المرجح أن يستمر في المساس بالحياد والكفاءة وتقييد الاستقلال التشغيلي.

ونابع: “في البداية، كنا متفائلين بأن العمليات الإنسانية ستكون أكثر فعالية. لكن يوما بعد يوم، يتبين أن الأمر ليس كذلك”.

وقال عاملون في المجال الإنساني للمنظمة، إن السلطات الانتقالية فرضت شرط إعادة التسجيل على جميع المنظمات العاملة في سوريا، حتى تلك التي حافظت على عمليات إنسانية ميدانية لسنوات وعقود.

وهذه الشروط المرهقة أكثر تعقيدًا من تلك التي فرضتها حكومة الأسد، حيث تلزم منظمات الإغاثة بالكشف عن تفاصيل دقيقة حول عملياتها ومصادر تمويلها.

وطالبت المنظمة الحكومة الانتقالية السورية بإعطاء الأولوية لإيصال المساعدات الإنسانية بطريقة محايدة وفعالة، من خلال إزالة الأنظمة التقييدية التي تحد من مرونة العمليات وتُقوض المبادئ الإنسانية.

وينبغي لوكالات الأمم المتحدة والدول المانحة ضمان الشفافية والمساءلة في البرامج الإنسانية.

هيومن رايتس ووتش” تُعني بمراقبة حقوق الإنسان، وهي منظمة دولية غير حكومية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والدعوة لها، مقرها مدينة نيويورك، تأسست في سنة 1978.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة