
سكان حلب يشتكون الحفر في الطرقات - أيار 2025 (عنب بلدي/ محمد ديب بظت)
سكان حلب يشتكون الحفر في الطرقات - أيار 2025 (عنب بلدي/ محمد ديب بظت)
عنب بلدي – محمد ديب بظت
تشهد شوارع مدينة حلب شمالي سوريا، خاصة في أحيائها الشرقية، تدهورًا في بنيتها الطرقية، وتعتمد المجالس الخدمية بشكل رئيس على أعمال صيانة مؤقتة تتكرر مع هطول الأمطار أو زيادة الضغط المروري، ما يؤثر على استدامة هذه الحلول.
يضطر سائقو سيارات الأجرة والدراجات النارية إلى تغيير مساراتهم يوميًا في حي صلاح الدين لتفادي الحفر المنتشرة في شارع “الحشكل”.
معتز، سائق سيارة أجرة، قال لعنب بلدي، إنه يختار كل يوم طريقًا جديدًا، فالحفر تصعّب عليه العمل، والسيارة تتعطل كل أسبوع.
ولا يختلف الحال كثيرًا في أحياء السكري والفردوس والمشارقة، حيث تتحول بعض الشوارع الفرعية إلى طرق غير سالكة، إذ أكد سكان من تلك الأحياء أن الأعمال غالبًا ما تقتصر على “ترقيع موسمي”، حسب توصيفهم، لبعض الشوارع الرئيسة، دون معالجة جذرية للبنية التحتية التي تضررت بفعل الحرب والإهمال، إضافة إلى الحفريات المتكررة التي تنفذها شركات الخدمات كالمياه والكهرباء.
تدهور الطرق لا ينعكس فقط على حركة السير، بل يفرض أعباء مالية إضافية على السكان، إذ قال “أبو علاء”، وهو أحد سكان حي المشارقة، إنه اضطر لإنفاق جزء من مدخراته لإصلاح سيارته بعد اصطدامها بحفرة.
ووفق ما رواه سكان لعنب بلدي، فإن المشكلة لا تقتصر على المركبات، بل تشمل أيضًا المشاة، وخصوصًا كبار السن وذوي الإعاقة، فغياب الأرصفة الصالحة للمرور وتلف الإنارة وامتلاء الطرق بالحفر، كلها عوامل تجعل من التنقل اليومي مهمة شاقة خاصة في فصل الشتاء.
من جانبه، أوضح مسؤول المشاريع الخدمية في محافظة حلب، مصطفى قرنفل، أن فرق الصيانة تعمل حاليًا على إصلاح بعض الطرق وفق الإمكانيات المتاحة، مشيرًا إلى إعطاء الأولوية للأحياء الشرقية نظرًا لما تعرضت له من دمار “كبير” في بنيتها التحتية، سواء من ناحية الطرق أو الخدمات.
وأشار إلى أن أعمال “التزفيت” تُنفذ حاليًا بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، بينما ينتظر مجلس المدينة اعتماد الميزانية المقررة بعد حزيران المقبل، للبدء بخططه الكاملة في “تزفيت” الطرق المتضررة ضمن قطاعاته المختلفة، إذ رفعت تقارير تقييم الاحتياج والمخططات اللازمة لهذه الأعمال.
وحول واقع مجابل الأسفلت، أوضح قرنفل أن المجبلَين التابعَين لمجلس المدينة مدمّران وخارجان عن الخدمة تمامًا، ما يضطرهم إلى شراء مادة الأسفلت من مجابل خاصة، بتكلفة مرتفعة يصعب التحكم بها.
وقال إن المجبلَين تعرضا منذ عام 2013 لأعمال سرقة وتخريب، ولا يحتويان اليوم على أي من المعدات اللازمة، وتقدّر تكلفة إعادة تأهيل كل منهما وإعادته إلى الخدمة بنحو 500 ألف دولار.
ولفت إلى أن أعمال “التزفيت” شملت مؤخرًا حي باب النيرب، حيث تمت زيارة ميدانية برفقة رئيس مجلس المدينة للاطلاع على جودة “الزفت” والمواصفات الفنية للمواد المستخدمة، مؤكدًا أن الأعمال لا تزال جارية، مع تنفيذ مشاريع صرف صحي مرافقة.
وبيّن أن عملية ضبط جودة الأسفلت تشمل الالتزام بالتدرج الحبيبي (توزع حجم المواد في خلطة الأسفلت) وسماكة الطبقات، وفق المواصفات الفنية المعتمدة.
وأشار قرنفل إلى أن المشاريع النوعية، مثل صيانة الطرق الرئيسة التي تربط أحياء حلب ببعضها، أو التي تصل المدينة بأريافها، خضعت لدراسات أعدتها مديرية الخدمات الفنية، وجرى رفعها إلى وزارة الإدارة المحلية.
ومن الطرق ذات الأولوية للصيانة القريبة، طرق حلب الواصلة إلى الأتارب واعزاز ودارة عزة في الأرياف الشمالية والغربية، وغيرها التي تعاني أضرارًا واضحة.
من جانب آخر، أوضح مسؤول المشاريع الخدمية، أن تنفيذ أي مشروع منها مرتبط بتأمين التمويل اللازم، وهو التحدي الأبرز الذي يعرقل أعمال “التزفيت” والصيانة في المحافظة.
وأكد أن خطط العمل تقوم على شقّين، الأول يعتمد على دعم المنظمات والجمعيات والفعاليات الاقتصادية، مثل التجار أو التبرعات المحلية، بينما يتطلب الثاني تمويلًا حكوميًا لضمان استدامة الأعمال.
ردًا على الانتقادات التي طالت جودة أعمال الصيانة وفشلها بعد فترة قصيرة، أوضح قرنفل أن المشكلة ترتبط بطبيعة المناطق غير المنظمة، خاصة في الأحياء الشرقية.
وتضطر الجهات الخدمية إلى حفر الطرق مجددًا بعد استكمال أعمال “التزفيت”، بسبب أعطال في الصرف الصحي أو شبكات المياه، ما يؤدي إلى تلف الأسفلت، بحسب قرنفل.
كما أشار إلى أن بعض هذه المناطق تعاني من شبكات بنية تحتية غير كافية، ما يجعل جودة الطرق عرضة للتأثر الدائم.
وذكر أنه يتم العمل على إنشاء “غرفة الحفريات”، وهي غرفة تنسيقية تضم جميع الجهات المعنية بالبنية التحتية، تهدف لضمان تنفيذ جميع أعمال الحفر والصيانة قبل “التزفيت”، لتفادي إعادة الحفر مستقبلًا.
وشدد على أن مجلس المدينة بات يطلب تعهدًا أو ضمانًا من أي جهة تقوم بأعمال حفر في الطرق، يقضي بإعادة الوضع إلى ما كان عليه حتى في الحالات الطارئة، حفاظًا على جودة الطرق وسلامتها.
تعرضت شوارع مدينة حلب، وخصوصًا الشرقية منها، لأضرار كبيرة نتيجة العمليات العسكرية والحملات التي نفذها النظام السوري السابق خلال سنوات الحرب التي اندلعت داخل أحياء المدينة، في آب 2012.
وشمل الدمار، بشكل واسع، البنية التحتية من شبكات للصرف الصحي والمياه والكهرباء، إلى جانب الطرق التي تضررت بشكل مباشر.
واستهدف القصف الجوي والمدفعي الشوارع الرئيسة التي تربط الأحياء الشرقية بالغربية، ما أدى إلى فصلها عن بعضها لسنوات، وسط إقامة حواجز ترابية ووجود نقاط تفتيش وعوائق عسكرية أثّرت على حركة السكان والتنقل بين الأحياء بشكل كبير.
كما شهدت تلك المناطق اشتباكات متكررة أثّرت على حالة الطرق وخلقت تحديات جديدة في إعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى