
مهجر يعود لتربية الأسماك في سهل الغاب 9 آيار - 2025 (عنب بلدي / إياد عبد الجواد)
مهجر يعود لتربية الأسماك في سهل الغاب 9 آيار - 2025 (عنب بلدي / إياد عبد الجواد)
عنب بلدي – زينب ضوا
عاد كثير من مربي الأسماك إلى مهنتهم في سهل الغاب بريف حماة الغربي بعد انقطاع دام لسنوات عديدة بسبب الحرب التي كانت تشهدها تلك المنطقة بعد انطلاقة الثورة السورية عام 2011، ما سبب تراجعًا في تربية الأسماك بعد أن كان يصدر السهل أجود أنواعها إلى باقي المحافظات السورية ودول الجوار.
ويعتبر سهل الغاب من المناطق السورية المشهورة بتربية الأسماك، إذ تشكل الأسماك وتربيتها مصدرًا اقتصاديًا لسكان المنطقة.
وخلال المواجهات العسكرية في سهل الغاب والمناطق المحيطة به في الريف الغربي لحماة، قطع النظام المحروقات والأعلاف والأدوية البيطرية عن المنطقة، إضافة إلى الكهرباء، وذلك كان بداية الطريق في تراجع إنتاج الأسماك في الغاب.
يروي حسن عليوي، لعنب بلدي، قصة تهجيره مع عائلته من منطقة سهل الغاب عام 2019 إلى حارم في ريف إدلب، إذا اضطر وقتها لترك جميع المسامك التي دفع عليها تكاليف باهظة، وعندما عاد وجدها مسروقة بشكل كامل، ولم يعثر على “الموتورات” و”الشراقات” وغيرها من الأجهزة والأدوات التي تركها.
وقال إنه بعد التهجير إلى حارم تجسدت المعاناة، إذ ترك مسامك كان يملكها في الغاب، وكانت تقدر أرباح الحوض الواحد بحوالي 50 ألف دولار، لكن تمت سرقة جميع المعدات.
وفي حارم، ورغم كل الصعوبات المالية المتزامنة مع إشكاليات كبيرة في تصريف الإنتاج وتسويقه، أنشأ حسن عليوي مسمكة في ريف جنديرس عند التهجير وأخرى في ريف العاصي بمساحة 50 دونمًا تقريبًا، وكانت الصعوبة المالية تتجسد في دفع تكاليف إضافية وتسويق الإنتاج.
وأضاف المربي أن هذه المهنة هي مصلحة جده وأبيه وأصبحت مهنة العائلة، ومن ساعده في تطوير أدواته هو أبوه، وأصبح يتعلم تربية الأسماك و”التفريش” العشوائي والاصطناعي وأمراض السمك وعلاجها من خلال المداومة على الممارسة.
بعد سقوط نظام الأسد، عاد حسن عليوي إلى منطقة سهل الغاب لمزاولة مهنته، لكنه وجد المسامك في حالة يرثى لها وتحتاج إلى إعادة تأهيل من الصفر، وهو يعمل على محاولة استعادة الأرض من خلال التجريف بـ”البلدوزر”، وتجهيز “موتورات” المياه.
وفي خضم هذه العملية يتكبد المربي حسن تكاليف كبيرة، إذ تصل ساعة “البلدوزر” إلى 50 دولارًا، في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار المواد اللازمة كـ”البلوك” والأسمنت، وهذا ما يفاقم المشكلة.
مهنة تربية الأسماك كانت في أحسن أحوالها قبل انطلاقة الثورة، وكانت توجد تسهيلات تقدم لأصحاب المسامك، أما اليوم فهم لا يتلقون فيه أي دعم، بحسب ما ذكره المربي.
وأشار حسن إلى أن 70% من عملهم يعتمد على سمك الزينة ويتم تصديره إلى العراق والسعودية وتركيا، إضافة إلى السلور ويتم تفريخه بشكل عشوائي أو اصطناعي.
سقوط نظام الأسد أعطى الفرصة لعدة مربين أجبروا على ترك مسامكهم للعودة، إذ قال المربي سالم خالد حاج قدور لعنب بلدي، إنه ترك مسامكه التي تعلم فيها أصول وأساسيات التربية منذ طفولته.
في أيام الثورة وقبل التهجير إلى تركيا، كان سالم يعمل رغم كل الصعوبات، لكن بعد سيطرة نظام الأسد على المنطقة، ترك كل شيء وانتقل إلى تركيا.
وأشار إلى أن الأضرار كبيرة وهي متعلقة بخراب كل المسامك، إذ تم نهبها وتدمير البناء الذي كان يقطن فيه ضمن المزرعة إضافة إلى سرقة الحديد.
ويعاني سالم بعد عودته من تأخره في إنتاج الموسم بسبب الصعوبات، وطالب الحكومة بمد العاملين بتربية الأسماك في المنطقة بالكهرباء، إذ تمت سرقة المحولات التي كانت تغذي المسامك بالكهرباء لتأمين المياه، وهم حاليًا يعتمدون على الطاقة الشمسية لكنها لا تمد المسامك بالمياه إلا في النهار.
وأوضح سالم أنه يربي أسماك الكرب والمشط والعشبي والسمك الفضي، مضيفًا أن هذه المهنة تعني له الكثير فهو ورثها عن جده وفيها متعة وتحتاج إلى جهد ومراقبة للنجاح في هذا العمل.
وتشير الإحصائيات إلى أن سهل الغاب كان ينتج قبل الثورة بمعدل سنوي نحو ستة آلاف طن من الأسماك من مزارع خاصة وحكومية، نظرًا للبيئة المناسبة لتربية الأسماك التي يتمتع بها الغاب، ويحوي الأخير قرابة 350 مزرعة سمك على مساحة 6400 دونم، حيث تربى الأسماك ضمن أحواض ترابية تتراوح مساحة كل منها بين 10 و50 دونمًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى