انخفض عدد "البسطات" في الأسواق الشعبية المتنقلة في مدينة إدلب - 13 أيار 2025 (عنب بلدي/ سماح علوش)
مع عودة المهجرين وارتفاع الرسوم
انحسار”بسطات” الأسواق الشعبية بإدلب
إدلب – سماح علوش
مع ارتفاع درجات الحرارة، حملت روعة مصطفى كيسها القماشي وقصدت السوق المتنقل (البازار) باكرًا في حي شارع “الثلاثين” بمدينة إدلب، لتشتري لأولادها الأربعة ملابس قطنية من بسطات “البالة” تلائم حر الصيف، لكنها فوجئت بارتفاع الأسعار، وقلة عدد “البسطات”، مع بدء الموسم الصيفي.
لم تجد السيدة حاجتها في السوق المتنقل، فقد كانت “بسطات البالة” تبيع القطع المستعملة بحسب نظافتها، وكانت أسعار الألبسة تتراوح بين 10 ليرات تركية (2200 ليرة سورية) و20 ليرة تركية، لكنها ارتفعت هذا الموسم للضعف وبجودة متوسطة وبكميات أقل.
وقالت روعة لعنب بلدي، إن عدد “البسطات” انخفض، ولم يعد السوق يشهد ازدحامًا عما كان عليه سابقًا، كما يتركز الطلب على بائعي الخضراوات ومواد التنظيف.
وفق رصد عنب بلدي، انخفض عدد “البسطات” في الأسواق الشعبية المتنقلة، بعد أن كانت منتشرة في مختلف أحياء مدينة إدلب، حيث يعرض الباعة بضائعهم المختلفة من ألبسة مستعملة وجديدة، ومواد تنظيف وأدوات منزلية وألعاب، ومواد غذائية.
“البسطات” التي كانت مقصدًا للأهالي وتوفر الكثير من احتياجاتهم، تراجع عددها بعد أن كانت توفر عليهم عناء الذهاب إلى السوق الرئيس، وبالأخص للأحياء البعيدة عنه.
لم تعد تلبي الاحتياجات
عبّرت السيدة كريمة (من إدلب أيضًا) عن أسفها لرحيل بعض الباعة، وعن معاناتها في تأمين احتياجاتها، فقد اعتادت شراء التوابل والمواد التموينية بجودة عالية وأسعار مقبولة من بائع قرر ترك “البازار” والعودة إلى بلدته في ريف إدلب الجنوبي ليستقر فيها ويؤسس من جديد.
وبعد جولة عنب بلدي على “بسطات” الألبسة الأوروبية المستعملة (البالة)، أجمع معظمهم على أن سبب ارتفاع الأسعار هو عدم قدرتهم على شراء كميات كبيرة، بسبب ارتفاع رسوم الجمارك التي فرضت على المنتجات المستوردة.
وقال بعض أصحاب “البسطات”، إنهم كانوا يجمعون الألبسة التي تكسد ولا تباع في المحال الكبرى، ويبيعونها بسعر قليل، ومع ذلك ارتفع سعرها أيضًا، فأصبح البحث عن بضاعة جديدة بسعر مقبول يلبي حاجة الزبائن أمرًا صعبًا ما تسبب بارتفاع الأسعار، وعزوف بعضهم عن العمل بها والبحث عن منتجات أخرى لبيعها.
وبالنسبة لأسعار الألبسة الجديدة التي تعرض في “البازارات”، فهي أقل من الموجودة في الأسواق الرئيسة، لأن أصحابها يبيعون بربح أقل بحكم عدم ارتباطهم بإيجار محل ونفقات أخرى، فهي شعبية وبجودة متوسطة.
ورغم ذلك، لا تلقى الألبسة الجديدة في “البازارات” إقبالًا من قبل الأهالي، وفق ما قاله عمر الحاج صاحب إحدى “البسطات”.
عودة المهجرين
عبد الملك حمدو، صاحب إحدى “بسطات” الأدوات المنزلية قال، إن عدد الباعة انخفض بسبب عودة بعضهم إلى قراهم وبلداتهم بعد سنوات من التهجير.
وذكر أنهم كانوا يتزاحمون سابقًا على اختيار مكان مناسب لفرش بضائعهم، أما الآن فقل العدد واختفت بعض المنتجات بسبب عودة أصحابها لبلداتهم.
وأضاف أن ارتفاع أسعار المنتجات والبضائع بشكل متتالٍ، تسبب بخسائر لأصحاب “البسطات” الذين يعتمدون على رأس مال صغير وربح محدود، وبالتالي لا يمكنهم تعويض الخسائر، فأخذ بعضهم يبحث عن مصدر رزق آخر يؤمن له معيشته، ولا يحتاج إلى رأس مال.
أما أحمد، صاحب بسطة “إكسسوارات” ومواد تجميل، فاعتبر أن الأسواق المتنقلة ما زالت موجودة رغم انخفاض عدد “البسطات”، وقد اعتاد أهالي كل حي على الباعة، وأصبح هناك نوع من الألفة بينهم.
وذكر أن معظم الباعة من المهجرين، وأي مبلغ كانوا يوفرونه سابقًا لشراء بضاعة، عليهم الآن استثماره في إعادة إعمار بيوتهم المدمرة واستصلاح أراضيهم في الأرياف، بعد أن قام نظام الحكم السابق بقطع الأشجار وجعل الأراضي قاحلة دون حياة.
ورغم انخفاض عددها، وتراجع عملها ومنتجاتها، لا تزال “البازارات” المتنقلة ملاذًا لذوي الدخل المحدود، إذ يجدون فيها منتجات تلبي جزءًا من احتياجاتهم اليومية، وانحسارها يعود عليهم بأثر سلبي، نظرًا لغلاء المعيشة وارتفاع الأسعار في الأسواق بما لا يتناسب مع القدرة الشرائية لديهم.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :