
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حديثه مع صحفيين على متن الطائرة المتوجهة إلى قطر - 14 ايار 2025 (أسوشيتد برس)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حديثه مع صحفيين على متن الطائرة المتوجهة إلى قطر - 14 ايار 2025 (أسوشيتد برس)
عنب بلدي – موفق الخوجة
تزداد المعطيات التي تدل على انخراط سوريا في مفاوضات الدول العربية مع إسرائيل بشأن الانضمام إلى ما يعرف باتفاقيات “أبراهام”، بعد تصريحات علنية من مسؤولين أمريكيين وتقارير إعلامية تتحدث عن مسارات التفاوض بين دمشق وتل أبيب.
ولخوض هذا المسار، يترتب على سوريا والدول الساعية لدخولها هذه الاتفاقات، خطوات وشروط تسبق التوقيع.
أحدث ما جرى في هذا السياق، حتى لحظة تحرير التقرير، هو ما ألمح إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على متن طائرته المتجهة إلى قطر من السعودية، بعد قراره التاريخي برفع العقوبات عن سوريا ولقائه الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.
ترامب قال إن سوريا ستنضم في نهاية المطاف إلى اتفاقيات “أبراهام” وهي إحدى التوجيهات الرئيسية التي طرحها الرئيس الأمريكي مع نظيره السوري خلال لقائهما، مشيرًا إلى أن الأخير أبدى موافقة مبدئية.
وربط ترامب دخول سوريا بالاتفاقيات، باستقرار الوضع في البلاد وتنظيم البيت الداخلي، وفق ما أوردته وسائل إعلام أمريكية، ومنها “CNN“.
أعتقد أنهم (السوريون) بحاجة ليصلحوا وضعهم أولًا، قلت للشرع، آمل أن تنضموا عندما تستقر الأمور، فردّ الشرع، نعم، لكن لا يزال أمامهم الكثير من العمل.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
وخلال لقاء الرئيسين الأمريكي والسوري، بالعاصمة السعودية الرياض، قالت مساعدة الرئيس والسكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، عبر “إكس” إن ترامب شجّع نظيره الشرع على خمس قضايا رئيسة، منها، التوقيع على اتفاقيات “أبراهام” مع إسرائيل.
تشير تسمية أبراهام/ إبراهيم، إلى ترسيخ معاني التسامح والحوار والتعايش بين مختلف الشعوب والأديان في منطقة الشرق الأوسط والعالم، بما يخدم تعزيز ثقافة السلام، وفق ما أوردته نصوص الاتفاقيات مع الدول العربية.
واستخدم اللفظ أول مرة خلال توقيع اتفاق التطبيع بين دول الإمارات والبحرين مع إسرائيل برعاية أمريكية، وينسب إلى النبي إبراهيم، في دلالة على ما يجمع الديانات السماوية الثلاث، الإسلام والمسيحية واليهودية.
وُقعت اتفاقيات “أبراهام” أول مرة بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين في البيت الأبيض، في 15 من أيلول 2020، بحضور الرئيس الأمريكي ترامب، خلال ولايته السابق، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير خارجية الإمارات، عبد الله بن زايد، ووزير خارجية البحرين، عبد اللطيف الزياني.
وفي 23 من تشرين الأول 2020، أعلن ترامب عن تطبيع السودان علاقاته مع إسرائيل، وجاء عبر بيان ثلاثي أمريكي- إسرائيلي- سوداني.
وفي 10 من كانون الأول 2020، أعلن ترامب عن توقيع اتفاقية سلام بين المغرب العربي وإسرائيل.
وكانت أول اتفاقية سلام لدولة عربية مع إسرائيل، وقعتها مصر بعد معاهدة “كامب ديفيد” عام 1979، ثم وقعت الأردن ما يعرف بمعاهدة “وادي عربة” عام 1994.
لفت الباحث بمركز “جسور للدراسات” وائل علوان، إلى أن هذه الاتفاقيات التي يثار الحديث عنها هي مشروع أمريكي لإنهاء الصراع الفلسطيني والعربي مع إسرائيل.
ويعاد طرحه اليوم مع تطور العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة السورية، فالمشروع يرعاه ترامب، ويحاول ضم بلدان عربية إليه.
ويعتقد الباحث بمركز “جسور” علوان، في حديثه لعنب بلدي، أن هناك قضايا سيتم نقاشها قبل الخوض بدخول سوريا في اتفاقات “أبراهام”.
وأوضح علوان أن أهم القضايا التي يجب أن تناقش، عودة إسرائيل عن الأراضي التي اجتاحتها وتوقف “اعتداءاتها” بشكل كامل، وإعادة إقرار أو النقاش حول اتفاق فض الاشتباك ووقف إطلاق النار.
بعد هذه الخطوات، يتوقع علوان، أن الحكومة السورية ستكون ضمن المبادرة التي تقودها المملكة العربية السعودية في أي علاقة تتعلق بإسرائيل.
وضمن مسعى ترامب لضم دول عربية لاتفاقات “أبراهام” يحاول إقناع السعودية للحاق بالدول المطبعة، إلا أن الرياض حافظت على موقفها، بأن أي تطبيع مرهون بتحقيق حل “عادل وشامل” للقضية الفلسطينية، وفقًا لمبادرة السلام العربية لعام 2002.
وتنص المبادرة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
الزميل في معهد “واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” هارون زيلين، حدد خطوات ينبغي لواشنطن فعلها، في سبيل تسريع مسار التطبيع السوري- الإسرائيلي.
وقال زيلين بمقال تحليلي، إنه ينبغي على واشنطن إما تسهيل جولة جديدة من المحادثات بين إسرائيل وسوريا، أو دعم عملية الوساطة القائمة حاليًا التي تقودها الإمارات.
وكانت وكالة “رويترز” وصحيفة “يدعوت أحرونوت” تحدثتا عن لقاءات بين مسؤولين سوريين وآخرين إسرائيليين على طاولة واحدة برعاية إماراتية في العاصمة أبو ظبي.
زيلين يرى أن المحادثات الجديدة يمكن أن تساعد في تحديد الشروط أو تقديم ضمانات أمنية تتعلق بانسحاب إسرائيل المحتمل من الأراضي التي سيطرت عليها بعد سقوط النظام السابق في كانون الأول 2024.
وقد يمهد ذلك بدوره الطريق أمام اتفاق فض اشتباك، ومناقشات حول انضمام سوريا لاحقًا إلى اتفاقيات “أبراهام”، وفق زيلين.
على الجانب الآخر، ذكر الباحث الأمريكي، أنه ينبغي على واشنطن أيضًا أن تحث دمشق على الاعتراف رسميًا بأن منطقة مزارع شبعا هي أراضٍ سورية وليست لبنانية.
ولفت إلى أن الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، أكد هذه النقطة خلال مفاوضات منتصف العقد الأول من القرن الحالي.
وأشار إلى أنه على الحكومة الجديدة بدمشق أن تجعلها سياسة رسمية في إطار محادثات ترسيم الحدود مع بيروت، إذ أصبحت هذه المسألة “ملحّة” من جديد في ظل محاولات الحكومة اللبنانية الجديدة تقويض “حزب الله” وشبكاته العابرة للحدود في التهريب.
الحديث عن التطبيع السوري مع إسرائيل بعد سقوط النظام السابق، ليس جديدًا، بالرغم من القصف الإسرائيلي ورسائل عدم الثقة تجاه السلطات الجديدة بدمشق.
وفي أول لقاء من دبلوماسيين أمريكيين مع الإدارة الجديدة بعد سقوط النظام، قالت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، في إدارة الرئيس السابق جو بايدن، في 16 من كانون الثاني الماضي، إنه من المتوقع التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا خلال السنوات المقبلة.
وفي 25 من شباط الماضي، قال مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، خلال فعالية للجالية اليهودية في واشنطن، إن هناك إمكانية لانضمام سوريا ولبنان للتطبيع مع إسرائيل.
واستند ويتكوف بتوقعه إلى الضربات القوية التي تعرضت لها القوى المدعومة من إيران، في إشارة إلى “حزب الله” اللبناني وسقوط نظام الأسد.
وبعد زيارتهما إلى دمشق ولقائهما الشرع، صرّح النائبان في “الكونجرس” الأمريكي، مارلين ستوتزمان وكوري ميلز، أن الرئيس السوري منفتح على علاقة مع إسرائيل وفق اتفاقات “أبراهام”.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى