الكوليرا تهدد سوريا.. “الصحة” تتأهب

ختام ورشة العمل حول الكوليرا التي أقامتها وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، 13 من أيار 2025(سانا)

camera iconختام ورشة العمل حول الكوليرا التي أقامتها وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، 13 من أيار 2025(سانا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – كريستينا الشماس

لم تكن الورشة التي نظمتها وزارة الصحة السورية بالتعاون مع “منظمة الصحة العالمية”، الأسبوع الماضي في دمشق، مجرد فعالية توعوية عن مرض الكوليرا، بل تخللتها نقاشات جادة تناولت المخاوف والتحديات المرتبطة باحتمالية انتشاره في المستقبل القريب بسوريا.

وتحت عنوان “تحديد المناطق ذات الأولوية للتدخلات متعددة القطاعات لمكافحة الكوليرا في سوريا”، ناقشت الورشة، التي بدأت في 11 من أيار واستمرت ثلاثة أيام، التقصي الوبائي للمرض، وأهمية نشر الوعي الصحي حول مخاطره، وسبل الوقاية منه، ووسائل ضبط العدوى.

ويشكّل وباء الكوليرا، في ظل التحديات التي يعانيها القطاع الصحي بسوريا، خطرًا حقيقيًا على الصحة العامة، ما يجعل وزارة الصحة في سباق مع الزمن للتصدي له.

مديرة مديرية الرعاية الصحية الأولية، الدكتورة رزان طرابيشي، قالت لعنب بلدي، إن هناك مخاوف من انتشار وباء الكوليرا بسبب ضعف البنية التحتية ونقص الإمدادات بالمياه النظيفة والمعقّمة.

وأضافت أن التحديات الكبيرة تكمن في صعوبة تغيير السلوكيات الشخصية، لا سيما فيما يتعلق بحفظ وتحضير وتداول المواد الغذائية، ما يزيد من احتمالات انتشار الأمراض الوبائية.

وأوضحت طرابيشي أن مخرجات الورشة ركزت على تحديد المناطق ذات الأولوية في التدخل السريع لتطبيق الإجراءات الصحية البيئية، وضرورة مراقبة مياه الشرب وكلورتها، وتطبيق اللقاح الفموي، وتحسين الإصحاح البيئي، والقيام بمسح صحي وبيئي وسكاني.

وحددت مناطق على أنها ذات خطر مرتفع لانتشار الكوليرا، وهي أكثر عرضة لتسجيل أعداد مرتفعة من الحالات، ما يزيد من معدلات الإصابة والوفيات في حال تفشي المرض، وبالتالي تحظى بأولوية قصوى، بحسب طرابيشي.

خطط وزارة الصحة

تحدثت مديرة الرعاية الصحية الأولية عن خطط وزارة الصحة في اتخاذ الإجراءات الوقائية لمكافحة الكوليرا، بالتنسيق مع الجهات المعنية لمراقبة كلورة مياه الشرب وتوفير مياه نظيفة للمواطنين.

كما أكدت أهمية التوعية الصحية وتثقيف المواطنين للالتزام بالعادات الصحية، وضرورة تجهيز المستشفيات لاستقبال الحالات المؤكدة وتوفير اللوجستيات اللازمة، بالإضافة إلى تطبيق البروتوكولات العلاجية الصحيحة.

وشددت على أهمية العمل المستمر مع الجهات المعنية لضمان جمع القمامة بانتظام، ومراقبة صهاريج المياه وعمليات الإصلاح البيئي.

صعوبات القطاع الصحي

أشارت طرابيشي إلى وجود عدة تحديات تواجه الوزارة، أبرزها:

  • ضعف الموارد المالية.
  • نقص الكوادر الصحية المدربة.
  • الاعتماد على المخابر المركزية وعدم تفعيل المخابر المحيطية.
  • صعوبة تغيير السلوك والعادات، وهو ما يتطلب وقتًا.
  • قدم شبكة الصرف الصحي واهتراؤها، ما يسبب تسرب المياه الملوثة واختلاطها بمياه الشرب.
  • التأخر في اتخاذ إجراءات المكافحة، ما يؤدي إلى زيادة انتشار المرض.

استجابة متعددة القطاعات

مدير دائرة الأمراض السارية في وزارة الصحة، الدكتور ياسر الفروح، قال لعنب بلدي، إن المناطق ذات الأولوية جرى تحديدها بالتعاون مع “منظمة الصحة العالمية”، بالاعتماد على بيانات وإحصائيات الجائحتين السابقتين بين عامي 2022 و2024، ما ساعد في رسم خطة واضحة للاستجابة المستقبلية.

وأوضح الفروح أن مكافحة الكوليرا تتطلب استجابة متعددة القطاعات، من خلال تضافر جهود وزارة الصحة، “منظمة الصحة العالمية“، والهيئة العامة للمياه في وزارة الطاقة، ومنظمات أممية كـ”اليونيسيف”.

 

“هناك عوامل خطورة تنذر بوباء قادم، أهمها شح المياه وعدم وجود مصادر آمنة لمياه الشرب في بعض المناطق، ما يتطلب استجابة فورية من جميع القطاعات.”

مدير دائرة الأمراض السارية – الدكتور ياسر الفروح

 

خط الدفاع الأول

مدير مياه الشرب في الهيئة العامة للمياه التابعة لوزارة الطاقة، محمد الحاج، أفاد بأن تصنيف المناطق ذات الأولوية جرى بناءً على البنية التحتية ومستوى الخطورة والجوار المحيط بها.

وأكد تضافر الجهود مع الكوادر الصحية لتقييم المناطق، وتحديد أولويات التدخل واحتياجات مخابر المياه والصرف الصحي، ووضع خطة احتياطية للحد من انتشار الوباء.

وأشار الحاج إلى أن الهيئة العامة للمياه تعنى بتأمين مياه الشرب والصرف الصحي، ما يمثل “خط الدفاع الأول” لضمان الصحة العامة ومنع انتشار الأمراض.

نظام الترصد حاجة ملحّة

قال مدير بيانات الإنذار المبكر للاستجابة السريعة، الدكتور محمد ياسر الإدلبي، إن فريق التقصي الوبائي المركزي في وزارة الصحة يعمل على تعزيز الترصد الوبائي المتكامل.

وأوضح أن نظام الترصد هو الأساس لإعداد الخطة الوطنية، التي تُبنى على أي مرض مستجد مثل الكوليرا، ويوضع من خلالها سيناريو استجابة سريعة تُعمّم على جميع مديريات الصحة.

وأكد أن الترصد يساعد في تقدير الاحتياج السنوي من اللقاحات، وتحديد الكميات المطلوبة لكل محافظة، وتفعيل اللقاح الفموي كأداة وقائية.

وأضاف الإدلبي أن فرق الاستجابة السريعة تتابع بشكل دوري الحالات المشتبهة بالأمراض السارية.

ما الكوليرا؟

الطبيب أكرم خولاني، أخصائي بطب الأسرة وعضو الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة (AAFP)، قال لعنب بلدي إن الكوليرا هي عدوى جرثومية تصيب الأمعاء الدقيقة نتيجة ابتلاع كمية كبيرة من الجراثيم.

وأوضح أن بعض الجراثيم تُقتل بواسطة أحماض المعدة، بينما يستقر بعضها في الأمعاء ويتكاثر، منتجًا سمومًا تؤدي إلى طرح كميات كبيرة من الماء والأملاح، مسببة إسهالًا مائيًا شديدًا.

وأشار إلى أن العدوى تنتقل عبر تناول أطعمة مكشوفة أو مشروبات ملوثة، أو مياه غير صالحة للاستخدام، لاسيما عند تسرب مياه الصرف الصحي إلى شبكات الشرب أو تلوث الخزانات.

وحوالي 20% من الحالات المصابة تُظهر أعراضًا شديدة مثل الإقياء والإسهال، ما قد يؤدي إلى تجفاف حاد يسبب الوفاة في نصف الحالات إذا لم يُعالج، بينما تنخفض الوفيات إلى أقل من 1% مع العلاج المناسب.

طرق العلاج

يرتكز العلاج أساسًا على تعويض السوائل:

  • في الحالات الخفيفة: تُعطى محاليل الإعاضة الفموية وتحقق استجابة خلال 3–6 أيام.
  • في الحالات الشديدة: تُعطى السوائل وريدياً بسبب فقدان كميات كبيرة من الماء، ما يستدعي علاجًا إسعافيًا سريعًا.

كما يُعطى المريض مضادات حيوية لتخفيف الإسهال، إلى جانب مكملات الزنك.

أساليب الوقاية

  • تعقيم الخضراوات والفواكه جيدًا.
  • غلي المياه قبل الاستخدام.
  • تجنب شرب المياه غير المأمونة.
  • غسل اليدين بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
  • طهي الطعام جيدًا.
  • عدم تناول الأطعمة المكشوفة.
  • الحفاظ على نظافة المساكن وتجنب الحمامات المشتركة.
  • إعطاء اللقاحات في مناطق التفشي.


مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة