ناشطون سوريون من مجموعة "عائلات من أجل الحرية" في برلين يتضامنون مع عائلات المعتقلين في السجون السورية ببرلين- 7 من أيار 2022 ("Families-For-Freedom")
"صلاحياتها محدودة"..
مطالب بتعديل آلية عمل هيئة العدالة الانتقالية
حذّرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من أن الصلاحية المحدودة لهيئة العدالة الانتقالية تقوّض مصداقيتها وتقصي العديد من الضحايا.
ودعت المنظمة الحقوقية في بيان لها اليوم، الثلاثاء 20 من أيار، الحكومة السورية لضمان أن يكون للناجين والمجتمعات المتضررة دور محوري في تشكيل عملية العدالة الانتقالية.
وقالت المنظمة تعليقًا على مرسوم الرئاسة السورية بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والهيئة الوطني للمفقودين، إنه “يُمكن لهاتين الهيئتين أن تمثلا نقطة تحول في كشف ما لحق بسوريا من فظائع وتحقيق المساءلة حيالها”.
وذكرت المنظمة أن الإعلان الدستوري السوري، الصادر في آذار الماضي، وعد بإنشاء هيئة فيها “آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف للضحايا والناجين”.
اقتصار على جرائم النظام المخلوع
وأشارت إلى أن مرسوم إنشاء هيئة العدالة الانتقالية يقتصر على الجرائم التي ارتكبها نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد فقط، مُستثنيًا ضحايا الانتهاكات التي ارتكبتها الجهات غير الحكومية، كما أنه لا يوضح كيفية إشراك الضحايا بفاعلية في تشكيل عمل اللجنة أو المشاركة فيه، أو ما إذا كان سيتم ذلك.
وقالت “رايتس ووتش” إن إنشاء الهيئة الوطنية للمفقودين “قوبل بتفاؤل مشوب بالحذر، لكن سيعتمد نجاحها على الشفافية، وإطار عمل قائم على الحقوق، ومشاركة حقيقية للضحايا، كما هو الحال مع الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”، مؤكدة أنه “من دون هذه العناصر، لن ينجح حتى هذا الجهد الهام في تلبية توقعات السوريين المُبررة”.
وأضافت أن “الفظائع الأخيرة وتصاعد الخطاب الطائفي يؤكدان على الحاجة المُلحة إلى عملية عدالة انتقالية شاملة لجميع السوريين، وليس لبعضهم فقط”، معتبرة أن “الحكومة السورية تقف الآن عند مفترق طرق: إما أن تتبنى عملية حقيقية تُركز على الضحايا وتُقر بحقوق جميع الناجين، أو تُديم الإقصاء وتُعمّق الانقسامات”.
عضو “رابطة عائلات قيصر”، ياسمين المشعان، قالت لعنب بلدي إن الكشف الكامل عن حجم الجرائم التي ارتكبها النظام البائد، تعدّ من أكبر وأوسع الانتهاكات الموثقة من حيث الحجم والطبيعة المنهجية، إلا أن ذلك يجب أن يتزامن مع وضع خريطة شاملة للانتهاكات المرتكبة من قبل جميع الأطراف، في جميع المناطق، وعلى مدى السنوات الماضية، ليس بهدف المساواة بين الجناة، وإنما لتعزيز المساءلة وكسر دائرة الإفلات من العقاب بشكل عادل ومتوازن.
وأضافت أن العدالة الانتقالية لتحقق الأهداف المرجوة منها، ألا وهي السلم الأهلي، لا بد أن تتسم بالشمولية وألا تكون انتقائية، ولاسيما أن نظام الأسد وما فعله، ساهم في ظهور أطراف أخرى يجب أن يذكر ذلك صراحة في القرار، بغية محاسبتها.
ياسمين المشعان ضربت مثالًا عن قصور قرار تشكيل هيئة العدالة الانتقالية بحالتها، “أنا فقدت خمسة أخوة، أربعة على يد النظام وواحد على يد تنظيم الدولة”.
قرار تشكيل الهيئة يستثني ابن شقيق ياسمين، الذي قتل على يد التنظيم، من التعويض ورد الاعتبار، في حين يمنح أبناء عمومته ذلك. ورغم أنهم أطفال الآن، إلا أن هذا “سيكون مستقبلًا سببًا للتفرقة بينهم”.
ولفتت المشعان إلى أن يجب توضيح معنى كلمة جسيمة، وما هي الجرائم التي تعتبر جسيمة، مضيفة، “إننا كعائلات الضحايا لم يتم مشاورتنا في صياغة هذا القرار، لأننا أصحاب الحقوق”.
مطالب لضمان العدالة
في ظل وجود بعض السلبيات في تشكيل هيئة العدالة الانتقالية، قالت عضو “رابطة عائلات قيصر”، ياسمين المشعان، إنه ما زال هناك فرصة للتصحيح، باعتبار مرسوم هيئة العدالة الانتقالية يشكل الأساس لوضع النظام الداخلي للموظفين وليس أعضاء الهيئة.
وحددت عضو “رابطة عائلات قيصر” عدة مطالبات لتصحيح آلية عمل هيئة العدالة الانتقالية.
– التريث بمهلة الـ 30 يومًا، لحين إقرار قانون خاص بالعدالة الانتقالية.
– اعتبار المرسوم يتحدث عن المسار الإجرائي (كتابة النظام الداخلي المرتبط فقط بالأحكام الرئيسية، النظام الداخلي، الاجتماعات، أماكنها، آليات اتخاذ القرار..)
– إلحاق المرسوم بقانون خاص بالعدالة الانتقالية، يكون أول القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية، وعلى أسس تشاورية جدية وحقيقية تشمل الضحايا والمجتمع المدني وخبراء ومختصين.
– أن يحدد مرسوم تشكيل هيئة العدالة الانتقالية، صلاحيات واسعة واختصاصات وشروط تعيين الأشخاص الذين يشغلون عضوية الهيئة.
في السياق ذاته، أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أن “الاتجاه الذي ينبغي اتباعه واضح”، مشيرة إلى أن “الناشطين والمحامين والناجين السوريين قادوا النضال من أجل العدالة لسنوات عديدة، ووثّقوا الانتهاكات ودعموا العائلات التي تبحث عن أحبائها، وتفاعلوا مع آليات العدالة الدولية، هو ما يجعل مشاركتهم ضرورية، وليست اختيارية”.
وطالبت المنظمة السلطات السورية بالاستفادة من التجارب الناجحة للتعاون بين آليات الأمم المتحدة ومنظمات الضحايا، مثل المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في سوريا، وضمان أن يكون للناجين والمجتمعات المتضررة دور محوري في تشكيل تصميم عملية العدالة الانتقالية وأهدافها وتنفيذها.
وأكدت “رايتس ووتش” أنه ينبغي على شركاء سوريا الدوليين توضيح أن دعم هذه الجهود سيعتمد على نهج شفاف وشامل ويركز على الضحايا”، مشددة على أن “هناك فرصة ملموسة لتحقيق عدالة حقيقية، لكن هذه الفرصة ستضيع إذا استبعدت العملية بعض الضحايا أو همشتهم”.
ترحيب بهيئة العدالة الانتقالية
قرار تشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا نال ترحيبًا من عدة جهات، حيث اعتبره الاتحاد الأوروبي، خطوةً مهمةً نحو العدالة الشاملة والحقيقة التي يستحقها الشعب السوري.
وقال القائم بأعمال بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا، ميخائيل أونماخت، في تغريدة عبر في منصة “إكس”، إن تشكيل اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية واللجنة الوطنية للمفقودين في سوريا، يعد خطوة مهمة لمعالجة ملفات بالغة الأهمية في مسار عدالة شاملة.
وأضاف أونماخت، “الاتحاد الأوروبي يواكب هذه التطورات، ويأمل بتعاون اللجان مع المجتمع المدني السوري والمنظمات الحقوقية الدولية، وهو مستعد للتعاون إذا طُلب منه ذلك”.
كما رحبت بريطانيا بتشكيل الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية والهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية، إن “هذه الخطوة مهمة تجاه تحقيق العدالة والمصالحة للشعب السوري، ونواصل إعطاء أولوية للجهود في هذا المجال، ونقف على أهبة الاستعداد للتعاون بهذا الصدد”.
من جهتها قالت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، إن إنشاء الهيئتين الوطنيتين الجديدتين للأشخاص المفقودين والعدالة الانتقالية في سوريا، خطوة أساسية من أجل كشف الحقيقة حول المفقودين والانتهاكات الجسيمة المرتكبة في سوريا.
وأضافت اللجنة أنها تتطلع إلى المشاركة في تحقيق العدالة وجبر الضرر وعدم التكرار لجميع الضحايا.
ما صلاحيات كلا الهيئتين؟
كان الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، أصدر في 17 من أيار، المرسومين رقم “19” و”20″ لعام 2025، القاضيين بتشكيل “الهيئة الوطنية للمفقودين” و”الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”، وذلك استنادًا إلى أحكام إعلان الدستوري والصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية.
نص المرسوم رقم “19”، على تشكيل هيئة مستقلة باسم “الهيئة الوطنية للمفقودين”، تتولى مهمة البحث والكشف عن مصير المفقودين والمختفين قسرًا.
إضافة إلى توثيق الحالات، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية، وتقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلاتهم.
ووفقًا للمرسوم، يعين محمد رضي جلخي رئيسًا للهيئة، ويكلف بتشكيل فريق العمل ووضع النظام الداخلي خلال مدة أقصاها 30 يومًا من تاريخ الإعلان.
كما حصلت الهيئة على صلاحيات الاستقلال المالي والإداري واعتبارها شخصية اعتبارية، وتمارس مهامها في جميع أنحاء الأراضي السورية، بحسب ما جاء في نص المرسوم.
ونص المرسوم رقم “20”، على تشكيل هيئة مستقلة باسم “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”، تعنى بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي تسبب بها النظام السابق، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية.
وبموجب المرسوم، يعين عبد الباسط عبد اللطيف رئيسًا للهيئة، ويكلف بتشكيل فريق العمل ووضع النظام الداخلي خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا من تاريخ الإعلان.
كما اعتبر المرسوم الهيئة شخصية اعتبارية، ومنحها الاستقلال المالي والإداري، وصلاحية ممارسة عملها في جميع أنحاء الأراضي السورية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :